في الأيام القليلة الماضية أجرى زميلنا الطيب محمد خير حوارا نشر في حلقتين هنا في "الأهرام اليوم" مع أستاذنا جميعا محمد إبراهيم خليل وكنت كتبت عنه أكثر من مرة ذلك أنه فعلا ممن يستحقون أن يكتب عنهم فهو رمز وقيمة وتاريخ وكنت رأيته لأول مرة في مطار الخرطوم صباح 3 يونيو 1964م وأنا في طريقي للقاهرة وقام بتقديمه لي أو بتقديمي له أحمد الطيب عبدون المستشار السياسي للأمم المتحدة بالكونجو وعرفت ذلك الصباح أن الأستاذ خليل من عندنا فهو من صميم الأسرة وكان في ذلك الوقت من النصف الأول من الستينيات عميدا لكلية الحقوق بجامعة الخرطوم. وعدت من مصر لأرى الأستاذ محمد إبراهيم خليل كثيرا في بيت الأسرة بودنوباوي خاصة في العصريات حول الطاولة مع عميد الأسرة الوزير الأكتوبري الهادي إبراهيم وآخرين منهم بشير محمد خير ومحمد أحمد حسن خالد وبشرى إدريس محمود وأمين حمزة عباس ومحمد علي صالح والخ. وكان محمد إبراهيم خليل في شبابه الباكر عضوا في جمعية أبروف إحدى أشهر وأهم جمعيات القراءة في ذلك الوقت من ثلاثينيات القرن الماضي وكان عضوا في مؤتمر الخريجين الذي تأسس عام 1938م وقاد الوطن لتحقيق الاستقلال وبعد ثورة أكتوبر 1964م انضم لحزب الأمة وشغل منصبي وزير العدل ووزير الخارجية في حكومتي محمد أحمد محجوب والصادق المهدي في الستينيات. ثم هاجر في الفترة المايوية للكويت وعمل بها ثم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وعاد إلى الوطن بعد الإطاحة بالنظام المايوي في أبريل 1985 ليشغل بعد انتخابات 86 منصب رئيس الجمعية التأسيسية ومن اللافت فعلا أنه سقط في الانتخابات التشريعية التي أجريت ذلك العام، ألم نقل مرارا ومرارا إن الانتخابات لا تقدم دواما الأفضل والأكفأ وقد سقط في تلك الانتخابات أيضا هرم في علو محمد إبراهيم خليل هو الدكتور أحمد السيد حمد شخصيا. ثم نرجع لحوار زميلنا الطيب محمد خير مع البروف خليل وجاء فيه أن البروف كان هو الوحيد الذي اعترض على تقرير مصير جنوب السودان وأنه قدم مذكرة في هذا المعنى للتجمع الوطني بالقاهرة لكنه رغم ذلك قبل أو وافق على أن يرأس مفوضية الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. ولو أنه رفض لكان ذلك هو الأكثر انسجاما مع ماضيه الوطني الأكاديمي المنتج العظيم.