· وصلا لزاوية الأمس أكتب سلسلة مقالات ترسم معالم الطريق لمستقبل زاهر سنبنيه لشمالنا الحبيب، دولتنا المرتقبة التى بحول الله ستتخلص من مقعدات وأوضاع حالت دون نهضتها المنشودة، وفى المقابل سنحرز محفزات كبيرة أكاد أراها تطل من بين وسط شعب الشمال ومن أعماق أراضيه وسطوحها وأراها كذلك تنهض مثل قرص الشمس من تاريخنا وحضارتنا وقيم شعبنا وعزيز أحلامنا وآمالنا، أراها فى الشمال المبروك الذى يحتضن الجياد والنخيل والسعانين التى فضلت الموت على الحياة عندما استقدمها بعض بني جلدتنا الى الجنوب لتعين الفقراء من أهلنا فى الجنوب على الحياة فماتت قبل أن تحتمل أسبوعا من الأيام. · حسابات الربح والخسارة فى الوحدة والانفصال لن تكون بأى حال من الأحوال خصما على الشمال الذى ينظر الى الوحدة من منطلق معنوى ليس إلا يتصل بمبدأ سياسى لا يحفز على تراجع الرقعة والتعداد من السكان والخصم من الكل فى مواجهة المسؤولية التاريخية وهذه يهرب من مواجهتها الجبناء أما الشجاع فإنه يقبل على الجراحة إذا كانت هى الحل الأنسب وهذا ما أقدمت عليه الحكومة ونصحت به القوى السياسية كافة تفاديا للحرب التى استمرت لنصف قرن من الزمان. · سيخسر الشمال (700,000) كلم مربع ولكنه يكسب (1800,000) كلم مربع خالية من النزاعات والتوترات، ويخسر سبعة ملايين نسمة ويكسب خمسة أضعافها، ستقفز نسبة المسلمين الى (95%) فى الشمال والى (25%) فى الجنوب سيكافحون من أجل حقوقهم السياسية والدينية والاجتماعية وتتحول معادلة الضغط فى جانب الحقوق والتهميش الى الدولة المرتقبة. وفى جانب اللغات واللهجات سيخسر الشمال عشر لهجات ولغة وسيكسب مئة وعشرة لهجة ولغة حافلة بالتنوع والأساطير والثقافات والفنون والتراث والتاريخ. سيخسر الشمال جواره الأفريقى مع دول مثل أوغندا الرقعة الأفريقية التى يترأسها رئيس ضالع فى اغتيال رجل الوحدة والسلام الدكتور جون قرنق بُعيد اجتماع مشبوه بالعاصمة كمبالا ضمه وسفراء يهود، وفى المقابل سيكسب الشمال جواره مع دول إثيوبيا وإرتريا ومصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وسيكسب ساحله الذى يمتد ل(853) كيلومترا ويترك الجنوب منغلقا تحت رحمتنا ورحمة كينيا مثله مثل يوغندا التى لا تتجرأ أبدا على كينيا. وسيكسب الشمال الصحراء التى تتجاوز فى مساحتها مساحة الجنوب الذى يستورد حتى الرمال. سيحافظ الشمال على حيزه المئوى لدرجات تبدأ من الرابعة وتصعد الى ما فوق الأربعين درجة مئوية وفى المقابل سيخسر الجنوب الأرقام الأحادية من الدرجات المئوية. وفى جانب الأراضى الزراعية سيكسب الجنوب (161000) كلم مربع فقط ولكنه فى المقابل يخسر سبعة أضعافها ستذهب للشمال. · مازلنا على سطوح الأرض نحسب حسابات الربح والخسارة وبعدها سنغوص الى الأعماق ونعدد الموارد من نفط ومعادن واحتياطات حتى على مستوى المياه ولكن نبقى مع سطح هذه الرقعة الممتدة شمالا وجنوبا فنجد أن الشمال سيكسب تاريخ إنسان السودان بحضارته وممالكه القديمة وهويته السودانوية التى لن يخسر الشمال شيئا من سحناتها ولهجاتها ولغاتها وموروثاتها وأساطيرها وفى المقابل سيخرج الجنوب من التجمعات التى تجمعه بالآخرين، سيكون وحيدا، طريدا تتناوشه السهام الأوغندية والكينية كما يحدث الآن، لن يجد الجنوب هوية يستند إليها فيلجأ للسرقات، كما يحدث الآن، تفاديا لصدام الموروثات الأفريقية المحلية، يلجأ لتاريخ الشمال، يسرق اسم مملكة عزيزة على شعب الشمال الأقصى، يسرق (كوش) لتكون اسما للدولة المرتقبة وقد أسرّ لى صديق هو مثقف جنوبى من أبناء الدينكا قائلا: «لو كانت الأماتونج مفردة دينكاوية لأطلقنا على دولتنا القادمة اسم الأماتونج». · سنواصل السير فى هذه السلسلة لنكشف القدرات الهائلة لدولة الشمال القادمة وهنا لا نقصد الموارد وحسب وإنما نراهن على إنسان الشمال وقوته المعنوية والحضارية وبنيته التحتية الجيدة لنلهب ثورة جديدة هى ثورة الشمال، رهان إنسان الشمال الجديد ما بعد 9/1/20011م. ونواصل