في الثمانينات، على ما أذكر، ظهر في السكة حديد قطار سريع، ويجري بسرعة متناهية، وعدد عرباته لا تزيد على الأربعة!! وكان اسمه قطار الوحدة!! هذا القطار به رأسان!! ويمكنه في لحظة أن يمشي في اتّجاه الشمال!! وإذا وجد قطار معطل في الطريق أو حدث له عطل فإنه يمكن سحبه بسهولة نحو الجنوب!!. في ذلك الوقت، وأنا طالب الثانوي، كان يتملكني إحساس ورغبة كبيرة في ركوب هذا القطار، ولكن الظروف لم تكن متاحة؛ بسبب «الثروة والسلطة» فالجيب كان مثل بيت يشكو قلة الفئران، وحتى لو عادت «الفئران»، فإن سلطتي في التحرك والانتقال بحرية محدودة، أشبه بقطر المناورة داخل المحطة!! فطالب الثانوي مسموح له فقط بالتحرك من المدرسة للبيت، وبالعكس، أما حكاية السفر فهو في نطاق «الحجم العائلي»!! وبمناسبة العائلي، لماذا انخفض الإقبال على المشروبات الغازية ذات الحجم العائلي؟ ولماذا عزفت هذه الشركات عن العزف على هذا الوتر؟. نعود لموضوعنا الأساسي «قطر الوحدة» والذي قلنا: إنه لم يعش طويلاً كحال كل القطارات، وكحال السكة حديد، التي فشلت كل الجهود والمحاولات في إيقاظها من جديد، والسبب أن المؤامرات عليها كبيرة، وهناك جهات ذات «مصالح» ومصالح لن تسمح لها بأن ترفع رأسها مرة أخرى!!. المهم نعود للنصّ!! والعود أحمد، ف«الخروج على النص» لا يقوى كثيرون على إتيانه، ويؤثرون «السلامة والعافية»، بعدم الخروج علىه، مهما كانت المغريات والدوافع والطموحات!!. انظر لتصريحات المسؤولين الجنوبيين، فهي مثل «قطر الوحدة»، لا تعرف إلى أين تتجه، فالسيد سلفاكير في خطاب تنصيبه يقول: إن المحافظة على وحدة السودان، هي الخيار الأول بالنسبة للحكومة الجديدة، وفي ذات الوقت يقول: إنه ملتزم بالعمل على وحدة شعب جنوب السودان، ويقول مسؤول آخر، وأظنه السيد واني بأن استقلال جنوب السودان هوالخيار الجاذب!! ويقول هذا: إنه مع الوحدة الجاذبة، ويقول ثالث: إنه مع انفصال الجنوب، ولا نعرف إلى ماذا ستقود هذه التصريحات، هل هي مناورات مكشوفة ومعروفة، للضغط على المؤتمر الوطني؛ لتقديم المزيد من التنازلات في هذه الاتفاقية العجيبة، التي تأكل كل شيء، فكل ما سألوها: قالت هل من مزيد؟ وإن لم تكن مناورة، فهل حسم الجنوب أمره نحو (الانفصال) وما يحدث هو عبارة عن تمهيد للخطوة القادمة والحاسمة..!! قولوا لنا الى أين يتجه «قطر الوحدة»؟ للشمال أم للجنوب.