نفضت رأسها في اسى قبل ان تجلس على حجر امام باب المدرسة وتضع امامها حافظة لبيع الايس كريم.. نكست رأسها وهي تنصت لصوت الجرس الذي تعشقه غص حلقها وهي تسمع صخب الطلاب ايذانًا بان وقت استراحة الفطور قد حان فبدأت تردد بصوت مختنق «داردمة.. عرديب» انهمكت في عملية بيع وشراء لم يوقفها الا صوت الجرس الذي جعل الاطفال يركضون الى داخل المدرسة لتعود من جديد الى افكارها الرمادية.. العام الماضي كانت تدرس هنا.. لها حقيبة ودفاتر.. واحيانًا لفافة طعام واحيانًا اخرى اناء به كسرة حافة وحينًا آخر بمعدة خاوية فقط.. الا انها كانت سعيدة تركض مع الاطفال وتلعب وتدرس وتفرح في آخر العام عندما تستلم نتيجة نهاية العام مثل غيرها ولكن في برهة اكبر من ان يتقبلها عقلها الصغير تبدلت الدنيا فهي مضطرة ان تعمل في المنزل المجاور للمدرسة وتبيع الدندرمة التي تعدها صاحبة المنزل.. امها كانت تعمل هناك والآن هي مريضة ولا بد ان تعمل بدلاً منها لان والدها غادر ذات صباح دون عودة وعليها ان توفر ثمن دقيق العصيدة لغداء اخوانها الصغار.. كم بكت وهي تمر صباحًا من امام المدرسة دون ان تدخل.. وكم وقفت ترقب من خلال السور طابور الصباح وتحيي العلم معهم وتركض الى داخل المنزل وهم الى الفصل.. وكم مرت امامها حاملة كيسًا به بقايا طعام وثلج آخر اليوم وهي تتحاشى نظرات زملائها المتسائلة.. ركضت مبتعدة عندما رن الجرس.. ملَّت من ترديد نفس العبارة لأصدقائها سأعود الشهر القادم أملاً في ان تشفى امها وتعود هي الى الفصل.. «فهل تعودين يا امي ام هي نهاية المطاف؟».