بكرى المدنى يكتب: مع كيكل – الحقائق والوقائع!!    الهلال ونواذيبو في قمة لفك الارتباط    494819264_2305764233150834_4412989733308335398_n    تأجيل جديد لاجتماع مجلس المريخ    ثلاثي المريخ يعتذرون للقاعدة المريخية    شاهد بالصورة والفيديو.. الراقصة آية أفرو تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بأزياء فاضحة ورقصات مثيرة على أنغام (انا مغسة لكل الناس)    بالصورة والفيديو.. ناشط سعودي ينشر مقطع لمنزله بمدينة "جازان" ويشبهه بالمنازل السودانية: (اعلم كما قيل لي انها تشبه السودان ونفس كل شي في السودان و لذلك احس بكل الشوق الذي في دواخلكم إلى بلدكم)    شاهد بالصور.. الخرطوم تتعافى.. 50 حافلة تنقل المواطنين مجاناً من "الجرافة" حتى السوق العربي يومياً دعماً للقوات المسلحة والقوات المساندة لها    وفاة جندي بالدعم السريع بعد تعرضه لنوبة هلع أثناء قصف الجيش لمطار نيالا    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد أن شاركتها الغناء في حفلها الجماهيري بالقاهرة.. الفنانة هدى عربي تتغزل في "بلوبلو": (في فنان بخلي الغناء بس الغناء ما بخليهو وفي فنان الغناء بخليهو رغم انه بكون عايز لسة)    بثلاثية الفيحاء.. الاتحاد يضع يدا على لقب الدوري السعودي    ((مبروك النجاح يانور))    التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    إدارة جامعة بحري تقف على سير الامتحانات بمقر الجامعة بالكدرو    توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم    حاكم إقليم دارفور يهنئ القوات المسلحة والقوات المشتركة عقب معارك مدينتي الخوي وأم صميمة    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    السعودية: تدريبات جوية لمحاكاة ظروف الحرب الحديثة – صور    رونالدو يضع "شروطه" للبقاء مع النصر    "نسرين" عجاج تهاجم شقيقتها الفنانة "نانسي": (الوالد تبرأ منك عام 2000 وأنتي بالتحديد بنت الكيزان وكانوا بفتحوا ليك التلفزيون تغني فيه من غير "طرحة" دوناً عن غيرك وتتذكري حفلة راس السنة 2018 في بورتسودان؟)    الطاقة تبلِّغ جوبا بإغلاق وشيك لخط أنابيب النفط لهجمات الدعم السريع    ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير تاج السر : المحلي والعالمي
نشر في النيلين يوم 22 - 02 - 2016

أثناء حضوري فعاليات الدورة السادسة لجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي، التي جرت فعالياتها في الأسبوع الماضي في الخرطوم، والتي كنت أحد محكميها هذا العام، انتبهت لترديد كلمتي: المحلية والعالمية كثيرا، كل من يسألني أو يطلب إفادة تخص الجائزة، يتحدث عن المحلية التي تقود للعالمية، باعتبار الطيب كاتبا محليا تحول إلى عالمي، وأرى مجموعة من الكتاب السودانيين، من أجيال مختلفة، يتجهون للكتابة بأدوات بسيطة، يحتفون فيها بالمحكي، والموجود بكثرة في مجتمعهم، ولا بد بهذا الاحتفاء بمحليتهم، يطمحون لطرق أبواب أوسع.
في رأيي الشخصي، أن الأمر الآن، مختلف تماما عما كان يحدث في الزمن الذي كتب فيه الطيب: «موسم الهجرة» و»عرس الزين». وتوفيق الحكيم: «يوميات نائب في الأرياف». وعبد الرحمن الشرقاوي: «الأرض»، وكثيرون ممن اتخذوا مفردات بيئاتهم وقسوتها، وتفاصيلها القحة متكأ للكتابة الروائية والقصصية. لم تكن في الدنيا ثورة اتصالات تقرب كل بعيد، وتتيح للباحث أن يحصل على ما يريده من معلومات، في لحظات قليلة، ومن مصادر متعددة ومهولة، فيها مكتبات عامة ومكتبات خاصة أنشأها أفراد للفائدة العامة، وشخصيا استفدت كثيرا من تقنية الإنترنت في الحصول على معلومات جغرافية، وتاريخية كنت أحتاجها لبعض النصوص، وغيري من الكتاب في أي مكان استفادوا ويستفيدون في كل يوم.
لقد كانت الكتابة الروائية قديما، مرآة عاكسة بقوة لحالات المجتمع، إن كان مستقرا، ستبدو هادئة، وسلسة وهي تتنقل بنا في الدروب المختلفة ومع الشخصيات المختلفة، وإن كان المجتمع هائجا أو مجنونا، بدت الكتابة الروائية كذلك، وهناك روايات ظهرت في أثواب دروس واضحة، أو صفحات معرفية غنية بالدلالات، وهكذا.
لذلك كان لا بد لكل باحث عن جينات مجتمع ما، ولا يريد طرق باب الجغرافيا وعلم الاجتماع الذي قد يكون جافا، في بعض الأحيان، أن يقرأ رواية تخص ذلك المجتمع، وسيعثر على ما يريد، وكلنا انبهرنا بأدب أمريكا اللاتينية في فترة ما، وكان قد ظهر وجلب معه المعرفة، المعرفة الحقيقية لعادات ذلك الشعب وتقاليده وردود أفعاله في كل الأحوال، ومن ذلك الأدب، أمكننا أن نقارن أحوال المجتمع اللاتيني بأحوال مجتمعنا، ونجد تقاربا كبيرا، وأخاذا في التعلق بالأسطورة والخرافة، وإن كانت التقنيات مختلفة، فما يفعله العرافون وقراء الطالع هناك، من سطوة كبرى على الأدمغة البسيطة، وأحيانا الأدمغة التي توهجت بالعلم، يفعله الأولياء الصالحون في عرف الناس عندنا، ومعظمهم دجالون، اتخذوا من تلك الصفة الصالحة، التي اكتسبوها، أو أهديت إليهم من البعض، دروبا سهلة للرزق.
كنت قرأت مرة في إحدى قصص أمريكا اللاتينية، لا أذكرها بالضبط عن عراف، يزيل الهم والحسد، والكرب عن المكروبين، ويعين العازبات على الزواج، والراغبات في الحمل والولادة، على الخصوبة، وتلقيت بعدها بسنوات رسالة ممن يسمى الشيخ زكريا، كان يتحدث عن نفسه بفخامة عجيبة، ويطلب تجربته، وسيصبح أحد المحطات الرئيسية في حياتي بعد ذلك، وكانت عروضه التي قدمها، هي تماما ما كان يقدمها العراف في القصة اللاتينية، وفيها حل الكرب، وإزالة الهم والحسد، وتزويج العازبات، وأمكنني بذلك أن ألم بما عندنا وما عند اللاتينيين، وما نعتبره تفصيلا محليا خالصا، ولم يكن مع الأسف خالصا لنا، وتشاركنا فيه شعوب أخرى، وإن اختلفت التسمية، واختلف تناول الأفعال.
من المؤكد إن تحدثنا عن مسألة الإبهار، في فترة العصر الذهبي للكتابة الروائية بالنسبة لنا وللغرب أيضا، سنعثر على بهار كثير كان مفقودا أو لنقل، غير مرئي ولا متوفر بسبب شح المعلومات، وعدم إمكانية الوصول السريع إلى معلومة أو طرفة أو سحر، عبر البحث المضني في الكتب الورقية. وتأتي حينئذ الرواية المحلية، المترجمة للغات عدة، كمنقذ يوفر المعلومة، وفي الوقت نفسه كساحر يوزع جرعات الإبهار بلا حدود. سينبهر الغربي الذي يقرأ مثل تلك النصوص، بمنظر نساء مغطيات الوجوه، وحكاية عن عدم رؤية الزوج لوجه زوجته إلا في ليلة الدخلة، حكاية أخرى عن درويش مغبر، يرتدي ثيابا مرقعة، ولا يملك أي أوراق ثبوتية، وقف أمام ضابط الجوازات في أحد المطارات، من ضمن صف وقف فيه حجاج، ذاهبون لأداء الفريضة، وقال له: سأذهب للحج هذا العام. بلا جواز سفر، ولا تأشيرة، ثم سيعود هؤلاء المصطفون من الحج بعد ذلك ليقسموا أن الدرويش كان يطوف ويسعى معهم، وشوهد يقبل الحجر الأسود، بينما عجزوا هم عن الوصول حتى للمسه مجرد لمسة. ومن الحكايات التي كانت ستبهر أيضا وتؤدي إلى التعجب، وكتبت كثيرا في كتاباتنا العربية، مسألة زواج سبعيني أو ثمانيني بقاصر في العاشرة، برضى كل الأطراف المعنية بذلك الزواج.
تلك تفاصيل محلية تخص مجتمعاتنا كما ذكرت، وكان الاهتمام بها، كبيرا، وأي عمل روائي، شاء حظ كاتبه أن يترجم إلى لغات أخرى، وجد نصيبا من بث الإبهار في تلك الفترة، وتحول إلى نص عالمي.
لنأتي لعصر الإنترنت، الذي ما زال البعض يصر فيه على الكتابة بتعسف، وجر المفردات الخاصة جدا، مثل طقوس ختان الأنثى، التي ما تزال موجودة في كثير من البيئات، إلى نصوصه بغرض الإبهار بالمحلية، للحصول على جرعة شهرة عالمية. أعتقد أن هذا لن يجدي كثيرا، فالعالم يعرف أن الختان ما يزال موجودا هنا وهناك، ويمكن للمهتمين بالأمر، تزويد الكاتب نفسه بتفاصيل عن تلك العادة، هو نفسه لا يعرفها، كما يمكن تزويده حتى بأسماء الفتيات الضحايا، والنساء المتورطات في تشويه الفتيات، واليوم الذي حدث فيه ذلك.
إذن لنكتب بتلقائية مفرطة، بمعنى أن نترك للنص خياراته التي يريدها أو يفضلها، النص إن ارتأى أن يكتب شيئا من التفاصيل الخاصة، فليكتبها بسلاسة شديدة وبلا قصدية واضحة، تعطل فعل التلقي المهم للكاتب بالتأكيد. العالمية تكون جيدة جدا إن لم تكن هدفا معلنا وجاءت بعفوية تامة، والمحلية مع الأسف لم تعد محلية.
العالم كله أصبح بلدا موحدا، يختلف فقط في تفاصيل قليلة.
كاتب سوداني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.