المقصلة المنصوبة على رؤوس الأموال السودانية، ترسم شعار الدولار، تميمة لحظها التعيس بالارتفاع ألف درجة فوق مستوى الاقتصاد المحلي، الذي هو في الأساس تحت مستوى البحر! والسوق حرّ. هذه الجملة الوحيدة المعربة للمجهول بالنسبة للجمهور، لكنها مرفوعة للقوى الشرائية للنقد الأجنبي المهرّب، بالدخول أو الخروج، ويخرج التصريح الحكومي بتقليل النقد الأجنبي الممنوح لتأشيرة الخروج، فتقلّ التأشيرات لدولتين كانتا الملجأ المنعش لبعض التجار بشحن رؤوس شباب بالسفر إليها واستلام الدولار منهم في صالة المطار، ثم التكفّل بالإقامة والإعاشة لمدة تحوم بين الثلاثة والخمسة أيام، بغرض التجارة التي لا تعود للبلد سوى بفيروس يتراوح بين الأمراض المنقولة جنسياً! وجنسية الدولار الأمريكية تجعله محميا بجواز مرور للدرجات الأعلى في مستويات التبادلية للعملات، رغم أنه ذات نهايات العام 2007 وصل إلى أدنى مستوياته - إلى ما دون الفرنك السويسري - بسبب الأزمة المالية والرهونات العقارية التي أفلست بسببها الكثير من الشركات الكبرى ليس في بلد جنسيته فقط إنما امتدت في كل القارة الأوروبية. وانتصب وقتها اليورو ليقف مكان الدولار! لكنه بجنسيته المهيمنة سياسياً وقدرته المسيطرة اقتصادياً عاد بعد عام للصعود إلى مكانه الطبيعي. ومن الطبيعي، بعد انقلاب أنابيب البترول تجاه الجنوب، وكشكشة الذهب (الصيني) في محدودية غير منطقية لقيادة اقتصاد دولة ذات تحديات إنسانية وسياسية كبرى كالسودان، وفي ظل الذبذبة غير المدروسة والمحسوسة لانتصار الشق الزراعي كداعم وركيزة اقتصادية تعيد الوضع إلى توازنه القديم، أو أحسن؛ من الطبيعي بعد كل هذا وفي ظل فساد مدعوم ومخفض القيمة، أن يركب الدولار الأمريكي المصعد الكهربائي لناطحة السحاب الاقتصادي المحلي، بعد انتهاء الأزمة عالمياً، ليصل إلى خمسة جنيهات سودانية! جنيه حر من حاجته إلى تبرير وضعه الهزيل أمام العملة الصعبة. و(أب صلعة) - الاسم الحركي للدولار، كناية لصورة السيد (بنجامين فرانكلين) على فئة المئة دولار، الأعلى في العملات الورقية - هو لقب لا يعرف أحد بالضبط مركز انطلاقه الأوَّلي من ناحية التسمية، هل هم تجار العملة كشيفرة لا يفقهها الأمن الاقتصادي؟ أم من عامة الناس من حيث تقليل قيمة الشيء الذي لا تستطيع نيله - فقه الكديسة مع اللبن! - فهو اللقب القديم لعصبة فاقدي الشعر، غير المرغوبين في السبعينيات أوان (الآفرو) العظيم، ويحمل إلى حد ما ذماً من حيث نقص قيمة الرأس! والرأس الأصلع للسيد (بنجامين) أو (واشنطن) ذات نفسه، لا أظنه فكر في لحظة صفوه العظيمة المجمدة على فئة المئة دولار، أنه يمكن أن يسيطر على اقتصاد دولة لهذه الدرجة الساحقة حيث يبرر تاجر القطاعي للخضار، سبب سعر ارتفاع كيلو الطماطم أو البامية المزروعة داخل السودان وقريباً من النيل، بارتفاع الدولار! وأظنه سيحك رأسه الأصلع ذاك ليراجع السبب ومدى ارتباطه به هو سيد الاسم. اسمياً (أب صلعة) صار لقبا محببا كموضة استشرت في أواخر السبعينيات بسبب شخصية (كوجاك) البطل القوي والذكي، وصارت معززة جداً بسبب نجوم المصارعة والسينما، وهم من أخطر الفئات المؤثرة على الرجال، وفعلياً (أب صلعة) صار مرغوبا جداً كعملة استشرت خارج البنك المركزي وصارت تتعزز جداً بسبب نجوم الفساد والثراء السريع، وهم من أخطر الفئات على رجال المال والأعمال والسياسة!