{ سألتني صديقة والدتي: لماذا لا تكتب الصحافة عن الغلاء في أسعار السلع الاستهلاكية التي أضحت لا تطاق؟ ففي كل صباح أسعار جديدة للسكر والشاي والخبز وحتى الخضار بعد أن استغنى الناس عن شراء الملابس والاكسسوارات وأصبح الهم الأول هو الأكل والشرب. { شكت الخالة خديجة مُر الشكية من الوضع الحالي و(قُفّة الملاح) والعناء الذي تواجهه الأسر يوميا ومصاريف المدارس والمواصلات. في ظل مرتبات متواضعة تزداد أسعار السلع ويظل المرتب في مكانة وعلى الموظفين أن يصبحو بهلوانيين في كيفية إدارة البيت!! { خالتي خديجة لها (5) أطفال، أربعة في المدارس والأكبر في الجامعة، تحتاج يوميا الى 30 جنيهاً لإدارة البيت، ورب الأسرة موظف مرتبه لا يتجاوز ال(800) جنيه بالبدلات والحوافز. ولك عزيزي القارئ أن تدير هذه الأسرة وضع في اعتبارك أن إيجار المنزل ومصاريف الدراسة خارج هذه الحسابات!! { هذا هو حال كثير من الأسر السودانية التي وصلت حد الجفاف وهي تعاني الأمرّين من هذه الأسعار المهولة والجنونية، والحجّة هي أن الدولار في ارتفاع وتخوف الناس من انفصال الجنوب. ولا أدري ماهي علاقة ذلك بارتفاع سعر السكر لاثنين جنيه والخبز لأربعة بجنيه وأسعار أخرى في الدقيق والشعيرية والأرز!! { والي الخرطوم جلس على كرسي إحدى القنوات وبرر الارتفاع بأسباب واهية، وتفاخر باستقرار أسعار الدجاج لعشرة جنيهات!! من أين للأسرة البسيطة بشراء دجاجك بعشر ورقات؟ ألم تسأل نفسك كيف لهذه الأسرة التي تعول (7 8) أطفال بعشرة جنيهات لتشتري دجاجة وتعيش في هذا النعيم الذي تتحدث عنه!! الناس تشكو لطوب الأرض عن شراء الخبز الذي قلَّ وزنه وزاد سعره وأنت تتحدث عن ثبات سعر الدجاج!! وماذا فعلت ولاية الخرطوم لمواطنيها؟ والناس تعاني من غلاء أسعار وقطوعات مياه وكهرباء وكأننا في القرن التاسع عشر، شوارع متسخة وناموس بصورة تدعو للتعجب وأطفال شوارع ومتشردون وعدد مهول من المتسولين وأصحاب العاهات وانحلال أخلاقي وأنت تحدثنا عن ثبات سعر الدجاج!! لا نلومك ولكن لنا عتاب على الحزب الذي دفع بك الى أن تكون قائد هذه المدينة التي تعتبر العاصمة وواجهة السودان وبكل أسف أسوأ واجهة!! { الحكومة الكبيرة مشغولة بالحركة الشعبية والانفصال وأهل دارفور وتوقيع بالأحرف الأولى ومرة أخرى انشقاق ومهمومة بتصريحات الصادق المهدي وتبرير جلد البنت في محاكم النظام العام وتصريحات أوكامبو والأموال التي ادُعي أنها في حساب الرئيس وغيرها من القضايا، ولا هم لها إن زاد الخبز أو ثبت في مكانه!! { ماذا ستفعل الصحافة، للخالة خديجة، في ظل هذه الأوضاع التي نتابعها بصورة يومية؟ هل في اعتقادك أنهم سيستمعون لنا؟ هل تعتقدين أننا بإمكاننا أن نعالج تلك الأوضاع؟ ألم تتخيلي أن الصحفيين هم أول المتضررين من هذا الغلاء؟ { يبدو أن الأقدار أرادت لنا أن تحكمنا هذه الحكومة وأراد الله أن يحكمنا من لا يهمه لا المواطن ولا غيره، وقدرنا أن نصارع في هذه الدنيا ونعيش الأمرّين الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. { فاصبروا لعل الله يقدر لنا أن ننفك من براثن هذه العصابة التي تسيطر على الأسعار في ظل صمت الحكومة المهمومة بمشاكلها مع أهل الغرب وجعلت التجار عديمي الضمير هم أصحاب الكلمة والقرار. { الخالة خديجة وكل الأسر المكتوية بارتفاع الأسعار، قولوا معي: «حسبي الله ونعم الوكيل».