نصيحتي لكم.. من كان لا يتماسك عند الضغاط فليتجنب الزحام والخصام. وأول تجنب الجمهوريين للخصام إقلاعهم عن محاولة تسجيل حزب، فدونه من الضغاط ما لا يطيقونه وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال جمهوري. ما زلت في انتظار الإجابة عن السؤالين الماضيين وها أنذا أتقدم بالسؤال الثالث: يقول صاحبكم في الرسالة الثانية وهو يتحدث عن القضاء والقدر: «ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيراً، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حياً حياة الله، وعالماً علم الله، ومريداً إرادة الله، وقادراً قدرة الله، ويكون الله». ولا تضيعوا وقت المسلمين ووقتي ووقتكم في شتمي ونعتي بالنعوت.. الرسالة وصلت.. فقط أجيبونا كيف يكون العبد هو الله.. وكيف يحيا حياة الله ويكون قادراً قدرة الله ومريداً إرادة الله وعالماً علم الله؟ كيف يصح ذلك؟ دعك من أن يصح حقيقة؟ كيف يصح مجازاً؟ وكيف نضرب صفة الله مثلاً لصفة العبد؟ كيف نقول لعبد مهما بلغ إنه كالله في العلم وكالله في القدرة؟ إذا كنا لا نستطيع أن نفعل ذلك مجازاً، فكيف نفعله حقيقة؟ وكيف يكون العبد هو الله؟ لن أحدثكم عن وحدة الوجود ولا عن الزندقة أسألكم عن هذه الأقوال: أليس أقل من هذا القول يعتبرا كفراً وردة؟ لا داعي للسفسطة وتوليد الأفكار فأنا من أمة الاتباع لا من أمة الابتداع وأرجو أن أكون من الذين مدحهم الحق عز وجل في كتابه حين قال: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ». لا أجادل الآن ولا أحاور بل أسأل واستفسر وأطلب الإجابة.. ولي بعدها معكم حديث، بل أحاديث. السؤال الرابع: ما هو الفرق بين السنة والشريعة؟ بل، لماذا أصلاًَ نحتاج إلى أن نفرق بينهما تفريق تضاد وتباين؟ وكيف يكون بينهما تضاد وتباين وإحداهما مصطلح فرأي له مدلول واضح ومحدد، والأخرى كلمة عربية عادية استخدمها القرآن مرة واحدة.فقد وردت كلمة سنة وسنن في القرآن سبع عشرة مرة، ووردت كلمة شريعة مرة واحدة. وهي قوله تعالى «ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها». بل أن مفردة سنة وردت في الحديث عشرات المرات إن لم تكن مئات المرات، وأصبح مصطلح الكتاب والسنة من مصطلحات العقيدة والفقه والسياسة في الإسلام، بل أصبح مصطلح السنة والجماعة من أهم مصطلحات أهل الإسلام.. ومصطلح السنة مصطلح منضبط وهو دائماً يأتي في مقابلة القرآن أو الكتاب أو الوحي المتلو. والسنة عند الأصوليين هي قول النبي أو فعله أو تقريره وهي أحد المصادر المهمة للشريعة الإسلامية بل هي ثاني أهم مصدر: الكتاب والسنة.. الإجماع.. القياس، وهناك مصادر أخرى فرعية لن نخوض فيها هنا. أما الشريعة فتطلق أحياناً لتعني الدين كله، أي كل ما أنزل على محمد من عقائد وعبادات وأحكام معاملات وسياسات وحلال وحرام ومكروه ومندوب. وأحياناً تطلق لتعني الأحكام العملية دون الاعتقادات القلبية، ومن هنا عندما نقول تطبيق الشريعة فالمعنى تطبيق الأحكام العملية الظاهرة إذ لا يمكن أن نتحكم في أعمال القلوب. إن الذي نشاهده عندكم هو أن تعريف الشريعة والسنة يؤدي للتفريق بينهما تفريق تضاد وتباين وتمايز، وهو إنما يأتي من باب التحكم وتوليد الأفكار الفلسفية وهذا أمر لله فيه مقال تعلمونه وتخالفونه اتباعاً للرأي والاختيارات الفلسفية. إن الذي نريده منكم هو النصوص والشواهد من القرآن والسنة التي تجلعنا نفرق بين الشريعة والسنة ولا نقبل يومئذ الأفكار ولا أقوال الحكماء، بل فقط القرآن والسنة.. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.. إنكم تأتون بأمر ليس من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وحتى لو كان الإسلام رسالتين وخاب وخسر من زعم ذلك فإن الرسالة الثانية لا تلغي الرسالة الأولى، بل أن الرسالة الثانية إن وجدت تستمد شرعيتها من نصوص الرسالة الأولى التي وردت على لسان المعصوم صلى الله عليه وسلم (صلوا عليه أيها الجمهوريون وخالفوا محمود محمد طه فإنه لا يصلي عليه). السؤال الخامس: ما هو سر الكرسي الشاغر الذي يظل دائماً شاغراً في مناظرات محمود محمد طه بينه وبين مناظره؟ ودعونا من حكاية الجمهورية الذي اشتاق إلى محمود محمد طه فاقتحم عليهم غرفته ليفاجأ برجل عار معه، وهي حكاية إن صحت فإن الرجل العاري هو الشيطان نفسه.. دعونا من هذه الحكاية مع أن ردود محمد الأمين عبد الرازق لا تسمن ولا تغني ولا تقنع طفلاً. اجيبوا عن هذا السؤال: ما هي حكاية آفة الأذن؟ وما قصة الشيخ عبد الجبار المبارك رحمه الله مع محمود محمد طه ومناظرته إياه؟إذا كنتم تظنون أننا نلفق ونكذب فهذا شأنكم، ولكن صدقوني القصة معروفة ومشهورة، والذين حضروها أحياء ونعرف عدداً منهم ويمكنهم أن يتقدموا للشهادة، ومع ذلك فإن الشيخ عبد الجبار المبارك قد حكاها لشهود عدول نعرف عدداً منهم وسيتقدمون للشهادة حسبة لله. ونقول للأخ بكري المدني: نحسب أن فيك بذرة خير نسأل الله أن يسقيها ويرويها.. فرغم الذي بدر منك فما زلنا نحفظ لك شيئاً من الود القديم الذي صنعه أهلنا قبل عشرات السنين.. وهو غرس نرجو أن يطيب. أما محمد محمد الأمين عبد الرازق الذي يدعو إلى إبطال شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويتهمها باطلاً بأنها تضييق اتباعاً لشيخه محمود محمد طه ويخالف النصوص المحكمة من الكتاب والسنة فإن لنا معه شأنين: الأول: أن نفحمه ونلجمه ونبين له عوار كلامه وسقام نظامه. فهو يقول في «ص 6» من كتابه (الإسلام والحكم الدستوري) «وبهذا تكون شمس الشريعة قد سقطت في كبد السماء ثم يمضي الزمن ويطول وتتغير أوضاع الناس فتضيق تلك الشريعة «يقصد شريعة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم» أمام المستجدات خلال حركة المجتمع الصاعدة فيخرج المجتمع عنها شيئاً فشيئاً حتى يدخل الناس في دورة الحقيقة مرة ثانية وقد تتبقى صور شكلية من الشريعة السابقة. «تصوروا أن شريعة النبي المختار محمد بن عبد الله يسمونها الشريعة السابقة»، لا وزن لها في ميزان القيمة الإنسانية فتنبت أيضاً أعراف جديدة لا تنضبط إلا إذا جاء نبي مرسل جديد بشريعة جديدة». انتهى كلام محمد محمد الأمين عبد الرازق، وهذا والله هو الكفر الصريح الذي عندكم عليه من الله برهان. محمود محمد طه يقر بأن المعصوم «صلى الله عليه وسلم» قد ختم النبوة ولم يختم الرسالة.. ولكن محمد محمد الأمين عبد الرازق يكفر بما قاله محمود محمد طه ويدعو إلى نبي جديد ورسول جديد. سوف تسمع منا يا ابن عبد الرازق قريباً جداً في هذا الشأن وفي الشأن الخاص.. وإذا انشغل بك سعد فهذا والله يوم نحسك.