* رسالة وصلتني من الزميل أبو علي عبيد تعقيباً على عمود تحدثنا فيه ضمن ما تحدثنا عن ضرورة إنشاء مقر ثابت لمعرض الكتاب. * الأستاذة تيسير، أني لأراك تبحثين في أسى عن مقر دائم لمعارض الكتاب الجائلة بين دار الشرطة ومعرض الخرطوم الدولي في غياب تام لوزارة الثقافة والمجلس القومي للآداب والفنون «المنسي». فهذا المنشط من أولى واجباتهما، وأذكر في السبعينات والثمانينات كان المجلس القومي للآداب والفنون جاذباً للأدباء والفنانين التشكليين بمقره البسيط بالخرطوم شرق، وكان الجمهور يحتفي أيما احتفاء بمعارض الكتاب والفنون الجميلة التي كان المرحوم الأستاذ قيلي أحمد عمر مؤسس المجلس يوليها جل اهتمامه بحكم صلته القوية بدور الثقافة المصرية واللبنانية. ثم جاء من بعده للمجلس المرحوم الشاعر مبارك المغربي ، فاهتم هو الآخر بالكتاب والشعر، ثم جاء المرحوم السفير الأديب جمال محمد أحمد ولاحظ ضيق مواعين الثقافة، وفي أول فرصة له في الاشتراك في ندوة الحوار العربي الأوروبي ببون في 1982م، أجرى على هامش الندوة محادثات مع د. البرخت حاكم إقليم ساكسوني الألماني، وحصل على موافقته لتقديم عون فني للثقافة يتمثل في إنشاء مكتبة ودور عرض وقاعات محاضرات بالخرطوم. غير أن الأستاذ جمال فشل في حمل وزير الثقافة والإعلام د. أبو ساق لتبني المشروع بل أن الأستاذ جمال تعب من الجري للاجتماع بالوزير. وقال في أسى إن انتظاره لمقابلة الملكة اليزابيث كان لا يستغرق أكثر من ربع الساعة، بينما انتظاره لأبي ساق صار كانتظار«جودو».. ذهب جمال وضاعت أعظم فرصة على تحديث بنيات الثقافة في السودان، فبقيت الثقافة بلا مأوى، فلجأت معارض الكتاب لدار الشرطة ومعرض الخرطوم الدولي ومعارض الفنون الجميلة لمؤسسة أروقة والمراكز الثقافية الأجنبية وجوائز الإبداع الأدبي تبنتها الشركات الخاصة، وحلت الدراما بمسرح الهوا. وهناك جهات حرصت على الاستحواذ على الأراضي الشاسعة لأنشطتها غير الظاهرة، كجامعة إفريقيا العالمية، وكان من الممكن إنشاء مكتبة عالمية بجامعة إفريقيا العالمية على غرار مكتبة الأسكندرية العالمية.. نجد أن قصر النظر الإستراتيجي قاد إلى إنشاء مكتبة عامة بالسوق العربي «القبة الخضراء» وسرعان ما أزيلت نهائياً.. فيا سيدتي لا تتحسري بعد اليوم على مصير الكتاب الورقي، وانظري بلا تردد للبديل للمكتبة الإلكترونية.. وأنا أحد الذين تخلصوا من مكتباتهم واعتمدوا على السيد «قوقل» في معارفي، فهو يعطيك بلا جهد كل ما تشتهيه من المعارف.