يحكي لي زميل يعمل بأحد القنوات الفضائية أنه اتصل على الخير الفهيم، رئيس اللجنة الإشرافية لأبيي صباح الأحد الماضي، أي بعد مرور أكثر من اثنتي عشرة ساعة على مقتل ناظر قبيلة دينكا نقوك كوال دينق مجوك، طالبا منه التعليق على الحادثة، غير أن الفهيم اعتذر له قائلا " الخبر لسه ما اتأكد لي بصورة رسمية"! في ذلك الصباح، كانت عناوين الصحف تحمل خبر مقتل كوال دينق، وتتناقل القنوات الفضائية والإذاعات تداعيات مقتله، والرجل يبدو أنه ينتظر ساعي بريد يحمل إليه ورقة مروسة داخل مظروف تبلغه أن كوال قد قُتل. قبل أقل من شهر يا سادتي، طالب عدد من قيادات المسيرية وأيضا الاتحاد العام للمسيرية، بإقالة الخير الفيهم من منصبه لفشله في تلبية طموحات الملف، وكون أن تطالب فئه من الناس يإقالة شخص من منصبه، لا يعني ذلك بالضرورة أنهم على صواب، كما أن الإجماع على شخصية قيادية بات أمر مستبعد في مثل هذه الظروف، لكن على الأقل لا بد أن تلفت خطوة المطالبة بالإقالة "انتباه الجهات المعنية لأمر ما". الرجل لا يشبه الملف، والملف لا يشبهه.. منذ أن تقلد منصبه وهو لا يتفاعل مع الأحداث، يمكث الخير الفهيم في الخرطوم ويغادر إلى أبيي عبر طائرة لقضاء حاجة معينة ويعود أيضا "بالطائرة" إلى الخرطوم بسرعة البرق ، نائيا بنفسه عن لعب أي دور محوري أو مهم في ملف أبيي. بعد مقتل كوال دينق سارعت قيادات المؤتمر الوطني من أبناء الدينكا باتهام الخير الفهيم واللجنة الإشرافية لأبيي بالتسبب في الحادثة لأنهم تأخروا في إحتواء الأزمة، ثم تحدثت قيادات من دولة الجنوب لوسائل إعلامية مستنكرة قتل كوال خاصة أن اللجنة الإشرافية كانت على علم بزيارته إلى محيط حقل دفرة. بعد هذه الاتهامات وبعد مرور ثلاثة أيام من رفضه الحديث لأي وسيلة إعلامية، قرر الخير الفهيم أن يصدر بيانا أعرب فيه عن أسفه العميق لمقتل الناظر "كوال دينق مجوك" مؤكدا أن اللجنة ا لم يكن لها علم برغبة الناظر في السفر للمنطقة ولأن البيان يمكن وصفه الهزيل، طلب أحدهم من الخير أن يعقد مؤتمرا صحفيا، فكان أن جاء ليتحدث أمس الأول بمقر المؤتمر الوطني.! لكن قبل ذلك، هنالك حقائق لا بد أن تقال.. الأجواء بين قبيلتي المسيرية والدينكا مشحونة لدرجة كبيرة، خاصة بعد أن اتهمت الأولى، الثانية بسرقة أبقارها وماشيتها مما جعل توقيت زيارة السلطان كوال إلى المنطقة غير موفق. الخير الفهيم نفى أن يكون على علم بزيارة وفد الدينكا إلى المنطقة وإلى هنا الحديث جميل، لكن حينما سُئل عن عدم تدخله في وهو يعلم احتجاز كوال دينق ووفده لمدة ست ساعات قبل الاشتباكات، قال الرجل أنه غير مفوض بالتدخل في مثل هذه الحالات لأنها تقع تحت تفويض الجهات الأمنية!! أن يُطلق على أحد صفة "رئيس" أو "قائد" أو "زعيم" فالأمر بالضرورة يعني حسن التصرف، مسك المبادرة والتفكير المستقبلي وليس اللحظي، خرق قواعد اللعبة والبروتوكول لإنقاذ موقف أو تجنب حدوث كارثة ما، فضلا عن السرعة في اتخاذ القرار والوقوف على الحدث على أرض الواقع. حينما تنتفي بعض من هذه الصفات على الرئيس، يتأكد للجميع إما أنه دمية تحركه جهات أخرى، أو أنه في موقع بلا مؤهلات. حاول الخير الفهيم إقحام أطراف أخرى كالمليشيات والمتمردين في حادثة مقتل كوال دينق، رغم أن ناظر قبيلة المسيرية مختار بابو نمر قال في حوار مع الزميل عيسى جديد بآخر لحظة حينما سُئل عن هذا الأمر "ده كلام ساكت وبقولوه ناس سياسة لأغراضهم، الناس ديل ما مليشيات، ديل أهلنا مواطنو منطقة قولي من أولاد كامل والمزاغنة وعمران والفيراين ، هم رعاة وعايزين بقرهم السرقوها، كلمة مليشيات زاتا ما بعرفوها، الكلام ده شوفوهو هناك في أبو كرشولا ولا كادوقلي" ويقول في إجابات أخرى "السودان كله مليان سلاح ليه يكون حرام على المسيرية وهم بحموا حقوقهم".. وإلى هنا لا داعي للتعليق.! [email protected]