المتتبع للشأن الأكاديمي والأساتذة المشاركين في الجامعات السودانية والمعاهد العليا على كل مستوياتها والتي تتطلب شهاداتها مناقشة رسالة جامعية (مقفولة أو مفتوحة) لعلهم لاحظوا مؤخراً ما يرافق تلك الجلسات من أحداث ومناظر واحتفالات متمثلة في مشروبات ومأكولات وزينات. داخل القاعات والجلسات الأكاديمية لمناقشة الرسائل الجامعية تختلف في إجراءاتها من جامعة إلى أخرى ولكنها تتفق جميعاً في عقد جلسة لمناقشة مقدم الرسالة فيما كتب وقدم لنيل الدرجة العلمية (ماجستير دكتوراة) ويتفاوت عدد المناقشين من اثنين إلى خمسة أساتذة . ويسبق عادة جلسة المناقشة قراءة الرسالة وكتابة تقرير عن قبول إمكانية مناقشتها وذلك وفق معايير وضوابط وموجهات صادرة من كلية الدراسات العليا أو السكرتير الأكاديمي للمؤسسة.. فكانت بعض الجامعات تعقد جلسات مفتوحة يؤمها الحضور من كل الفئات والأجناس وجامعات تسمح بجلسات نصف مفتوحة أي يسمح للبعض بحضور الجلسة وأخرى تكتفي بمناقشة الطالب منفرداً دون حضور أي شخص وهي الجلسات المقفلة. وفي كل الجلسات درج أصحاب الرسائل بإحضار المشروبات والحلويات واصطحاب أفراد من أسرته. المظاهر الاحتفالية بدأت بتوزيع الحلوى والمشروبات بعد إجازة الرسالة وإعلان نجاح الطالب على الدرجة ولكنه تطور فيما بعد في بعض الجامعات بإحضار أنواع وكميات من الخبائز والبسكويتات والحلويات والمشروبات وتقديمها للحضور حتى قبل إعلان النتيجة كذلك في المناقشات المفتوحة تلاحظ حضور الأسر بأطفالها وكبارها وجلوسهم داخل قاعات المناقشة. وفي بعض الحالات التي يطلب منهم مغادرة القاعة لا يرحبون بهذا الطلب ولا يتجاوبون معه. فالمناقشة والتي تستمر عادة لعدة ساعات تتطلب جواً هادئاً تتاح فيه الفرصة للأساتذة والطالب أن يجيب على أسئلة الممتحنين ومناقشته في ما أورده من أقوال وأراء فهي عادة موضوعات أكاديمية وفنية لأتهم الأسر ولا يصبرون على متابعتها وترتسم على وجوهم الضجر والملل بعد مرور الوقت في تلك المناقشات الأكاديمية الجافة. وعلى تلك الجامعات والمؤسسات الأكاديمية وحفاظاً على رسالتها الأكاديمية والبحثية وجديتها أن توقف كل المظاهر الاحتفالية أثناء انعقاد جلسات المناقشة وأن تخصص قاعة أو بوفيه لإقامة تلك الاحتفالات بعد إعلان النتيجة وهو الأمر الذي تسير عليه معظم الجامعات بالخارج. كذلك من الملاحظات التي يجب أن تتخلص منها الجامعات السودانية تكليف الطلاب أنفسهم بتوصيل الرسائل الجامعية للأساتذة المناقشين ومتابعتهم بالمحادثات الهاتفية من أجل تحديد موعد مناقشة الرسالة. فيجب أن لا يسلم طالب رسالته لمناقش بل يفترض أن لا يعرف الطالب الأستاذ المناقش.ولا يقابله إلا في القاعة وكذلك الأستاذ وذلك حفاظاً على سرية المناقشة ومنعاً لأي تأثير يفرض على الأستاذ. وعلى الجامعات إرسال وتسليم الرسائل وردودهم عن طريق المراسلات وليس الطلاب. ومنع الطلاب من الاتصال وملاحقة الأساتذة بمواعيد المناقشات وكتابة التقارير .. وهذه أمور مهمة للمحافظة على قدسية العلم وعلى قدسية تلك الشهادات وعلى سمعة تلك الجامعات وشهاداتها.