مصارع الثيران يلوح بالوشاح الأحمر أمام الثور الذي تصيبه حالة من الهياج، فيهاجم الوشاح بينما المصارع ينتهز فرصة انشغال الثور بالوشاح فيغرز رمحاً ساماً في عنق الثور!! وأخشى ما يخشى المصارع قرون الثور التي يتقبلها بدلاً من الوشاح، لذلك تجد المصارع يحرص عليه أكثر من حرصه على الرمح القاتل. وسقوط الوشاح أخطر على المصارع من سقوط الرمح، وفي هذه الحالة يكون هدف قرون الثور هو المصارع نفسه، وهنا يتدخل آخرون لإنقاذ المصارع وقتل الثور في ذات الوقت!! ونيفاشا تمثل ذلك الوشاح الذي يحاول النظام تسديد «نطحة نجلاء» له تذهب سدى في حين يركز المصارع طعنات رماحه في مواضع مؤلمة وقاتلة، تارة في النيل الأزرق وأخرى في جنوب كردفان وثالثة في أبيي أما الرمح السام القاتل فهو للخرطوم حينما يتم انهاك جيشها الباسل في مسارح العمليات بيعداً عنها!! رماح المصارع معدة سلفاً، أعدتها نيفاشا له، فهي أعدت لتتلقى نطحات قرون الثور وتبددها في الهواء لنتلقى نحن الرماح السامة لتهد من عزمنا وتشل قدرتنا في انتظار السيف القاتل الأخير!! والانهاك يبدأ الآن بتمرد في النيل الأزرق وآخر في جنوب كردفان وحرب حدودية بين الدولتين وبين هذا وذاك تبرز دعوة غريبة للاعتراف بإسرائيل، كأنما هي بحاجة إلى هذا الاعتراف فهي التي لا تعترف بوجودنا نحن كبشر، وجعلت من أنهارنها حدوداً لدولتها. فالنيل الذي حددته إسرائيل حدوداً جنوبية لها، هل تدرك مدرسة التطبيع في المؤتمر الوطني ودعاتها من أين يبدأ؟ يبدأ من الخرطوم هذا هو النيل الذي يعرفه كل العالم ولا نيل غيره!! حدود إسرائيل المائية ترسمها الدبابات هذا ما يقوله أي زعيم من زعماء صهيون بدءاً من غوريون وانتهاءً بنتنياهو، فعلوها قبل ذلك فاحتلوا الضفة الغربية والجولان وسيناء وفشلوا في لبنان بعد أن صدتهم المقاومة!! وأطماع إسرائيل في السودان لا تحدها حدود، والمهاجرون السودانيون إلى إسرائيل هم الأكثر ترحيباً حيث يذهب إلى إسرائيل ألف مهاجر في فترات محددة ويتم تقسيمهم بنسب مئوية بحيث يكون لدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق نسبة عشرين في المائة لكل منهم أما الأربعين في المائة الباقية فهي لجنوب السودان.. يتم تجنيد عشرة في المائة من هؤلاء للعمل كجواسيس ويعاد تصديرهم للسودان، للعمل الاستخباري لمصلحة إسرائيل ماذا يحدث لو أن السودان طبع علاقاته مع إسرائيل حسب ما تنادى به ما يعرف بمدرسة المؤتمر الوطني؟! لو إطلع الداعون إلى التطبيع على خريطة فلسطين، لوجد فيها مدينة صغيرة باسم أبو ديس، ولوجد أيضاً أن القرى حوالى هذه المدينة تحمل ذات الأسماء التي تحملها القرى حول أبو ديس بمنطقة الرباطاب!! في عهد الرئيس الراحل نميري تبرعت ثرية يهودية ألمانية ببناء محطة كهرباء لمدينة كريمة بلغت تكلفتها الخمسة ملايين دولار، كان العاملون بهذه المحطة من اليهود الألمان والذين كانوا صباح كل يوم قبل شروق الشمس يذهبون إلى جبل البركل، ويقومون بإجراء طقوس دينية حتى شروق الشمس حيث يبدأون عملهم، وعند نهاية العمل بالمحطة أخذوا معهم كبشاً وذبحوه على سفح الجبل وسط شعائر دينية وصلوات، هذا إلى جانب أحداث كثيرة لا يسع المجال لذكرها، الأمر الذي يبرز اهتمام اليهود بالسودان وهو بالنسبة لهم أمر عقيدة!! وفتح المجال لإسرائيل بحرية العمل في السودان يشكل خطورة عظمى على أمن البلاد، فبعد أن كانوا يدخلون البلاد تحت شعار جنسيات أخرى سيجدون الفرصة متاحة دون التخفي بجنسيات أخرى، ماذا سيتفيد السودان من العلاقة مع إسرائيل؟ ألم يبحث هؤلاء في مدرستهم هذا الأمر؟! إنه لأمر خطير أن يصدر تصريح كهذا من مسؤول كبير في الحزب السياسي وعلى درجة نائب رئيس الجمهورية في ولايته، وأحد المحسوبين من قيادات الحركة الإسلامية، وما رأي «علماء» الدين في نداءات المسؤولين الكبار الذين ينادون بمواددة من حاد الله ورسوله، ومن لعنهم ووعدهم بالعذاب الأليم في الآخرة؟ قبل ألف عام لم تكن هناك دولة يهودية، لذلك لم يجد السلف الصالح ضرورة إصدار فتوى بشأن العلاقات معها، هل صمت هؤلاء الآن بناءً على ذلك الموقف الذي لم يكن أصلاً موجوداً كقضية، أم صمتنا اليوم يعبر عن عجز الفقه لدينا أن يُفتي في أمر لم يتطرق له سلفنا الصالح!! ولم يكن بحاجة لأن يفتي في أمر غير موجود!! إن كل ما يدور الآن في السودان يشكل خطراً داهماً على وجوده وعلى وجود المسلمين في السودان، ولا أقول الإسلام فإن الإسلام باق فهو كلمة الله وكلماته لا تنفد ولا تفنى إنما الفانون والمسؤولون نحن الذين حملنا الأمانة واضعناها فبماذا نجيب صاحب الأمانة!!