جنوب كردفان في بادئ الأمر تفاعلت وتجاوبت مع التجربة الديمقراطية وكلٌّ أدلى بدلوه من دعاية انتخابية فيها «الحشاش يملأ شبكته» بما عنده من إنجازات تنموية على الأرض وبما يقدم من وعود وأصبح الطريق نحو صناديق الاقتراع هو الخيار لحاكمية الولاية في وسط انتخابي حر مراقب محلياً وعالمياً يعبِّر عن رأي أغلبية ساحقة تريد أن تنعم بالسلام ومواصلة ما تبقى من تنمية في مناخ مستقر وآمن وذلك مطلب الحركة، نتيجة الانتخابات هي قرار الكلمة الفصل لشعب جنوب كردفان بكل مكوناته من عرب ونوبة وبطون من قبائل أخرى كخيار أمثل لتنمية أفضل، انتصرت للصوت الحر في صندوق التنمية الذي حل محل صندوق الذخيرة والبارود، ثلاثة أيام مرّت لم يتخيّل المراقبون والمحللون أن تمرَّ مرور الكرام دون هجمة أو كتمة كما يتخيلون.. أهل جنوب كردفان أظهروا للعالم الذي يشكك سفراؤه ومنظماته قبل بداية الانتخابات بأن جنوب كردفان ستتحول إلى جحيم، خاب ظنهم مقابل سماحة الناخبين لأنهم أبناء وطن واحد مهما تفرقت بهم طرق السياسة، جنوب كردفان كانت حضناً يضم « كوكو وحماد الشفيع وتلفون بقادي وسومي حارن وتية شيبون وبلندية مريم ونورا والتومة وبرنجية» حقيقة هذا هو المشهد قبل الطوفان الذي جلب الدمار والخراب وذلك مجرب ليتهم يعلمون بأن «البجرب المجرّب عقله مخرب» وأحرى بنا كشعب لولاية جنوب كردفان أن ندعم جهود التعايش والتنمية لأنها حق للجميع وليست على فئة دون أخرى ونبذ التفرقة والنعرات العنصرية التي لا تحصد غير شرّ الفتن والدمار الذي لا يستثني الشيخ والطفل والمرأة ولا نسلِّم أمرنا لمن لا يحترم صوتنا وإرادتنا ويعبث بأمننا وما يجري على الأرض يدفع ثمنه مواطن جنوب كردفان والذين كانوا السبب أشعلوا نار الفتنة ولم ينتظروا لهيبها إلى متى تستخدم الحركة أبناء النوبة كوقود حرب وأتضح جلياً مما لا شك فيه في معارك أبيي وولاية الوحدة والبحيرات؟ يا ترى هل أبناء النوبة المشاركون في هذه المعارك هدفهم تحرير جبال النوبة؟ كيف يكون التهميش والاستغلال؟. حانت لحظة حكماء وقيادات ومنظمات المجتمع المدني من أبناء النوبة لقول الكلمة الفصل وهي كبح جماح عبث أدوار الحلو التي حوّلت جنوب كردفان إلى جحيم لا يمكن تحمُّله بسبب سيناريو جعل جنوب كردفان جنوباً جديداً لكي يكون حماية «درقة» لدولة جنوب السودان التي حسمت أمرها وقال رئيسها في خطابه الاحتفالي لقيام دولة جنوب السودان دون جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي «ناسنا في أبيي وجنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق لن ننساكم.. إذا بكيتم بكينا وإذا نزفتم نزفنا» تلك إشارة واضحة لاستخدام المنطقة بل الشريط الحدودي مسرح عمليات وتوريث أهله الدمار والنزوح والخراب ليتهم كانوا بفهم الأب فيليب عباس غبوش عندما دخل البرلمان من دوائر الحاج يوسف قلب الخرطوم في الديمقراطية الثالثة وخاطب الجلسة الافتتاحية وقال «جئنا نشاطركم الملبس والمسكن والمأكل وتجليس تلامذة الدرس» وذلك تندرج تحته المواطنة من شراكة في الحكم ونصيب مقدر في التنمية واحترام لحرية المعتقد وشعائرالعبادة بدءًا من المركز وانتهاء بالولايات والقرى والأرياف، الأب فيليب أوصل رسالته من غير أن يدفع الناس ثمناً لحروب لا فائدة منها لأن الرجل ببساطة كان همّه جبال النوبة واستقرار النوبة لأنه منهم وفيهم. تحالف كاودا وجلد الذي ضم حركات دارفور والحركة الشعبية والنيل الأزرق هدفه واضح كشمس الضحى وكذّب مقولة الحركة الشعبية بأنها وعاء جامع لكل السودانيين، هذه حيلة لا تنطلي على غافل، كفى خداعاً ومراوغة ورسالتنا للتحالف لن نترك النوبة كي يكونوا حقل تجارب لفشل ونجاح الحركة وسنشاطرهم المسكن والمأكل والملبس بيننا الوطن والدين والتعايش والنسب لأن جنوب كردفان لم تكن مسرح قتال من قبل بيننا. طريق الصندوق كان هو الخيار المتفق عليه وليس الرصاص والقنابل وتلك تجربة واختبار حقيقي لإرضاء طموح شعب الولاية غابت «النجمة» في سماء ولاية جنوب كردفان لأسباب موضوعية يعلمها كل قارئ ومحلل ونفر، منها فشل الخطاب السياسي الذي يعتمد على الاحتواء والتحريض من غير تقديم عمل تنموي محسوس، سجن القائد تلفون كوكو وهو من أبناء النوبة ويمثل رمزية الثائر وعدم معرفة الحركة بأن «الزنزانة» رصيد ضخم ومجاني لأي سياسي يحمل هموم قضية، ولذلك تعاطف عدد كبير من أهله وأصدقائه وجنده الذين صال وجال معهم قبيل معرفة ما كان تخبئه الحركة له والآن هو حبيس زنزانته في جوبا ونتاجه إضعاف رصيد الحركة الإنتخابي من غير تسويق حجة التزوير وخطاب الحركة المتحامل والمتحيز والمتناقض في قضية أبيي وسط ديار المسيرية، بدأت حمى فقدان البوصلة في كادقلي التي صوّت أهلها للاستقرار مع بقية مدن وقرى الولاية فبات من المؤكد لدى الحركة بأن «كاودا وجلد» لم يضمنا فوز الحركة والعميد«تاو كنجلا» المشرف على اللجنة الأمنية لتأمين الانتخابات خير شاهد والرجل كان متوازناً وفي حياد من خلال رفع تقارير النتائج والفرز قبل أن تصل إشارة وأوامر إجندات الخارج من دولة جنوب السودان لحركة الشمال بتغيير الواقع على الأرض بفهم خارجي. سلفا كير نظر بمنظار عقلاني من جوبا لموقف الحركة وأدائها الأضعف من ضعيف بجنوب كرفان فلم يوفِ بوعد الزيارة التي بررت بدواعٍ أمنية، لم يكن ذلك هو السبب: لأن ثقافة أهل السودان لم تعرف قنص الشخصيات المهمة من فوق المنصات الخطابية وحتى لو جاء سلفا كير إلى كادقلي الزيارة كان هدفها استدرار عطف الجماهير، كيف يكون وابنهم في ظلمات سجون الحركة وهو أولى بالترشح من الحلو، لذلك سلفا كير نأى بنفسة تفادياً لبرنامج متناقض وهو عرّابه لضمان فصل دولة الجنوب مع الاحتفاظ «بريموت كنترول حركة الشمال» الفوز كان رسالة شعب جنوب كردفان للحلو وياسر وألور وباقان وعقار بأننا تعلّمنا من الأساتذة حب السودان وجنوب كردفان ومنهم الأسد المعلم عبدالرحيم نمر طيّب الله ثراه وحمدون تيّة وعجيب حسن أندو وجمعة بيرو ترك وصديق شلنقو علي ومصطفى دقل وعبدالله عبدالرحيم ومعلمات تفوح منهن رياحين الأمومة وهداية السماحة ومشاعل من نور كثر، أدوا رسالة تعليم الأجيال بمهنية عالية تخلو من رائحة التفرقة والعنصرية لجيل قضى وحاضر، لذلك سرنا على الدرب وصوتنا نوبة وعرب على نهج ما تعلمنا لصالح جنوب كردفان تحت شعار: «تنمية واستقرار وأمان» وقلنا لقادة جوبا هذه بضاعتكم ردت إليكم كبرنامج لم يستطع تحقيق أبسط مقومات حياة كريمة لأهل الجنوب بل جلب لهم التشرذم والصراعات وقتل بعضهم بعضاً وذلك بشهادة المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني ونحسبه برنامج وصايا مستورداً من دولة أجنبية وليدة لها ما لها من تعقيدات داخلية، أما كأفراد فدعوهم بين أهليهم في جنوب كردفان لبناء نسيج إاجتماعي متسامح اختلطت دماؤهم مصاهرة في كل بيت وأسرة حتما سيأتي زمن نختار فيهم من يدير أمرنا في مقبل الأيام عبر صندوق الاقتراع الذي هو شاهد بيننا من غير تكتيكات عسكرية وانسحاب بعد نهاية مشوار والعزاء في النجمة «الرب أعطى والرب أخذ أخذ مليك مقتدر» ووداعاً نجمة علم دولة جنوب السودان.