يبدو أن عودة الدفء إلى العلاقات البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا، من خلال مباردة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، مقدمة إلى إصلاح العلاقات العربية العربية، من أجل عمل عربي مشترك في مواجهات التحديات الجسام التي تتربص بالمنطقة المنشغل أهلها بالتوترات والخلافات البينية الصغيرة التي تستنزف الجهد والوقت في ما لا طائل من ورائه سوى المزيد من الفرقة والانقسام داخل الصف العربي الذي يحتاج إلى الجميع، كي يصبح بنياناً مرصوصاً، ليس فقط في وجه الأعداء، بل حتى في وجه الأصدقاء، حتى تتشكل تحالفات قوية بين التكتلات الإقليمية على غرار القمم العربية الأفريقية المشتركة. فالوحدة والتكتل الإقليمي يمنح الدول منفردة قوة ومناعة ويكسبها مجتمعة هيبة، كما أن الخلافات خصوصا بين الدول المحورية كمصر التي مع اهتزازتها الداخلية لا تزال محورية في المنطقة الخلافات بين أو مع هذه الدول تتداعى لها دول أخرى، وتتسع الشقة رويدا رويدا، وتظهر خلافات أخرى بسبب الاصطفاف مع أو ضد الدولة المحورية. الصفحة الجديدة في العلاقات بين الدول العربية جاءت في إطار مساعي المملكة العربية السعودية في تنقية الأجواء العربية من شوائب الانقسام عندما أكدت المملكة حرص الملك عبدالله بن عبد العزيز علي فتح صفحة جديدة في العلاقات بين مصر وقطر، وهي امتداد لمبادرة المصالحة الخليجية التي نصت على التزام جميع دول مجلس التعاون الخليجي بسياسة المجلس لدعم مصر والمساهمة في أمنها واستقرارها. المبادرة السعودية اتخذت خطوات عملية حين استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس الديوان الملكي السكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين ومبعوثه في هذه المهمة خالد بن عبدالعزيز التويجري ومساعد وزير الخارجية القطري مبعوث أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لهذه المهمة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. المبادرة السعودية لتنقية الأجواء العربية اتسمت بالموضوعية والبحث عن جذور الأزمة ولم تكتف بالمسكنات، فهي تدرك جيدا أن نجاح المبادرة لإعادة ترتيب البيت الخليجي رهين بعودة العلاقات القطرية المصرية إلى طبيعتها، فالكثير من المراقبين يرون أن الأزمة الخليجية في الأصل كانت تجلى للأزمة القطرية المصرية التي شقت الصف الخليجي حينما اتخذ كل طرف موقفا سياسيا مضادا للآخر بشأن الصراع السياسي داخل مصر. إذن، نجاح المبادرة السعودية في الخليج رهين بنجاحها في فتح صفحة جديدة في علاقات مصر وقطر، والنجاح في فتح هذه الصفحة رهين باستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية داخل مصر، وهذا يؤكد مجددا أن مصر لا تزال الدولة المحورية في المنطقة التي يتداعى لها الجميع بالسهر والحمى! محمود الدنعو - العالم الآن صحيفة اليوم التالي