السماسرة والسمسرة بالأسواق المركزية و زرائب بيع الحيوان بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير [email protected] جامعة الجزيرة 16 / 4/2011 أثار والباشمهندس عثمان ميرغنى بعموده في 15 أبريل 2011 موضوع في غاية الأهمية ويشكل هاجس لكل المنتجين للفاكهة والخضروات والمنتجات الحيوانية بالبلاد. هذا الموضوع هو احتكار السماسرة لكل الأنشطة الأسواق المركزية (الملجات) وأماكن بيع الحيوانات من ضان وماعز وخاصة أبقار اللبن. لهواة الأفلام أذكركم بأن الفنان عادل إمام و رفيق عمره سعيد صالح والفنانة الجميلة سوسن بدر قد تطرقوا لذات الأمر بمصر في فيلم جميل لمحاربة سماسرة سوق الخضروات والفاكهة (على ما أعتقد سمى باسم "سلام يا صاحبي"). كما تطرق المرحوم أحمد زكى لذات الظاهرة بسوق السمك (شادر السمك). المشكلة شديدة التعقيد ومدمرة للاقتصاد السوداني وللمنتج الصغير الذي يعتمد في التمويل على إمكانياته ولا تتحمل ميزانيته على أية اهتزازات أو خسائر، كما أن استمراريته في الإنتاج تعتمد على نجاح نشاطه السابق والذي من خلاله يستعد للموسم الجديد، والزراعة مواقيت كما نعرف. سأتعرض لحالتين من خبرتي الشخصية حيث اننى وبمشاركة مع أخوين لي نملك مزرعة بمشروع سوبا (جنوبالخرطوم) تقدر بحوالي 37 فدانا (خارج المشروع) وتروى من الترعة الرئيسية مباشرة ولا تبعد عن منزلنا الرياض بأكثر من 20 الى 25 دقيقة ومن السوق المركزي بالخرطوم بذات المسافة تقريبا. قمت في بداية التسعينات من القرن الماضي، وكأستاذ بكلية العلوم الزراعية، جامعة الجزيرة، بتجهيز المزرعة بالصورة المناسبة وأعددت مكان لسكن أحد المزارعين وأسرته بداخل المزرعة وباتفاق مريح للجميع كما قمت بشراء عشر بقرات درر وثلاث عجلات تحت العشار وثور وسارت الأمور كما أريد بعد وضع برنامج واضح تحت اشرافى وزراعة كمية مناسبة من علف أبو سبعين لتغذية حيواناتي وبيع الفائض. كما قمت بزراعة خضروات الموسم بمساحات مناسبة من طماطم وبامية واسود وملوخية ورجلة وعجور..الخ للمنصرفات اليومية بعد بيعها بالسوق المركزي يوميا (فجر) وتوزيع اللبن للمتاجر المتفق معها. قمت بتسخير عربة بيك أب سوزوكى بسائقها لهذا الغرض وهو شخص أمين. فيما يخص الخضروات نحصدها عصرا أو فجر اليوم ونرحلها الى السوق المركزي في عبوات متعارف عليها بالنسبة لكل محصول، ونقوم بدفع رسوم الملجة للدخول. يتجمع السماسرة حول العربة ويسألونك عن السعر الذي تريد أو يعرضون عليك سعر معين . أو في كثير من الأحيان لا يحضر إليك أحد (كوسيلة مبكرة للضغط) على حسب حالة السوق وخبرة السماسرة. أن قبلت بسعرهم عليك بإنزال المنتج في المكان الذي يريدون. عليك بقبول ما هو متوفر لديهم من مال حاليا أو أن تأتى غدا لاستلامه. أن رفضت السعر أو الشرط ستبقى طوال اليوم بالسوق ولن يقرب منك أحد نتيجة التهديد والخوف من كبارهم حتى تقتنع وتأتى إليهم مرة أخرى وتقبل بسعر أقل وتستلم مستحقاتك في الغد، أو أن تأخذ محصولك وتخرج به من السوق . قد تجد بالخارج من يستطيع أن يدفع لك مبلغ لا يغطى سعر ترحيل المنتج وتجد نفسك مضطرا لبيعه حتى لا يفسد، وفى حالات الملوخية والرجلة..الخ قد تتركها في مكانها تأكلها الحيوانات أو يتخطفها الناس، حتى تذهب لمزرعتك أو لبيع الأشياء الأخرى وشراء احتياجات المزرعة. أما بالنسبة للحيوانات المزرعية فهنالك سماسرة يأتون الى مزرعتك يسألونك أن كان لديك ما تبيعه لهم. المشكلة الرئيسية هي أنهم يعرضون أسعار لا يمكن أن يصدقها أحد أي لا تزيد عن ثلث أو نصف السعر الحقيقي ويمنعون الآخرين من الوصول إليك أو عرض أسعارهم. أما أن أردت أن تأخذ الحيوان الى الزريبة لعرضه فستجد نفس المعاملة التي وجدتها بسوق الخضروات. بل أن هنالك شبه احتكار بواسطة مجموعة من شخصين أو ثلاثة، غالبا ما يكونون أخوة، يملكون سيولة لا توجد لدى شخص آخر بما في ذلك البنوك، يعرضون سعرهم ويذهبون بعيدا لمراقبتك وشرب الشاي و القهوة، ويمنعون الآخرين من عرض أي سعر فوق سعرهم وإلا سيجدون أنفسهم خارج السوق مصحوبا بحرب شعواء عليهم وعلى أسرهم. أما إن أردت الشراء منهم فهم أيضا يحتكرون البيع ويفرضون السعر الذي يريدون ويحددون كمثال سعر البقرة (الروح!!) باثنين مليون وكل رطل لبن تنتجه بمبلغ 100 ألف. بمعنى أن تلك التي تنتج 25 رطل يوميا تباع بما يعادل 4.5 مليون!!! ذات البقرة أن أردت إن تبيعها لهم لن تجد فيها أكثر من ثمن الروح فقط!!!هل هذه عدل؟