الحكومة السودانية تقدم أربع ملاحظات حاسمة على عرض الهدنة إلى الآلية التقنية للمجموعة الرباعية    مرسوم رئاسي يهزّ جنوب السودان..ماذا يجري؟    السجن 15 عاما على مشارك مع قوات التمرد بأم درمان    تحرّك فعّال للتسوية..اجتماع مثير في تركيا حول حرب السودان    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    أبياه يستدعي السداسي والخماسي يغادر رواندا    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اشتراطات الكاف تجبر المريخ على إزالات حول "القلعة الحمراء"    وزارة الصحة تناقش خطة العام 2026    العلم يكسب الشباب في دورة شهداء الكرامة برفاعة    إكتمال الترتيبات اللوجستية لتأهيل استاد حلفا الجديدة وسط ترقب كبير من الوسط الرياضي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    كأس العالم.. أسعار "ركن السيارات" تصدم عشاق الكرة    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خضراء الدِمَن وفتاة الأربعين وعانس الستين!!.. د. حسن التيجاني
نشر في الانتباهة يوم 25 - 12 - 2013

لم يعد العمر في زماننا هذا معضلة للتفاؤل والأمل... فما عادت الأيام هي الأيام ولا السنوات هي السنوات التي نعرفها في أثر بعدها النفسي علينا... متاعب الحياة وهمومها الكثيرة هي وراء أن تصبح الأيام مثل «حلاوة القطن» التي تذوب بمجرد وصولها اللسان لا تترك إلا أثر لونها.. هكذا نحسب أن الأيام تضيع من بين أيدينا ولا تترك فينا إلا أثرها السيئ على نفوسنا وحسرة تفلتها يوماً وراء الآخر، ولم نسجل فيها ما يطمئن ويريح النفس قليلاً.
وعزاؤنا الوحيد في هذه الدنيا أننا ما عدنا نحسب الأيام ولا الليالي، فكلها تتشابه، وكلها تأخذ لوناً واحداً هو لون الضباب وصعوبة الرؤية التي تسمح لنا برؤية بصيص أمل بأن في الوقت براحاً لنفعل ما نريده ونبتغيه. ابن الثمانين بعد الألف وتسعمائة صار عمره الآن ثلاثة وثلاثين عاماً... ومكانه سر لم يقدم لنفسه شيئاً يذكر ناهيك عن أن يقدم لأسرته وأهله الذين ينتظرونه، فمازال ينتظر معونة الأبوين إن كانت لهما معونة أو زاد يدخرونه لهذا الزمن يقدماه له ولمن هم معه في ذات الأسرة... فجميعهم مكبلون بقيود الوهم والحسرة والألم ينتظرون الوهم الأكبر بأن يتوظفوا في وظيفة لا تحقق لهم مبتغاهم ومرادهم... ناهيك عن طموحهم في زواج لإكمال نصف دينهم الذي يزيد عليهم الطين «بلة»... وعطاء الإنسان يبدأ من الثاني والعشرين من العمر حيث القوة والصبية والشدة... فإذا فكر جاداً بأن «يعملها» وتزوج بعون ودعم الأسرة سيضيف تعاسة ووبالاً لأسرته الكبيرة والمجتمع، ولن يفلح بمال الوظيفة في أن يواجه مطلوبات الحمل والولادة وضرورات التعليم الذي أصبح مارداً جباراً يعشعش في أذهان الآباء والأمهات دون جدوى للخلاص من فكرته... وإن بقى على حاله ففترة شبابه تقوده لإنزال الأذى بالمجتمع مهما كان صابراً ومتماسكاً وصلباً للتعايش مع معطيات المجتمع من الساقطات وملهياته من المخدرات والخمور والهوى بما يحققه من مال تحققه له الوظيفة وضعف المستوى والعائد. ورغم كل هذا فإن الحياة لن تتوقف ولكنها تضخ كل يوم إفرازات لا حول لها ولا قوة... أطفال يقذفون على مفترق الطرقات، ودور الرعاية تشكو وتئن من ويلات صراخ الأطفال مفقودي الأبوين.. وهذا هو نتاج دوران الحياة بتروسها الصدئة التي تحدث أنيناً اجتماعياً... يقف الجميع حائراً مكتوف الأيدي لإيقاف صوتها المؤذي. هذه هي صورة الحياة التي نعيشها اليوم وكل يوم... وكل ساعة تزدحم المقابر بالأموات الذين في أعمارهم المبكرة نتاج هذا السلوك اللاأخلاقي، وبعضهم من الأبرياء الذين ذهبوا عن هذه الفانية بحسرتهم وأدبهم وألم العمر الذي ضاع من بين أيديهم، دون أن يحققوا شيئاً من أحلامهم التي جاءوا للدنيا من أجلها.
ولم يعد التفكير في الزواج طموحاً لدى الشباب، فالواقع المعاش يؤكد ذلك دون نقاش، وبنت العشرين لم تعد تحلم بتخضيب أناملها ناهيك عن قدميها... والفالحة صاحبة الحظ التي تلحق في الأربعين بنيل حظها من الزواج وهي في عمرها هذا في ريعان شبابها يمكن أن تعطي زواجاً نافعاً حتى عمر الستين، وبعدها تنهار قوتها، ويا له من حظ لو حباها الله بمولود تفلح في حسن تربيته علها تكون بهذا قدمت للمجتمع شيئاً من المنتظر.. أما إذا بلغت الخمسين وهي على حالتها عازبة فنعتذر لها، حيث بالإمكان أن نطلق عليها لقب عانسة الزمان الصعب... فهذه عليها أن تركن لحظها وقدرها، وأن تجتهد لمقابلة هذا النسيان بالرضاء والقسمة والنصيب، وأن تمتثل لأمر الله عسى أن يعوضها الله عن ذلك بالجنة، وما ذاك على الله ببعيد... وبالرؤية الثاقبة لبنات الغبش وقراءة الواقع فإنهن الأكثر قبولاً بالزواج بأية كيفية وأية لونية، لكن المتضرر هو المجتمع حين يقفن في وسط المشوار حائرات ماذا يفعلن، وإذا زاد طموحهن وظللن يحلمن بفتى الأحلام صاحب المال والجاه والوجاهة سينتظرن كثيراً ليبلغن الخمسين، هذا إذا ساعدتهن مواصفات الجمال والأدب.
والشارع العام الآن يقص علينا حقيقة ما نقول، والجامعات تكتظ بالبنات في سن الأربعين في ما يسمونه الدراسات العليا، ظناً منهن أنه البديل المتوفر في غياب الزواج المبكر. وإحصائية الطلاق في سن النساء المبكرة خير دليل على صعوبة استمرار الحياة وقسوتها نتيجة للخلافات بين الزوج والزوجة لصعوبة مواجهة ضرورات الحياة. والمتضرر الأول الأسرة التي تعجلت وتسرعت... والمطلقات ينتظرن دورهن في الزواج بأية شكلية وأية لونية خصماً على صاحبات الحق من اللائي لم يذقن طعم الزواج بعد.. وسهولة الزواج من المطلقات وصعوبته من البكر يجعل الأمر جد غريب... والمعادلة غير موزونة وتحدث الهزة الاجتماعية التي تتساقط منها العديدات ويصبحن في مفترق الطرق بين الانضباط والإنحلال والتفكك والتردي الذي لا تحمد له عاقبة... بل يصبح منبوذاً منكراً يصرخ منه المجتمع... السؤال الذي ليست لدي عنه إجابة... هل نوقف سنة الرسول الكريم وهو الذي يقول «تزوجوا فقراء يغنيكم الله»... أم ننسى حديثه الكريم: «شراركم عزابكم» أو ما يقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم «اظفر بذات الدين تربت يداك»؟ لكن أفضل الإجابة عنده صلى الله عليه وسلم واضعاً أكثر الإجابات والحلول اتزاناً لضمان استمرار المجتمع، حين قال: «إياكم وخضراء الدمن.. قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال الحسناء في منبت السوء.. إذاً لا تفيد ذات المال والجمال وهي الخارجة من بيت مهزوز «مخلخل» همه المال والتظاهر فالعرق دساس.. وبعدها يقول عليه أفضل الصلاة والتسليم «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق».. إنها آخر مفاهيم الإستراتيجية الاجتماعية لحفظ كيان المجتمع معافى سليماً مترابطاً من الهزة التي نعيشها اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.