د. تاج السر محجوب الأمين العام للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي كشف في خطابه الجامع أمام اجتماعات المجلس عن أرقام مذهلة موثقة من مصادر موثوق بها من الداخل ومن الخارج، عن أن السودان لا يتقدم فحسب، وإنما يقفز قفزاً مطرداً، ومع ذلك لا ندعي أننا حققنا ما نصبو إليه من تطلعات مشروعة، وإنما نحن نضع خطانا على الطريق الصاعد نحو تلك التطلعات، مشغولين بالهموم الاستراتيجية، وبإصلاح دواخلنا حتى نجود أداءنا إلى حد الامتياز، واضعين نصب أعيننا ما يمليه علينا أدب الوقت في الدين وثقافة الوقت في الدنيا، ذلك بأن التخطيط الاستراتيجي محسوب بوقت، وأهدافه مرصودة بزمن، والوقت محيط بالزمن!!. وقد جاء في ذلك الخطاب الاستراتيجي من المنظور القريب الذي يضم السنوات الثلاث من عمر الخطة الخمسية 2007-2009م مؤداه أن السودان يتقدم ولا يتأخر، إذ بلغ متوسط أدائه 58.75% من محاور الخطة التي تغطي ثالوث التنمية: التنمية السياسية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية، وتأتي التنمية الاجتماعية مشتركة بين التنميتين الأخيرتين، وقد بلغ متوسط معدلات الأداء في محور خفض معدلات الفقر وتحقيق أهداف الألفية (المقدر لنهايتها دولياً عام 2015م) ما معدله 63% وهو مؤشر قوي لنجاح الخطة التي تُستهدف، فيما تستهدف تحسين معيشة المواطنين ومحاصرة بؤر الفقر بعدة جبهات ومن عدة مشروعات، أهمها مشروعات النهضة الزراعية والصناعية والتعدينية برفع صادراتنا غير البترولية. أما من المنظور البعيد الممتد لعشرين عاماً خلت هي عمر الإنقاذ، فتأتي أرقامها من مصدر محلي، هو الجهاز المركزي للإحصاء، حيث رصد أن معدل النمو في آخر عهد ما قبل الإنقاذ قد هبط إلى 60% (بالسالب)، فقفز عام 2008م إلى 7.8 (بالموجب).. كما انخفض معدل التضخم من حوالي 150% قريباً من عهد ما قبل الإنقاذ (وهو أقرب إلى ما يعرف بالتضخم المفرط (Hyper In flation) إلى 11.2 عام 2009م. وأما المصدر الخارجي فهو البنك الدولي، في أحدث إصداراته في فبراير 2008م للمقارنة بين الدولي في الناتج المحلي الإجمالي، فجاء ترتيب السودان بالرقم 65 بين سائر دول العالم المرصودة في النتائج النهائية، متقدماً على سائر الدول التي تأتي بعده في الترتيب، وترتيب السودان متقدم لقياس تعداد سكانه، وبحسبان أن مشروعاته الكبرى لم تؤت نتائجها الكلية المخطط لها حتى الآن، وإنما هي مبشرة بالتقدم. فمشروعات النهضة الزراعية والصناعية تجري على قدم وساق، ومشروعاته في استكشاف البترول والذهب والغاز تدق على الأبواب، وتنمية الموارد البشرية تتقدم نحو أهدافها بخطوات ثابتة، يحيط بهذه وتلك توكل على الله العلي القدير هو الذي نعول عليه في الانتصار على الحرب النفسية الموجهة ضدنا من الداخل والخارج. ويكشف تقرير البنك الدولي عن أن ترتيب السودان، وهو (65) يتقدم على ترتيب دول افريقية وعربية عديدة. وبين دول آسيا الوسطى يتقدم السودان على روسياالبيضاء (70)، وأكرانيا (87).. أما في أمريكيا الجنوبية فيقع السودان ليس ببعيد عن كولومبيا وتشيلي (42-42) ومن بين دول أوربا الشرقية والغربية يتقدم السودان على بلغاريا (73) وأيسلندا (84) وسلوفانيا (66)، وقريباً من لكمسبرج، (63) علماً بأن ترتيب دول أوربية أخرى ليس بعيداً في البعد عن ترتيب السودان، حيث أن التشيكك (41) ونيوزيلنده (48) ورومانيا (49). كما يقع ترتيب السودان قريباً من منتصف ترتيب دول أوربية عديدة، النرويج (26)، البرتقال (34)، بولندا (25)، واليونان (29). ولا نذكر هذا الترتيب المشرف للسودان للتباهي والتفاخر، وإنما لعوامل ثلاثة: 1/ ما ينتظر السودان كثير من الجهد والدأب، حتى يخرج من دائرة الدول النامية ليلحق بالدول الصاعدة، وهو يملك الموارد الطبيعية والموارد البشرية، مع توسع رأسي لهما، لتحقيق ترتيب أعلى من ذلك بكثير. 2/ هذه المعلومات قصد بها شحذ همم أهل السودان، لتحريك قواهم الكامنة، وتفجير طاقاتهم المعطلة، وإزالة روح الإحباط التي تشاع من الداخل والخارج لوقف قفزتهم الصاعدة وإعادة ثقتهم في إرادتهم، وزيادة جرعة التفاؤل بمستقبلهم. 3/ وهي معلومات تثلج صدور منطقتهم العربية والافريقية التي تعول عليهم كثيراً في توفير الأمن الغذائي، لحاجة استراتيجية ملحة ترشح بلادنا لحل أشكالياتها. كما يثلج صدور المنطقة مساهمة السودان في احتواء التغير المناخي بالمشروعات الكبرى للطاقة، البديلة النظيفة الصديقة للبيئة، كاستخراج الكهرباء المائية من منظومة السدود، بل من مفاعل نووي سوداني، وكتصنيع الطاقة البيولوجية (الايثانول) من قصب السكر، وكتعدين الغاز الطبيعي، وهي من المشروعات المخطط لها رهن التنفيذ قريباً إن شاء الله.