وتحدّث وزير الخارجية الأستاذ علي كرتي وليته سكت تحدَّث عن اتفاق الحريات الأربع فقال: (هذا اتفاق يفرز الأمور ويساعد على التواصل الاجتماعي)!! وكأنّ القنابير تتدلّى من رؤوسنا والريالة تسيل من أفواهنا يحدِّثنا كرتي عن التواصل الاجتماعي... التواصل الاجتماعي بين شعبين اختار أحدُهما بما يُشبه الإجماع قطْعَه واستئصالَه عن الآخر!! ثم يقول كرتي باحثاً عن إجابة تستر عورة هذا الاتفاق المهين: (إن الاتفاق يشكِّل فرصة لإفادة المواطنين في كل المصالح والأراضي الواسعة) مضيفاً: (الآن تتدفق على دولة الجنوب جنسيات كثيرة من الجنوب الإفريقي خاصة من دول الجوار بغرض المصالح)!! عجيب والله!!.. أية فرصة لإفادة المواطنين ومواطنو السودان الشمالي يُطردون ويُقتلون وتُحرق أسواقُهم؟! ألم يسمع كرتي بما حدث لسوق كنجو كنجو قبل أقل من أسبوعين؟! سوق كنجو كنجو يا كرتي هو أكبر أسواق جوبا ويعمل فيه الشماليون بما يتجاوز ال 08% من أصحاب المتاجر ولذلك أُحرق حتى يخرج التجار الشماليون وقد خرجوا بالفعل واستمعت إلى ما قالوه وشهدوا به من استهداف لم يختلف عن ذلك الذي ظل يواجه الشماليين منذ عام «5591» الذي شهد تمرد توريت ومدن الجنوب الأخرى وليت كرتي دخل أم دوم واستمع إلى الحاجة أم الحسن التي أنقذها الله من الحقد الأعمى عندما كانت طفلة صغيرة رأت ما حدث لأفراد أسرتها في تلك الأيام النحِسات. اسأل صديق كوراك الأمين العام لاتحاد التجار الشماليين يحدِّثك عن الأراضي والممتلكات والمزارع التي فقدوها حين اعتدى عليهم الجيش الشعبي وقتل مواطني الشمال في أعقاب مصرع قرنق وكيف آلت تلك الممتلكات إلى كبار رجال الحركة الشعبية!! في تلك الأيام عندما صودرت تلك الممتلكات كان الجنوب جزءاً من الوطن الذي ينتمي إليه كوراك فكيف يكون الحال اليوم وقد غدا كوراك وأبناء الشمال أجانب؟! كوراك وصحبُه بُحَّت أصواتُهم وهم يطالبون بتعويضهم عمّا فقدوه والأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول ونائب رئيس الجنوب رياك مشار يعلمان ذلك وناقشاه من خلال اللجنة المشتركة قبل سنوات فهل حصل كوراك وغيرُه على حقوقهم وقد كانوا مواطنين في جنوب السودان؟! كوراك لمن لا يعلمون وُلد في جنوب السودان وانتقل جدُّه إلى الجنوب في مطلع القرن العشرين وبالرغم من ذلك حدث له ولغيره ما حدث فكيف يتحدَّث كرتي عن الفرص والتواصل الاجتماعي والأراضي والمصالح ولمّا يمضِ على حريق كنجو كنجو (سوق الجلابة المندكورو) أسبوعان؟! أما قول كرتي عن تدفق جنسيات كثيرة من الجنوب الإفريقي وغيره فوالله إنه لمضحك بحق!! أولاً: هل يواجه الأفارقة الآخرون يا كرتي ما يواجهه الشماليون من حقد وكراهية وتقتيل واستهداف وتنكيل وسلب ونهب؟! سوق كنجو كنجو يا كرتي أُحرق حتى يحل اليوغنديون والكينيون محل الشماليين المستهدَفين في كل لحظة وفي كل حين. ثانياً: أُحيلك يا كرتي لصديق كوراك الذي تحدَّثتُ عنه قبل قليل... هل تعلم أن صديق هذا فتح الآن عملاً في إثيوبيا؟! اسأله يُجيبُك عن الفرق في المعاملة بين إثيوبيا التي يعمل فيها الآن والجنوب الذي لم يشفع له أنه مولود فيه وأنه يتحدَّث عدداً من لهجاته كما يتحدثها أهلُها وأنه أمضى فيه معظم عمره.. لماذا يذهب الشماليون إلى الجنوب الذي لا يأمنون فيه على حياتهم وممتلكاتهم بينما أرض الله واسعة ويمكنهم أن يذهبوا إلى حيث يُحترمون ولا يخافون؟! ثالثاً: لماذا نحل مشكلة حكومة الحركة الشعبية ونستقبل مواطنيها ونعلِّمهم ونوفِّر لهم فرص العمل؟! بربِّكم هل كان الوجود الجنوبي في يوم من الأيام عامل استقرار وتواصل اجتماعي أو كان معضداً للتوجه الإسلامي أم كان ناشراً للخمور ومؤثراً على المظهر العام من حيث الأزياء والسلوك؟! أما الخطر الأمني فهذا هو مربط الفرس والخطر الداهم الذي يهدِّد حاضرَ السودان ومستقبلَه.