بقلم: د. معاذ عبد الله حسن اشرت في المقال السابق الى ضرورة تبني الحكومة الالكترونية ضمن مقترحات اخرى بغرض تحقيق الاصلاح الاداري، وهآنذا أؤكد ماذهبت إليه في هذا الصدد فلا بد من محاولة البدء في هذا المشروع الكبير والمهم إذا اردنا اللحاق بركب التنمية والتقدم فالبدايات صعبة ولكن فلنتوكل على اللّه في إطار الامكانات المتاحة وبعون الله وقوة الارادة نصل إلى الهدف. ان الحكومة الالكترونية تعتبر مقياساً لمدى قدرة الدولة على ادارة الخدمة العامة بطريقة تيسر توفير الخدمات الاساسية للمواطنين وتقديمها لهم في الوقت المناسب وبسرعة وبقدرة عالية وتكلفة ومجهود أقل، وتركز استراتيجية الحكومة الالكترونية على حسن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل شبكات ربط الاتصالات الخارجية ومواقع الانترنت ونُظم الحاسبات الآلية واساليب استخدامها بواسطة الدولة وتحت اشرافها ورقابتها، وبالتالي يمكن القول إن قيام الحكومة الالكترونية يؤثر وبشكل مباشر على العلاقة الاساسية بين الدوائر الحكومية من جهة والجمهور من جهة اخرى فهي تمثل إعادة ابتكار الأعمال والاجراءات الحكومية من خلال اساليب تقنية حديثة وجديدة لتوفير قدر كبير من المعلومات وتكاملها وامكانية استخدامها بسهولة عبر المواقع الالكترونية، كما انها تعتبر عملية تحويل طبيعة إدارة الشؤون العامة من خلال التأثير على العلاقة والمسؤولية بين الدولة والافراد. ان تبني فكرة الحكومة الالكترونية يحتاج الى إعادة تصميم هيكلية لمختلف أنواع التفاعلات والمعاملات والاجراءات بين الحكومة والافراد والمؤسسات وقطعاً سوف يترتب على ذلك اعادة بناء وتنظيم لمختلف الأعمال التي تقوم بها الدوائر الحكومية ويتطلب ذلك إجراء تحليل دقيق وشامل للهياكل الوظيفية وإعادة توصيفها بدقة. ان الحاجة الى الحكومة الالكترونية تعتبر من الضروريات في هذه المرحلة بل يجب ان توضع في مقدمة الالويات للأسباب الآتية: * ضرورة تحقيق التحدي الأكبر وهو اللحاق بركب التقدم وليس ذلك بعسير اذا توافرت الارادة والعزيمة. * تساعد الحكومة الالكترونية في تحسين الاداء العام للدولة والارتقاء بمهارات الافراد ورفع قدراتهم في اداء أعمالهم. * تعتبر الحكومة الالكترونية من أهم وسائل اصلاح الخدمة العامة. * تساعد في بناء قاعدة عريضة من المعلوماتية تسهل عملية اتخاذ القرارات. * تعمل الحكومة الالكترونية كوسيلة فاعلة لتحقيق الكفاءة الانتاجية باعتبار انها وسيلة لتقديم الخدمات للجمهور بأقل تكلفة وفي أقل وقت. قد يتخوف البعض من هذا الأمر خصوصاً مواقع الانترنت لأنها تتيح حرية الاتصال وتبادل المعلومات وهي بالتالي تساعد في توحيد الافكار وحشد طاقات الافراد وما يترتب على ذلك من تعبئة وثورات ضد الانظمة ولعل ثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية تؤيد هذا الاتجاه لأن السبب فيها موقع الفيس بوك الذي جمع الشباب في ميدان التحرير وحدث ما حدث ولكن يجب ان لا ننسى ان الحكم بيد اللّه يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء كما يقول جل شأنه: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير». وما حدث في ميدان التحرير هو بأمر اللّه وقدره، أما الفيس بوك فهو سبب فقط، وعليه نرى أنه من الضرورة ان تتبنى الدولة فكرة الحكومية الالكترونية وبحمد الله نرى ان هناك اتجاهاً ايجابياً في هذا الصدد من كبار المسؤولين فها هو رأس الدولة يشجع هذا الاتجاه ابان زيارته الاخيرة لولاية شمال كردفان وذلك لدى مخاطبته احتفالاً جماهيرياً بمدينة أم روابة بمناسبة افتتاح محطة الكهرباء هناك وهو يوجه بضرورة ادخال الكهرباء للريف لتمكين الطلاب والشباب من استخدام الحاسوب والاستفادة من خدمات الانترنت للرد على المعارضين من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية (الفيس بوك) فهذا يمثل أعلى درجات الوعي لدى القيادة السياسية بأهمية نشر ثقافة الانترنت في جميع ارجاء البلاد وبعد ذلك لا مبرر على الخوف من الحكومة الالكترونية ولاخوف على استخدامه على الاطلاق، ولكنه يحتاج الى وجود بعض المكونات الاساسية والتي تتمثل في الآتي: * البنية التحتية لخدمة الحكومة الالكترونية. * شبكة اتصالات حكومية. * تقديم الخدمات للجمهور عبر الشبكات. * أتمتة أعمال الوزارات والدوائر الحكومية المختلفة بغرض التخلص من الوسائل التقليدية في تقديم الخدمات للمواطنين. ان تطبيق الحكومة الالكترونية ليس بالأمر السهل ويظل هو التحدي الاكبر ولكنه ليس بالمستحيل ولا بد من الاستفادة من تجارب الغير، وبحمد الله الارادة السياسية متوافرة فقط هناك بعض المطلوبات للتطبيق اهمها: إلتزام الدولة بدعم وتبني مشروع الحكومة الالكترونية. ضرورة التخطيط الاستراتيجي من أجل التحول الى عالم الرقميات. وضع خطة متكاملة للاتصالات الشاملة بين جميع الدوائر الحكومية. التركيز على دراسة حاجات المواطنين والعمل على اتساعها. الاهتمام بالعاملين القائمين بتقديم الخدمات الالكترونية وتحسين شروط خدمتهم. الدراسة المتكاملة لرفع معدلات الاداء. التركيز على ترابط نظم الخدمات. التركيز على القدرات الفنية. ضرورة الاهتمام بالتدريب على الوسائل التقنية من أجل تهيئة المجتمع لحسن استخدامها والاستفادة منها كلاً في مجال عمله. الرأي العام