قلنا إن الإنتخابات العامة في العهود الديمقراطية في السودان المستقل أُجريت أربع مرات وذلك في أعوام 58 و65 و68 و1986م. وقبل الإستقلال في فترة الحكم الذاتي أُجريت إنتخابات عامة اكتسحها الحزب الوطني الإتحادي وشكّل الحكومة برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري. وهي الحكومة التي برغم العواصف والأنواء والتآمرات أنجزت السودنة والجلاء والإستقلال. ولقد كانت تلك العهود ديمقراطية.. وذلك صحيح والصحيح أيضاً أن الطائفية كانت معلماً بارزاً في تلك الديمقراطية.. لقد كان هناك سيدان مهيمنان وكان بيتان فقط في كل السودان يتمتعان بما لا تتمتع به بقية البيوت من جاه ونفوذ وثراء.. وقد سمى الدكتور منصور خالد ذلك النظام بالنظام (الديموطائفي) أي الديمقراطي الطائفي وكان الدكتور في شبابه منتمياً لذلك النظام فقد كان خمسينات القرن الماضي سكرتيراً للعميد عبد الله خليل رئيس الوزراء والأمين العام لحزب الأمة.. وقد أُجريت تلك الإنتخابات وانتخابات الحكم الذاتي في فترة الحرب الباردة التي كانت حقيقتها المركزية هي انقسام العالم إلى معسكرين رئيسيين رأسمالي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية واشتراكي يقوده الإتحاد السوفيتي. وفي إنتخابات 53م كان السودان وقتها تحت الحكم الثنائي وكان على قمة السلطة الحاكم العام وكان هذا المنصب منذ عام 1899م من نصيب بريطانيا.. وفي إنتخابات 1958م كان يرأس الحكومة عبد الله خليل.. وأُجريت إنتخابات 65م في ظل حكومة سر الختم الخليفة.. وفي إنتخابات 68 كان يرأس الحكومة محمد أحمد محجوب ثم رأسها بعد ظهور نتيجة الإنتخابات رغم أن حزبه لم يكن هو الحزب الفائز .. إذ فاز الحزب الإتحادي الديمقراطي بفارق كبير في عدد المقاعد بينه وبين حزب الأستاذ محجوب الذي هو حزب الأمة جناح الإمام .. وأُجريت إنتخابات 1986م في ظل المجلس العسكري الإنتقالي ومجلس الوزراء وكان يرأس الأول المشير سوار الذهب والثاني الدكتور الجزولي دفع الله.. وفاز في تلك الإنتخابات حزب الأمة بفارق كبير في المقاعد بينه وبين الحزب الإتحادي الديمقراطي.. وتختلف الإنتخابات العامة والرئاسية المُقبلة بوجود حزبين جديدين قويين غنيين يحكمان السودان شمالاً وجنوباً هما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. وتختلف أيضاً في أنها سوف تُجرى ومستقبل البلد مُبهم .. هل يبقى السودان موحداً أم ينقسم إلى دولتين؟ وهناك اختلافات كثيرة في الظروف المحلية والإقليمية والدولية الآن والظروف التي أُجريت في ظلها الإنتخابات السابقة والحكومة القائمة الآن والحكومات التي أُجريت في ظلها الإنتخابات السابقة.