رغم أن أسرة قيادة التحرير في صحيفة «المستقلة» كانت قد حصلت على فضل وسبق المبادرة من جانب الأستاذ علي عثمان محمد طه لإعطاء إفادة مستفيضة أدلى بها للمرة الأولى أثناء الفترة القليلة المنصرمة بعد أن تخلى عن موقعه ووضعه القيادي على المستوى الرسمي كنائب أول للسيد رئيس الجمهورية، وفي الصعيد الحزبي كنائب لرئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم للشأن التنفيذي، وذلك على النحو الذي جري لدى إقالته من مناصبه المشار إليها في ديسمبر الماضي. حيث وافق على الاستجابة حينها لما دعت له «المستقلة» لدى صدورها، وأقدم على المبادرة الأولى في الإدلاء برؤية تبدو متكاملة ومتماسكة فيما يتعلق بقراءته للتطور السياسي الجاري منذ استيلاء الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة على سدة مقاليد السلطة بانقلاب ثوري مدني وعسكري قامت به في العام 1989م، وظلت مسيطرة على الحكم بهيمنة منفردة حتى وصلت إلى الوضع الحالي بتحدياته وتفاعلاته وأزماته المتراكمة والمتفاقمة والمحتقنة والمحتدمة. كما بادر مرة أخرى لإعطاء إفادة ثانية اختار أن يدلي بها للأخ النبيل والزميل والصديق العزيز الأستاذ جمال عنقرة رئيس تحرير «المستقلة»، كان أهم ما فيها أنه أعلن، بطريقة جاءت لافتة في توقيتها وأسلوبها، عن تأييده لإعادة ترشيح السيد رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم المشير عمر البشير للاستمرار في منصبيه لدورة جديدة بدأت بالفعل بالنسبة للحزب، وستبدأ في العام المقبل كما هو مقرر بالنسبة لرئاسة الدولة. على الرغم من السبق الصحفي المشار إليه والذي تفضل به الأستاذ علي عثمان واختار أن تحظى به صحيفة «المستقلة» إلاّ أن استجابته للإدلاء بإفادة للزميلين الأستاذ محمد عبد القادر رئيس تحرير صحيفة «الرأي العام» والأستاذ فتح الرحمن شبارقة المحرر السياسي المرموق والمتميز بما يمتاز به في المستوى القيادي لهذه الصحيفة الوطنية العريقة والمخضرمة. جاءت أكثرعمقاً في قضاياها، والاستفاضة في تناولها للأبعاد المتعلقة بأقداره وأدواره ورؤيته لما قام به، وما قد يتجه إلى الإقدام عليه في المرحلة المقبلة على المستوى السياسي والعمل الثقافي والاجتماعي على الصعيد الوطني والحضاري والأفق المستقبلي الممتد من الماضي إلى الحاضر والمستقبل. وقبل أن نمضي في التعليق على ما أدلى به الأستاذ علي عثمان لكل من صحيفتي «المستقلة» و «الرأي العام»، وذلك على النحو الذي نرى أنه ينطوي على دلالة ذات مغزى بعيد المدى، فإنني عندما اطلعت على الإفادة الأخيرة التي نجحت في استخلاصها منه وتفوقت في الحصول على استجابته لها «الرأي العام» بالأحرى وللدقة، عادت بي الذاكرة إلى أكثر من محطة كنت قد وقفت عليها بصفة مباشرة وغير مباشرة، وظلت راسخة بالنسبة لي على المستوى الشخصي، فيما يتعلق بالأستاذ علي عثمان، وما أتيح لي أن أتعرف عليه حول أدواره وأقداره على المستوى الوطني في الصعيد السياسي بصفة عامة، وفيما يختص بالأقدار والأدوار المؤثرة والشديدة الوطأة التي اختارها وشاءت له الأقدار المسطرة أن يضطلع بها في القيادة العليا للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، وخاصة في المرحلة اللاحقة للمصالحة الوطنية بينها وبين نظام حكم الزعيم الوطني الراحل المرحوم جعفر نميري عام 1977، ثم المرحلة التالية للإطاحة بذلك الحكم الديكتاتوري والعودة للحكم المدني المنتخب بإرادة شعبية ثم التعبير عنها بعد حقبة انتقالية قصيرة ووجيزة مهدت لها وأفضت إليها بين عامي 85/1986م ثم في الحقبة الأخيرة للحكم المدني المنتخب في سياق تعدد حزبي وإطار ومناخ ديمقراطي مفتوح ومنفتح امتد من 1986 وحتى تمت الإطاحة به بانقلاب ثوري مدني وعسكري قامت به النخبة السودانية في الحركة الإسلامية الحديثة والمعاصرة عام 1989م، ثم أخيراً منذ العام 1989م وحتى الآن. وفي الحقيقة، فقد كان أول ما تبادر وتوارد إلى الذاكرة عندما اطلعت على الإفادة المستفيضة وذات المغزى والدلالة البعيدة المدى كما أدلى بها الأستاذ علي عثمان لصحيفة «الرأي العام» ونشرت الحلقة الأخيرة والرابعة منها أمس السبت، هو الشهادة المهمة والموثقة من حيث ما تحظى به من مصداقية تاريخية مؤكدة لها، والتي أدلى بها لنا شيخ الفضل والكرم العربي الأخ الكريم والنبيل الأستاذ محجوب فضل بدري المستشار الصحفي السابق للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير حول رؤية الأخير للأستاذ علي عثمان والدور المستقبلي الذي يدخره له على النحو الذي نشير له غداً إن شاء الله.