السياسة في السودان أشبه بلعبة «الحريق» في الكوتشينة، وترقى أحياناً للعبة «الوست»، غير أنها في كل الأحوال لا تبلغ لعبة «الشطرنج»، لأنها أقل تنظيماً من ذلك، وأدنى تدبيراً. «2» الحزب القطّاع. في الكوتشينة يقطع اللاعب الذي يجلس شمال الفاتح، وفي السياسة أيضاً. المؤتمر الشعبي، أو الدكتور حسن الترابي بغض النظر عن مسميات الأحزاب التي يكونها ويرأسها، هو الذي «يقطع». الحوار الوطني الأخير تأكيد لتلك النظرية، فتح «المؤتمر الوطني»، وقطع «المؤتمر الشعبي». عليه فإن الدكتور حسن الترابي هو «قطّاع»... أو هو دائماً ما يكون موقعه في كل الحكومات «شمال الفاتح». الترابي «قطع» في حكومة نميري. وقطع في الديمقراطية الثالثة. وقطع في حكومة الإنقاذ. «3» الحزب الوزّاع. من ثوابت الكوتشينة أيضاً أن «التوزيع» يكون للشخص «الفاتح»... هذا قانون يسري حتى في غابات السافنا الغنية. حزب الأمة لم يفتح، ومع ذلك يريد دوماً أن «يوزِّع» الورق. الصادق المهدي يحدد موقفه من ذلك المنطلق، فهو إن كان «موزع» للورق فاوض وحاور، وإن لم يكن صاحب «التوزيعة»رفض التفاوض، وخرج من البلاد بتهتدون أو غيرها. انظر في كل المعارضات والحكومات، وابحث عن الصادق المهدي، سوف تجده إما هو الشخص الموزِّع في «المعارضة»... أو هو الموزِّع في «الحكومة». إعلان باريس ونداء السودان، كل هذه الاتفاقيات «وزعها» الصادق المهدي. ومثلما قلنا إن الترابي «قطّاع»، نقول إن الصادق المهدي «وزّاع»... وقد ظل السودان منذ الاستقلال وإلى عهدنا هذا، يتحرك بين «قطع» الترابي، و«توزيع» المهدي. الصادق المهدي عندما لا يوزع الورق«يدكها». «4» الحزب الحارق. قوانين لعبة الكوتشينة تختلف من منطقة إلى منطقة، فإن كان هناك زحام بين المتسابقين، واللاعبين، وكثرة فيهم خرج يمين الفاتح ويمين يمين الفاتح. الحزب الاتحادي الأصل دائماً هو الذي يخرج. وهذا يعني أن الاتحادي الأصل موقعه دائماً هو «يمين الفاتح». لذلك متى ما كان هناك «فتوح»... خرج الاتحادي الأصل. الحكومة إذا لغت نظام خروج يمين الفاتح وطبقت نظام خروج «الحارق»... فإن كل الأحزاب السودانية سوف تخرج بما في ذلك الحزب الحاكم عفواً الحزب «الفاتح». لكن إذا بقي الحال على ما هو عليه الآن، فإن الخارج الوحيد هو الحزب الذي يجلس يمين الفاتح ودائماً هو «الحزب الاتحادي الأصل». «5» أحزاب المعارضة الآن تجتمع، وتنفض... ولا جديد يذكر. حراكهم أشياء تزحم بها الصحف. تلاشت حتى الفروق بين الحزب المعارض، والحزب المشارك، كلهم أصبحوا أحمد وحاج أحمد... «أحمد مشارك وحاج أحمد معارض». من الأفضل لأحزاب المعارضة أن «توزع» من جديد.. شريطة ألا يقطع الترابي، وألا يوزع الصادق المهدي. غيروا «الجوكر» ووزعوا من جديد وبأضعف الإيمان إن لم تفعلوا ذلك، أخلفوا «الجرة».