إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    الشعبية كسلا تكسب الثنائي مسامح وابو قيد    مراقد الشهداء    وجمعة ود فور    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    كامل إدريس يدشن أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر    كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الجنوبي مستشار الرئيس الشيخ بيش يتصفح الوضع الجنوبي قبل وبعد الانفصال مع «الأهرام اليوم» (1-2)
نشر في الأهرام اليوم يوم 22 - 01 - 2011

يُعد المهندس الشيخ بيش أكور واحداً من أبرز القيادات الجنوبية داخل الحركة الإسلامية وله الكثير من المواقف في مسيرتها بجانب أنه واحد أبرز قيادات الإنقاذ والمؤتمر الوطني وتقلد العديد من المناصب في الدولة وآخرها الآن مستشار رئيس الجمهورية في الحكومة الحالية. جلست إليه «الأهرام اليوم» وطرحت عليه العديد من القضايا حول الجنوب لمعرفة رأيه بدايةً من مواقف النخب والأحزاب الجنوبية واتهامها بالتقصير والتراخي في المشاركة المؤثرة في حل قضية الجنوب حتى وصلت الأمور إلى مآلات الانفصال بجانب رؤيته للاتفاقيات التي وقعت منذ فترة مايو «72» وحتى اتفاق نيفاشا والترتيبات التي تمت للحفاظ على أوضاع وحقوق المسلمين في الجنوب بعد أن أصبح الانفصال حقيقة، ورأيه في الحوار الجنوبي الجنوبي وتوقعاته لشكل الدولة الجديد في الجنوب وفرص نجاحها واستمراريتها بجانب وضعيته بعد الانفصال كجنوبي وعما إذا كان متفائلاً بحدوث وحدة مجدداً بين الشمال والجنوب. فلنطالع إفاداته حول كل هذا من خلال هذا الحوار:
{ الملاحظ منذ الاستقلال أن القيادات والأحزاب الجنوبية التي داخل السلطة أو قريبة منها ضعيفة التأثير في الساحة السياسية ويتَّسم موقفها بالضعف تجاه قضايا الجنوب ويوصف بالسلبي وهذا يظهر بوضوح في فترة الإنقاذ؟
الحديث عن دور القيادات والأحزاب الجنوبية في قضايا الجنوب بالعودة إلى الوراء نجد خلال فترة الاستقلال كان هناك حزبان في الجنوب هما الحزب الجنوبي الفدرالي وحزب الأحرار الجنوبي وكل واحد منهما يعبّر عن رأي داخله.. وفي فترة أكتوبر قامت ستة أحزاب جنوبية جديدة وتلاشى حزبا الأحرار والفدرالي.. وفي مايو أصبحت كل الأحزاب الجنوبية جزءاً من السلطة وذابت فيها مقابل المجموعة التي كانت تحمل السلاح بقيادة جوزيف لاقو وحتى أبيل ألير عندما قاد وفد المفاوضات لم يكن باسم الجنوب وإنما ممثل للسلطة. وفي الحكومة التي اعقبت الانتفاضة كان هناك (14) حزباً جنوبياً جديداً شكلت داخل البرلمان وقتها ما يعرف بكتلة الأحزاب الأفريقية وفي فترة الإنقاذ القيادات التي كانت موجودة في الداخل انقسمت، هناك جزء كبير منها دخل مع الحكومة وذاب فيها وآخرون فضلوا الوقوف على الرصيف متفرجين وكانوا مجهولي الاتجاه يعني «حمدهم في بطنهم» وفي مقابل هذا كانت هناك مجموعة معارضة في الحركة وليست كلها جنوبية وهذا لأول مرة المعارضة في الجنوب شكلها يتغير ويصبح هناك حملة للسلاح من غير الجنوبيين «يعني كانت خليطاً».. أما سؤالك عن السلبية تجاه القضايا هذا كان يجب أن توجهه أيضاً إلى المجموعة غير الجنوبية التي كانت تساند الحركة وحاربت في صفوفها لماذا لم تشارك في المفاوضات؟
{ ألم يكن دوركم سلبياً وملف الجنوب يُدار بعيداً عنكم؟
الجنوبيون الذين كانوا في الحكومة دورهم لم يكن سلبياً تجاه قضايا الجنوب، ولو رجعت إلى بدايات التفاوض في أبوجا تجد أن الوفود كانت تقودها شخصيات جنوبية، في البداية كان انجلو بيدا ثم الفريق جورج كنقور وحتى آخر جولة كانت بمشاركة جنوبية كبيرة.
{ إذن، ما الكيفية التي تمَّ بها اختيار هذه الوفود؟
المجموعة المكونة للوفود تم اختيارها حسب الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك وكانت تمثل رأي الحكومة وليس رأي الجنوبيين؛ لأن التفاوض لم يكن جنوبياً شمالياً وإنما كان بين الحكومة والقوى الحاملة للسلاح؛ لأن الاتفاقيات دائماً تكون بين الحكومة والجهة التي تحمل السلاح. وبذلك الحديث عن سلبية دورنا أو تقاعسنا عن معالجة القضايا ليس صحيحاً لأن القضية ليست الجنوبيين في جهة والشماليين في جهة وإلا لما شارك منصور خالد وياسر عرمان في وفد الحركة المفاوض. و(ما لازم) أي جنوبي يشارك في المفاوضات وكذلك العكس بالنسبة للشماليين؛ لأن السلطة اختارت مجموعة تفاوض نيابةً عنها «كل ناس حسب اختصاصهم»؛ لأن التفاوض يتم عبر ملفات مثل ملف الترتيبات الأمنية لا بُد أن يديره عسكريون والسلطة يسند لمختصين في الجانب الإداري وكذلك الثروة وكل طرف له سقف يفاوض عليه وفي النهاية يتم الالتقاء في نقطة ما ويتم الاتفاق.
{ ما رأيك في مقولة إن اتفاق نيفاشا أعطى الحركة أو الجنوبيين أكثر مما يستحقون؟
الذين يقولون هذا واضح أنهم غير ملمين بما تم في الاتفاقيات التي عقدت بشأن الجنوب والمكتسبات التي تحققت فيها للجنوب بدايةً من اتفاقية اديس أبابا (72) التي أعطت حكماً فيدرالياً للجنوب «الإقليمي» بدلاً من المركزية التي كانت قائمة وبعده عم نظام الحكم الإقليمي في السودان، وفي اتفاقية الخرطوم للسلام زادت المكاسب فكان الحكم اللامركزي موجوداً والمرسوم الدستوري رقم (12) أعطى الولايات صلاحيات اقتصادية وإدارية، يعني قسمة الثروة والسلطة كانت موجودة والمكسب الذي تحقق في اتفاقية الخرطوم للسلام هو إعطاء الجنوب حق تقرير المصير بعد أربع سنوات شريطة أن يتحقق سلام دائم وضمّن هذا في دستور (98) واتفاقية الخرطوم نصّت أيضاً على عدم تذويب قوات الفصائل الموقعة وهذا مكسب إضافي عكس ما تم في اتفاقية (72) التي ذوبت القوات وهنا جنّبت القوات وكوّنت ما يُعرف بقوة دفاع جنوب السودان. وعندما جاءت نيفاشا كان الناس قبلوا بما جاء في اتفاق الخرطوم لأن بنودها أصلاً موجودة، قسمة الثروة هي نفسها، وزاد عليها في نيفاشا أن يتم تقسيم البترول مناصفة والصلاحيات الإدارية هي ذات الواردة في اتفاق الخرطوم وزاد عليها إعطاء رئيس حكومة الجنوب منصب النائب الأول مع الرجوع إليه وأخذ موافقته في أي قرار خاص بالجنوب. بعد كل هذا نلاحظ أن هناك أشياء موجودة أصلاً، فقط المفاوض الجديد وهو حامل للسلاح يضغط لتحقيق مزيد من المكاسب، يعني في النهاية المسألة ليست بهذا النوع من الحديث أن اتفاقية نيفاشا أعطت الجنوبيين أكثر مما يستحقون وإنما هي عملية تراكم مكتسبات تحققت من خلال المفاوضات والاتفاقيات التي تمت، يعني الآن الحكومة لا تستطيع أن تنكر أنها لم توافق على تقرير المصير وهو مضمّن في الدستور وكذلك قسمة الثروة، كلها حقوق موجودة في الدستور، يعني لا شيء كثير أضيف سوى قسمة البترول وإعطاء صلاحية أكبر لرئيس حكومة الجنوب والترتيبات العسكرية، والذين يقولون هذا عليهم أن يقارنوا ما بين اتفاقية الخرطوم التي هي سودانية خالصة واتفاقية نيفاشا الموقعة بإشراف دولي ولن يلحظوا فارقاً كبيراً بينهما.
{ هناك من يرى أن الحركة انكفأت جنوباً والمؤتمر الوطني شمالاً؟
أنا بالنسبة لي لا أراهما هكذا وإنما تحرك التفاوض ومكاسبه والحكم السائد في السودان هو الذي جرّنا بهذه الصورة.
{ برأيك، هل ست سنوات كفترة انتقالية كانت كافية لبناء الثقة؟
بالتأكيد غير كافية بعد حرب امتدت لأكثر من عشرين سنة لتهدئة النفوس، الآن هناك جيل كامل داخل الحركة تربى على ثقافة الحرب وكراهية الطرف الآخر «الشمال» ولا يعرف أي شيء عنه وينظر إليه بأنه عدو له وهذا واضح في معظم شباب الحركة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين من الذين أعمارهم في العقد الثالث وما دون، ليست لهم أية علاقة أو معرفة بالشمال بسبب الفجوة والجفوة التي خلفتها الحرب، لذلك ست سنوات لم تكن كافية لإعادة تأهيل ودمج هؤلاء في المجتمع السوداني. والغريب أن الحركة كانت تصر على جعل الفترة الانتقالية ستة أشهر وهي ليست كافية حتى لتحريك القوات، في حين أن الحكومة كانت تطالب يجعل الفترة الانتقالية أكثر من عشر سنوات.
{ إذن، لماذا لم تتمسَّك الحكومة بهذه الفترة وقبلت بالسنوات الست؟
الحكومة في مرحلة التفاوض كان همها الأول هو إيقاف الحرب كهدف أساسي حتى لا يكون هناك مزيد من إزهاق الأرواح وهي من الأشياء التي لا تعوض إذا فُقدت، لا يمكن أن تحارب عشرين سنة أخرى وتكون سلمت الأرض لآخرين من خارج الحدود «وتكون ما حققت شيء بالحرب».
{ هل هناك تقصير في جعل الوحدة جاذبة ...؟
(وقبل أن نكمل قال):
هناك أشياء كانت ظاهرة في الاتفاقية وأخذ الناس يتناولونها تناولاً غير صحيح في ما يختص بجعل الوحدة جاذبة من قول البعض إن التنمية لم تتم في حين أن هناك أشياء أهم من التنمية أُشير إليها في المبادئ الأساسية في الاتفاقية ولم تجد الفرصة الكافية لتحقيقها وعلى رأسها إزالة الأثر النفسي للحرب لدى المواطن بخلق قنوات تداخل وتواصل بين المواطنين حتى يصبح التعايش بينهم طبيعياً وهذا ما قُصد به جعل الوحدة جاذبة، بجانب تحقيق نظام ديمقراطي.
{ ما الخلل الذي حدث وعطَّل هذا التواصل والاندماج بين المواطنين؟
هناك شد وجذب وشحن سالب منع التواصل، بجانب أن جيش الحركة أغلق الجنوب في وجه أي نشاط يمكن أن يؤثر في المواطن، كما ذكرت لك هناك جيل كامل ليست له أية معرفة أو احتكاك بالشمال ولو تم تكامل في العمل كما حدث سنة 72 وتركوا الشعب يتحرك بكل قطاعاته من سياسيين ورياضيين وفنانين وغيرها ويتم التواصل وكلٌ يعبّر حسب مجاله؛ لتمّ الانسجام، لكن هذه الحلقة كانت مفقود وعُزل مواطن الجنوب.
{ لكن ناس الحركة دائماً يعزون فشل جعل الوحدة جاذبة لانعدام التنمية؟
نعم، الإخوة في الحركة أخذوا يتحدثون عن أن الحكومة لم تعمل تنمية حتى تكون الوحدة جاذبة وهذا حديث للتسويق والتهرب من المسؤولية لأنه لا يوجد نص أو بند في الاتفاقية مكتوب يشير إلى إلزام الحكومة المركزية بعمل تنمية، والتنمية ليست مسؤولية الحكومة المركزية أصلاً حتى تجعل الوحدة جاذبة.
{ طيب، أنتم كقيادات جنوبية في المؤتمر الوطني والحكومة، ماذا فعلتم تجاه الوحدة؟
«ما كان في طريقة نعمل»؛ لأننا محسوبون عند ناس الحركة بأننا جزء من السلطة المركزية وهذا الوصف لا ينطبق على الجنوبيين الموجودين في المؤتمر الوطني وحدهم بل حتى الذين خارجه تعتبرهم الحركة جزءاً من الحكومة وعدواً لها، فهل شخص هذه نظرته إليك بهذه الطريقة الإقصائية يمكن أن يسمح لك بأن تعمل أو يستمع لإرشادك ويقدر رأيك؟
{ هل تضررتم من وصفكم بجنوبيي الداخل؟
(بحسرة أجاب قائلاً): «ما خلاص هم سيدركون بعدين براهم نتائج عملهم هذا» والزمن كفيل بكشف كل شيء وتعديله.
{ ما رأي المواطن بعد الأعوام الستة التي انتهت؟
المواطن في الجنوب بعد ست سنوات التفت ولم يجد أي شيء سواء في التنمية أو معاشه قد تغير، بل تراجع إلى الوراء وأخذ الآن أي المواطن يقارن ما بين فترة ما قبل السلام وبعده وبدأوا يحنِّون إلى فترة ما قبل السلام أي فترة الحرب، رغم أن هنالك ضيقاً ولا توجد مرتبات لكن الوضع كان أفضل من الآن، الحركة تملك المال ويوجد انعدام مرتبات بصورة دائمة، وطبعاً هذا شيء طبيعي ومتوقع من مجموعة لم تمارس السطة ويُترك لها الأمر، أكيد ستتوه «مش كده».
{ كيف ترى الاختلاف على ترسيم الحدود؟
طبعاً ناس الحركة اعتادوا على هذا لتحقيق مكاسب عبر الضغط وإثارة الزوابع، لكن الغريب أن الخلاف الدائر الآن على ترسيم الحدود هو أشياء موجودة ومثبتة بالخرط والوثائق وليس شيئاً جديداً تقبله أو ترفضه وكل ما يتم من قبل الحركة عملية أطماع، لو لاحظت الأماكن التي ليست فيها ثروة وافقوا على الترسيم فيها بسرعة شديدة جداً والمعاكسات والخلاف وقع في أماكن الثروة، وهذا يدل على أن القصة ليست قانوناً وإنما عناد لأن الحدود واضحة.
{ الانفصال أصبح حقيقةً ماثلة، ما رأيك؟
نعم الانفصال أصبح حقيقة واقعة بسبب الطريقة التي تم بها ونفاذ قانون الاستفتاء الذي أعطى الحركة أن تختار كل أعضاء المفوضية في المراكز بالجنوب من كوادرها في حين أن القانون نص على أن تكون مفوضية الاستفتاء جهة محايدة، والآن هناك حديث كثير يدور حولها وتساؤلات عن كيف يكون الاستفتاء حراً ونزيهاً وشفافاً وهناك حزب واحد قابض على المفوضية والسلطة في الجنوب ويمنع الآخرين من المشاركة والتبشير برؤيتهم وتوجهاتهم وسط المواطنين، وحتى هذه اللحظة رغم تبجح ناس الحركة بأنهم دعاة حرية ديمقراطية يمنعون الأحزاب الأخرى من التبشير بقناعاتها، وطالما الأجواء غير صالحة أكيد نتائجه ستكون غير نزيهة وتمثل رأي الحركة.
{ لكن المواطنين في الجنوب غالبيتهم يمليون تجاه الانفصال؟
المواطن في الجنوب جاهل وغير مدرك للأضرار التي ستترتب عليه من نتائج استفتاء يجري أو يتم بهذه الصورة الأحادية في إدارته سواء كانت النتيجة وحدة أم انفصالاً، لكنه مستقبلاً سيدرك بل من الآن بدأت بعض الأمور تتكشف وأخذ بعض المستنيرين الذين انساقوا وراء دعوة الحركة يعيدون التفكير فيها وخاصةً بعد المضايقات والتحرشات التي تمت للبعض وخاصةً الشماليين الذين أخذوا في الهجرة من الجنوب والفجوة الغذائية التي حدثت جراء خروج التجار الشماليين.
{ ما رأيك في العودة التي تمَّت إلى الجنوب؟
هذه ليست هجرة طوعية وإنما قسرية اتُبع فيها أسلوب الإرهاب والتخويف من قبل ناس الحركة وعندما جاءوا بوسائل النقل قالوا للمواطنين الجنوبيين إن لم تغادروا فإن الشماليين بعد الاستفتاء الذي سينتهي بالانفصال سيقتلونكم. «تفتكر بعد هذه التبعئة الخاطئة هل هناك مواطن سيبقى بعد هذا الإرهاب»؟ لذلك هذه عودة قسرية لأن العائد طوعاً يسافر من ماله الخاص كما جاء. الآن الذين عادوا وجدوا إهمالاً وتجاهلاً من قبل حكومة الحركة في الجنوب ولم تكن هناك ترتيبات لاستقبالهم وتُركوا في العراء وهناك أسر كثيرة فقدت مصادر كسبها وأبناؤها فقدوا فرص التعليم. هذا المصير من يتحمل مسؤوليته؟
{ ما الدور الذي قمتم به كقيادات لتبصير المواطنين حتى لا يدخلوا في هذا المأزق الذي تجرهم إليه الحركة؟
في الجنوب كما قلت لك لا يُسمح لنا بذلك، لكن هنا في الشمال تحركنا وأنا شخصياً وصلت المواطنين في مواقع سكنهم وتجمعاتهم وحذرناهم بألاّ يُخطئوا بالانسياق وراء الأفكار والأكاذيب التي تروّج لها الحركة وقلنا لهم من يريد الذهاب عليه ألاّ يبيع ممتلكاته أو منزله، اذهبوا بأنفسكم دون أولادكم، إن راق لكم الوضع عودوا وخذوهم، لا أحد سيمنعكم. لكن المواطن كلام الحركة أحدث فيه نوعاً من الهيستريا جعلته لا يميز.
{ إذن، ما رأيك في الصوت الشمالي الذي ينادي بالانفصال مثل منبر السلام العادل؟
كل من يتبنى دعوة مثل هذه يريد تفكيك وتشتيت السودان.
{ قل لنا بصراحة ووضوح أكثر؟
قلت لك من ينادي بالانفصال مثل منبر السلام العادل فهو شخص يريد تشتيت السودان و«فرتكته» لأنه بذات الانهزامية لو تحركت أية جهة أخرى وطالبت بالانفصال من السهل أن يساند دعوتها ويقول «أديها استقلال أو أفصلها، وبهذا نكون شتتنا السودان». وبكل وضوح أنا ضد كل من ينادي ويناصر دعوة الانفصال مهما كان وضعه أو صفته؛ لأن السودان يسع الجميع ولا وصاية لأحد عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.