سألت صديقي طبيب الأسنان الدكتور عارف عثمان بعد عودته الطوعية من كندا الى جدة عن سبب اختياره تخصص طب الأسنان ، الرجل اعتدل في جلسته بعد ان كشف على أسناني التعبانة وخلع الروب الأبيض ، وضغط على جهاز التسجيل في عيادته فتصاعد صوت سيد الغناء الراحل مصطفى سيد احمد بأغنية ( الدنيا ليل غربه ومطر ... وطرب حزين وجع تقاسيم الوتر ) ، وخلال انسياب الأغنية حدثني الصديق عثمان ان طبيب الأسنان من وجهة نظره الخاصة فنان ولكن فنان إيه ، فنان أزميله المشرط والمثقاب وان هناك علاقة وطيدة بين الفن بصفة عامة وتخصصي طب الأسنان ونظيره طب العيون ( الفيهن نعاس ) ، وواصل صديقنا الطبيب قوله ان الضحكة البيضاء لا يكون لها طعم ان كانت الأسنان متهرئة مثل أسناني المصابة بالتلف ، بالمناسبة اسأل سؤال غير مبتسم لماذا يهمل الشعراء والفنانون الأسنان في الخطاب الغنائي العربي من الماء إلى الماء ؟ ، فمثلا في تضاريس الأغنية السودانية لا نجد سوى بضعة أغنيات تعد على أصابع اليد الواحدة تتحدث عن الأسنان ، إما العيون فتحتل الصدارة في الخطاب الغنائي ومنها جرحتني عيونه ، العيون كيف أملها ، وأبو عيون جريئة وعويناتك ترع لولي ، والعيون السود ، وعيونك زي سحابة صيف ، المهم في تصوري ان الأسنان سوف تقوم في المستقبل القريب بمظاهرات عارمة تستخدم فيها العض لإهمالها من قبل الشعراء والفنانين ، وعلى ( طاري ) ذكر الشعراء للأسف هناك بعض التعساء يحالون الدخول إلى عالم الشعر هذا الصيد الجميل ويخربون الذائقة بالغثاء ، شيء آخر اكثر ايلاما ، الشعراء في الوقت الراهن في السودان دخلوا بقدرة قادر معمعة الصراعات وتوجيه قذائف من نوع قاتل ومدمر إلى بعضهم البعض ويبدو ان أصحابنا الشعراء تعلموا فنون العض من نظرائهم الفنانين وأخشى ان نستيقظ ونجد الحياة الفنية في السودان أصبحت ميتة ولا حياة فيها بعد ان سادة اللغة الهمجية في أوساط المطربين والشعراء وانتهت سيناريوهات (الناس الرايقة اللي بتضحك على طول) ، طبعا اذا ماتت الحياة الفنية في السودان تكون المقولة الساخرة التي تعبر عن حال الفن في السودان تحققت على دنيا الواقع ، نعم على دنيا الواقع ، وتنطبق علينا المقولة العربية الشهيرة الفن ولد في اليمن وترعرع في الحجاز وازدهر في الشام وصدح في المغرب وبكى في العراق ورقص في مصر وانتقل إلى رحمة الله في السودان ( الفاتحة على روحه آآآآآآآآمين ) ، لا اعرف من الخبيث الذي أطلق هذه المقولة ولكن أشقاءنا العرب هداهم الله يصرون على هذه المقولة خصوصا انه لا يوجد لا حس ولا خبر للمطربين السودانيين لدى الذائقة العربية ، إذن تعالوا نمسك بأسناننا على ما تبقى من الحياة الفنية في السودان قبل ان تصبح سداح مداح وبعدها نشيع (صاحبنا ) الفن إلى مثواه الأخير .