راي :عبدالجليل النذير الكاروري التقرير الرسمي بعد فيضان القاش هذا العام يقول بإن النهر في يومين كان إيراده 250 مليون متر مكعب، وهذا يعادل نصف معدله السنوي، والحال أن الشهر الممطر أغسطس أمامنا، فالخطر يتعاظم على المدينة والمزارع، كما أن الطريق العابر قد انقطع في اليوم التالي مباشرة!! أما التقرير الإعلامي الرسمي فقد دعا لتضافر الجهود من أجل ترويض النهر (المتمرد المجنون)! مما دعاني للرد بأن النهر ليس مجنوناً، ولكنه مسجون في اليابسة، ممنوع من البحر حيث الصفرية، بالعربية سمي قاشاً لأنه إنما يجيش من مرتفعات اريتريا، حيث الكنتور يقرأ 3000 قدم فوق سطح البحر، بينما المصب في كسلا وأروما على درجة 600 فالفارق الكنتوري هو الذي يحدث الجيشان، وعندما تقل سرعته يفرغ ما يحمل من طمي على حوضه، حيث كان الكبري القديم يمرر البعير المحمل والآن لا يكاد يمرر الأغنام ! ما الذي جعل النيل يجري بطول القارة – أكثر من 6000 كلم - في حوض باللون الأخضر دليل انخفاضه؟ ذلك لأن تفريغه موصول بالصفر عن طريق تفرعه في البحر الأبيض عبر رشيد ودمياط، حيث التقى موسى بالخضر فموسى مثال الجيشان، والخضر مثل البحر الهادئ ! فإذا أردنا للقاش أن يهدأ علينا أن نهديه السبيل للبرذخية في البحر، أنه يأتي من الشرق ولكنه عند كسلا يتجه إلى الشمال الشرقي محاذياً قبلة الصلاة، لكنه ينقطع في أروما وبينه وبين نهر بركة أقل من 200 كلم، فنهر بركة ينبع من مرتفعات سنكات، ومن أريتريا يلتقيان جنوباً مشكلان لدلتا طوكر.. المطلوب فقط نزول الحفارات بعد الخريف لوادي القاش حتى الشتاء القادم، وخلال الستة أشهر يمكن حفر مجرى بعرض عشرين متراً وعمق أربعة إلى خمسة أمتار، بعدها يستطيع النهر أن يحفر مجراه كما النيل العظيم .. إن لم نفعل نكون كذبنا عملياً نعمة هذا المورد الخصيب، كما في القرآن مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فباي آلاء ربكما تكذبان؟ فالبرزخية بالفارق الكنتوري تمنع بغي البحر والنهر على اليابسة ! وقد سألت المهندس الدج عن عدم تدخل صندوق دعم الشرق لحماية وإدارة أنهاره ؟ فقال إن هذا غير مضمن، ويقيني أن الداعم -وهي الكويت- لن تبخل لو اقترحنا الأمر، وهي تعاني من نصف حرارة الغليان في يوليه أغسطس من كل عام!! تستطيع ليس فقط أن تدعم بل وتستثمر سياحياً في مرتفعات الشرق ووديانه، وتستطيع أن تحمل صقورها لصيد الحباري التي تذوقتُ طعمها في زياراتي لكسلا منذ سنين !!كما أن سباق الهجن بالبطانة هو الآخر منتجع ومصيف للداعمين . الماء أصبح سلعة والأصداف ثروة : إن أنهار الشرق لو وصَّلت لساقت الماء إلى الموانئ، فالماء الآن صار سلعة تنافس البترول، وهو في السعودية والخليج أغلى من البنزين ! كما أن السعودية والسودان قد اتفقا على استثمار كنوز البحر الأحمر، حيث الساحل السوداني غني بالماء المشربpatch water فلا تعيش اللآلئ إلا فيه (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)، وقد سألت عميد كلية البحار بجامعة البحر الأحمر كيف وأين تدرب طلابك وليس لك مصب نهري؟ فقال في مصب الخيران!! فهذه جدوى أخرى نستطيع بها أن نمول الحفريات المطلوبة، وإلا فالسؤال متكرر: (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان).. ولعل الجن حيث أجابوا النبي (ولا بشئ من آلاء ربنا نكذب) كانوا أهل مقدرة بالغوص طلباً لأصداف الزينة والشياطين كل بناء وغواص!! إن الميزانيات المهدرة في الحماية عبر السنين كافية للحل الجذري- كما قلت لمدير الشرطة الذي شهد الجمعة- فلتحولوا ملف الأنهار من الداخلية الى الري والزراعة من أجل الحماية الإيجابية بالتوظيف، فقد كان أهلنا في الشمال يقولون بسوق الماء كما قال حاج الماحي راحمنا بالنيل ومطرنا ترشع بلل يباسنا نسوق ونزرع يعنون بالسوق الري الجديد – البوغه - كأنما يستوحون تعبيرهم من النص (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) ؟ قال مجاهد : هذه الآية في نيل مصر ..وفي ذكر الجرز إشارة إلى عنصر آخر في جدوى الدراسة وهي إستصلاح الأراضي بفيض الأنهار . إن الجمع بين دلتا طوكر ودلتا القاش سيوفر بجانب الأمن الري الدائم، فيتوقع حين يصبح لهذه الأنهار مجرى أن تقوم عليها سدود لا علاقة لها بإنتاج الكهرباء، فقط الري بالراحة الذي هو إضعاف ما نسميه كهربة المشاريع الزراعية، حيث تنتج الكهرباء بالماء ثم ينتج الماء بالكهرباء! والمعروف في الطاقة أنه في كل تحويل إهدار ! كما أن سواقي كسلا وبساتينها ستسعد بتعميق المجرى، حيث الفيض يسقي السطح، بينما التحاريق تسقي المتر.. ففي الصيف يكاد أحياناً ماؤها يصبح غوراً. سعدت لما أطلعني والي البحر الأحمر على أن برنامجه للزراعة هو البستنة، فيستطيع الشرق أن ينتج التمور اللينة (مشرق) والأعناب، وهذه جدوى رابعة في الدراسة، فالتربة البركانية (حرام (بلغة المصريين أن توظف في إنتاج الحبوب، ففي جبل مرة قرأت (كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل) وكذلك الشرق تربته بركانية تغذيها الأنهار من الجبال، ولعل دلتا طوكر هي وحدها التي تأتيها الخصوبة من الجو فيما يعرف بالهبباي- بالمحلية عنتابيت - ( فبأي آلاء ربكما تكذبان). عن الخرطة المصاحبة أذكر أنني قدمتها للوالى الأسبق في كسلا –وكان الناظر ترك وقتها وزيراً فقال لي (خرطتك هذه هي طريق العرب للبحر)!! فهذا شاهد من أهلها فقولوا جميعا (ولا بشيء من آلاء ربنا نكذب)، لنجعل من سنة ستة عشر سنة حفر البحر ! ولنتفاءل بالرقم ستة عشر، لأن لقاء الأزرق بالأبيض في الخرطوم – بالمقرن - يقرأ 16 وليس 8كما نرسمه وإلا لما كانت بري ماب . وصل الله على النبي الذي كان يعجبه الفال