توقفنا في الحلقة السابقة بعد استعراض أحوال سوق المدينة وبعض الشخصيات الهامة وسوف ندلف مباشرة إلى أخذ وجبات غذائية بأهم مطاعم المدينة في ذلك العهد في ستينيات القرن الماضي كانت مطاعم المدينة تنقسم إلى قسمين: المطاعم التي تقدم اللحوم والغداء والأخرى التي تقدم وجبة الفول، وسوف أبدأ من الأخيرة حيث كان هنالك مشاهير لتقديم وجبة الفول وكانت شهرتهم تفوق المدينة إلى كل أرجاء السودان، وأهم هذه المطاعم مطعم كسلا وأبو ظريفة وحاج محمد، وجل أهل المدينة كانوا يتناولون وجبة إفطار خاصة بأحد هذه المطاعم وخاصة الموظفين والعمال بالدواوين الحكومية وكذلك وجبة العشاء حيث لم تكن هذه المطاعم تقدم وجبة للغداء. أما المطاعم الأخرى فكانت تقدم كل الوجبات من فطور وغداء وعشاء وكل أنواع الطعام من كبدة وبيض وكستيلتة وشية وبلدي وجميع الخضارات وأهمها مطعم ود كسوك وعبد المجيد ومطعم عبد السلام وبانقا وهذه المطاعم على سبيل المثال وليس الحصر، إذ كانت هنالك بعض المطاعم الشعبية الأخرى في أنحاء متفرقة من سوق المدينة، وهنالك مطاعم أخرى بالسوق الجديد والأسواق الأخرى الخاصة بالأحياء كسوق الدرجة وخلافه. ومن الأشياء اللافتة للنظر وإنني شاهد عليها أن مطعم كسلا للفول يقدم وجبات الإفطار والعشاء يومياً لأبناء مدني بواسطة المرحوم/ إبراهيم كسلا وهذه إحدى محاسن مدينة مدني من ناحية العقد الاجتماعي. وبعد ذلك نبدأ الدخول لقضاء وقت جميل بالنسبة للنوادي العامرة بالمدينة ونبدأ من نادي الجزيرة وهو نادٍ اجتماعي ثقافي أُسس منذ العهد الإنجليزي وكان يرتاده موظفو مشروع الجزيرة والري ووجهاء المدينة وبه كل المناشط الثقافية والاجتماعية وتقام به دورات لتعليم فن السباحة، وهنالك مسابقات تقام فيه من وقت لآخر، وهو نادٍ فخيم وجميل ويقع على ضفة النيل الأزرق بشارع النيل وفي مساحة كبيرة وملحق به فندق خمسة نجوم ومطعم وملاعب أخرى مثل التنس والغولف وغيرهما من الألعاب، وتقام به أيضاً الحفلات الخاصة بالمناسبات مثل رأس السنة وغيرها، وهنالك أيضاً نادي الخريجين وموقعه في وسط المدينة، وهو نادي مناهضة الاستعمار، حيث أُسس بواسطة المثقفين لنشر ثقافة الاستقلال وتقام عليه المناسبات الوطنية من ليالٍ سياسية ومعارض للكتب وخلافه، ومعظم رواده من الطبقة المثقفة، كما توجد هنالك نوادٍ أخرى اجتماعية في بركات والبحوث الزراعية وهي أندية اجتماعية، أما النوادي الرياضية فهنالك نادي الأهلي ونادي النيل ونادي الاتحاد الذي انسلخ من نادي النيل وجزيرة الفيل، وهنالك الأندية الأخرى الخاصة بالروابط مثل نادي المريخ والتضامن والرابطة والعمالقة وغيرها، وكانت أندية المدينة هي المصدر الأساسي لتغذية أندية القمة بالخرطوم من اللاعبين، وكذلك الفريق القومي، وكانت أم المدائن تزخر باللاعبين الأشاوس أمثال سمير صالح وسانتو الكبير والصغير وسيد مصطفى أولاد الكوري فيصل وخضر وحمد والديبة وحموري الصغير والكبير والاسيد أولاد الله جابو وسنطة وخلافهم وهم كثر، وهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، وهذه النوادي الرياضية كانت تقدم كل الخدمات الرياضية والاجتماعية والثقافية وكانت زاخرة أيضاً بعمالقة المدربين أمثال محمد كندة وسيد سليم، وجل هذه الأندية كانت تنصهر في بوتقة واحدة من حيث نشر الثقافة الرياضية بين أبناء المدينة والمشاركة في كل المناسبات الاجتماعية التي تحصل بالمدينة متناسين كل المنافسات التي تجمع بينهم، وسهم الختام حول هذه الجزئية فإن الرئيس الأسبق جعفر نميري كان من ضمن لاعبي فريق الاتحاد بود مدني، وكان على اتصال بهذا النادي وهو على قمة السلطة، وهذا يعتبر بمثابة تشريف للقطاع الرياضي بأم المدائن مدينة ود مدني، وإلى اللقاء في الحلقة القادمة لتبيان الناحية التعليمية بهذه المدينة من مدارس ومكاتب للتعليم وأساتذة أجلاء. وإلى ذلك الحين نستودعكم الله.