إذن .. لا فائدة، فمشكلة صغيرة عابرة .. يمكن أن تقلب برامج الناس رأسا على عقب في الخرطوم ! و(قطر الخميس الفات) .. الذي تعطل نهار الخميس بشارع الغابة، وأربك الدنيا، لم تنحصر آثاره على شارع الغابة .. مكان تعطله، فلو كان الأمر كذلك .. لما استحق الأمر أي وقفة . لكن القطار، وبكرم حاتمي، قام بتوزيع المشكلة .. على كل شوارع وسط الخرطوم .. وتوقفت الحركة في الطرقات تماما، وقضى المحظوظون الذين أفلتوا من المطب ساعات طويلة للهروب إلى طرق أخرى، لكنهم أربكوا تلك الأخرى بزحامهم، فخنقوها أيضا، في حين بقي الكثيرون محبوسين محتارين، هل يتركون سياراتهم حيث هي، وينفذون بجلودهم، أم يبقون في انتظار فرج .. لم تكن أي بوادر تلوح بمجيئه ؟! أحد الأصدقاء قال إنه لن يقود سيارة في الخرطوم أبدا، وعندما سألته عن السبب، قال لأنه لا يريد أن يقضي باقي عمره محبوسا في مركبة بوسط العاصمة ! صديق آخر علق على ظاهرة الباعة الجائلين في شوارع الأسفلت، وقال إن البيع الجائل سببه الأساسي شلل الحركة، ولو انساب سير العربات .. لما بقي بائع متجول .. في الأسفلت الخرطومي ! ولنكون منصفين، فاختناق المرور يحدث في مدن العالم كلها، لكن خيال المخططين لشوارع تلك المدن، كان مستعدا لتصور الاكتظاظ، لأنهم زودوا تلك الطرق بمسارات للخدمة، ومخارج للطوارئ، وفتحات يمكن الاستعانة بها في حالات الاسعاف . أما في العاصمة السودانية، فالتدبيسة داخل شارع مغلق، معناها أن تقضي يومك داخل السيارة أو الحافلة، أو تختار رياضة المشي، حتى لو كنت تتوكأ على عكازين ! ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد (تمّت الناقصة) يوم الخميس، وتعطلت أيضا عربة تانكر داخل جسر الإنقاذ، وكان ذلك بتزامن عجيب مع تعطل القطار، ما جعل مسؤولا رفيعا بالمرور، يقر بأن تعطل التانكر (زاد الأمر تعقيدا) ! طبعا هناك جهود جبارة بذلت، وتحول مكان القطار ومكان التانكر لورش إصلاح، فتم معالجة الأمر بعد أن بلغت الأرواح الحلقوم، وانسابت الحركة، ليبقى شبح تكرار المشكلة كابوسا، يجعل صديقي، والكثيرين غيره، زاهدين في القيادة الخرطومية .. حتى لا يقضوا بقية حياتهم داخل شارع مختنق ! لا فائدة من الأحلام الكبيرة، ما دامت المشاكل الصغيرة تشل حياة الناس .. وأهل الخرطوم الحالمون بالمترو، والحافلات متعددة الأدوار، والترام، سيملأ حياتهم الفزع، حين يتصورون أن تلك الأحلام قد تتحول أيضا لكوابيس .. إذا تعطل المترو، أو انقطعت الكهرباء عن أسلاك الترام ! لا فائدة .. وسلاما سلاما .. يا قطر الخميس الفات !