ما جاء في خطاب النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه بالدمازين يشير إلى غضبة كبرى تملكته جراء تصرفات الحركة الشعبية ليقول: «سالمنا عن قوة وإيمان بالسلام والاستقرار إلا أن الحق والسلام لن يكون إلا بكسر شوكة الأعداء» ويزيد أن الدمازين التي لم يدخلها الأعداء إلا سلامًا خرجوا منها خونة.. فالسلام الذي قاده الرجل طوال السنوات الماضية والمتمخض عنه عودة الحركة الشعبية لم يكن بحسبانه سوف يُستغل من قِبل الذين وقعوا عليه، فالحركة الآم آثرت أن تذهب بالجنوب معلنة عن دولتها، أما الشعبية قطاع الشمال فرأت ضرورة أن تشعل حربها بجنوب كردفان والنيل الأزرق لتضرب بنيفاشا عرض الحائط متطلعة لجنوب جديد تحكمه بنفسها.. ويرى مراقبون أن حديث طه بالدمازين يعني في أبعاد مختلفة مواربة نافذة السلم والحوار والتوجه تلقاء الحسم والردع لحفظ هيبة الدولة ومواطنيها وهو الذي طلب من الجند «أن ارموا قدام في سبيل الله دفاعًا عن قيم المواطنة والعدالة» في المقابل ترى القوى السياسية أن حديث النائب الاول المليء بالصرامة ينم عن تراجع في موقف الخطاب المعتدل الذي اتصف به الرجل، ويقول علي السيد القيادي الاتحادي ل «الإنتباهة»: لم يكن النائب الأول يحتاج إلى هذا التصريح بل لو خرج من غيره لكان أفضل وهو لا يزال في نظر القوى الساسية رجل السلام والحوار.. وعن بقاء الحركة أو ذهابها بعد اليوم يرى السيد أن الحكومة تستطيع عمليًا أن تقضي على الحركة ومنع وجودها بالشمال. وطالب الحركة بتصحيح وضعها عبر قانون الأحزاب ومعالجة ما لزم حراكها الأخير بما يتيح فرص السلام والحوار.. وفي منحى آخر يرى قيادات بالوطني أن التهاون والتلاعب بإرادة الوطن وإشعال الحرب عن طريق الحركة الشعبية وجيوب التمرد الأخرى في مواقع مختلفة ما هو إلا استغلال سيئ لروح السلم التي قدمتها الحكومة الفترة الماضية لتجيء نتائجها غدرًا وتنكيلاً.. ولعل الفرص التي تسربت من بين أصابع الحركة الشعبية قطاع الشمال حول بقائها قبل الحرب لن تتوفر لها مرة أخرى بحسب ما تفضل به النائب الأول بيد أن هناك من يرى إمكانية تراجع الوطني عن خطابه إذا سنحت فرصة للحوار والسلم وهو ما تخلل مسيرة المعارضة والأحزاب السياسية طوال فترة الإنقاذ الأمر الذي مكَّن زعيم التمرد بالحركة الشعبية وقتها جون قرنق من العودة إلى الوطن. ويرى رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ أن موقف الحزب الحاكم من عقار والحلو وعرمان ليس ثابتًا فقد يتغير حسب التطورات والأحداث مشيرًا أن قرنق برغم عدائه السابق تصالح مع الحكومة، وآخرين تحولوا الى حكام بدلاً من ملاحقتهم قانونياً، ولا يدري أحد ما الذي يؤول إليه أمر عقار غداً. وبحسب مراقبين فإن الحكومة لن تتراجع عن موقفها الرادع تجاه تفلتات الحركة وعداوتها معلنة حسمها لكافة الأيادي التي تتطاول فوق إرادة البلاد.. وما بين دعوة طه المواطنين بالدمازين لتجريد الحركة الشعبية من أنصارها وحلها وعدم الدعوة إليها كقوله بوضوح «ما دايرين حركة شعبية تاني...».