يتعرض السياسيون أكثر من غيرهم في كافة أرجاء العالم للهجوم والنقد، وهو هجوم مرير في كثير من الأحيان ونقد جائر في بعضها، وكثيراً ما يستندان إلى المواقف المسبقة والتعصب الأعمى. وسمعة كثير من السياسيين في كثير من الأقطار ليست جيدة خاصة في أفريقيا والعالم العربي ونهايات بعضهم ليست سعيدة خاصة أولئك الذين يصلون إلى الحكم. ووصفت السياسة حتى في العالم الأول بأنها لعبة قذرة وحدها دون سائر المهن أو النشاطات الأخرى، بما في ذلك البغاء الذي يرى البعض أنه أقدم مهنة في التاريخ. وكان البغاء بالمناسبة مهنة معترفاً بها في السودان وألغى هذه المهنة التافهة التي تجرد المرأة من إنسانيتها النظام المايوي وقد ألغاها في السبعينات عندما كان نظاماً علمانياً لم يتأسلم بعد لكن المؤكد أن هناك سياسيين ممتازين في كل الأزمان وفي كل الدول.. ورضاء المواطنين عن السياسيين ليس عسيراً وما يطلبونه منهم يمكن تحقيقه، فهم يطلبون من السياسي المعارض حسن الأداء وتقديم الوطني على الحزبي والقبلي والجهوي، ويطلبون منه أن تكون معارضته موضوعية وأن تكون بدائله لسياسات وبرامج وقرارات الحكومة تصب في المصلحة العليا، بالإضافة إلى أنها أكثر قابلية للتحقيق. ويطلب المواطنون من السياسي الحاكم الإنجاز والعدل وفي الحالتين؛ حالة السياسي المعارض والسياسي الحاكم يأتي في مقدمة ما هو مطلوب النزاهة وغيابها يلغي كل شيء ويصبح السياسي محروماً من ثقة الشعب واحترامه. وتذكرنا ذلك كله وكتبناه ونحن نتابع تكريم رئاسة الجمهورية لبعض الرموز في المجالات المختلفة ومنها كرة القدم والغناء والصحافة أو الإعلام عموماً. ولا نعتقد أن هناك سياسيين تم تكريمهم وإن كان ذلك صحيحاً فإننا نرجو أن تهتم الدولة بالذين يستحقون من قدامى السياسيين الأحياء منهم والأموات، وأن تكرمهم على النحو اللائق، وإن كانت كرمتهم فإننا نشيد بهذه الخطوة. وليس من الضروري أن يكون في التكريم بعد مالي فقد لا يسمح موقف الحكومة المالي بذلك لكن المهم هو أن يكرم قدامى السياسيين، سواء أولئك الذين عارضوا بشرف أو أولئك الذين أنجزوا عندما حكموا ولم تمتد أيديهم قط إلى جنيه واحد من المال العام. وما أكثر النماذج.. كل أو معظم آباء الاستقلال ووزراء وسياسيون آخرون في مختلف عهود الحكم الوطني فليس كل السياسيين فاسدين.