السيناريو الذي اقصي حسن الترابي من سدة السلطة والحركة الاسلامية في حركة الرابع من رمضان الشهيرة في العام 1999 ربما هو ذات السيناريو الذي اقصي الدكتور رياك مشار من القصر الرئاسي بجوبا ومن موقعه كذلك بالحركة الشعبية فالذي جري في الجنوب ويجري الان هو فصل جديد من صراعات السلطة وتقاطعات النفوذ والاختصاصات ..ذهب مشار الي الغابة بجناحيه السياسي والعسكري مستخدما في ذلك كل اساليب الاستقطاب محليا واقليميا ودوليا فصنع لنفسه ولمعسكره قوة وارادة مناهضة لسلفاكير تماما كما صنع من قبله الدكتور حسن الترابي الذي نشط غداة الانقسام في تشكيل حلف اسلامي بجناحين سياسي وعسكري وان كان الاخير غير معترف او غير منظور في اليات المؤتمر الشعبي الا ان تداعيات ازمة دارفور كشفت حقيقته بجلاء ومنذ ذلك التاريخ انطلقت المعارك واشتد النزال السياسي والعسكري ولازال بين حلف الترابي وحلفائه القدامي في السلطة تلك هي اجتهادات البعض لتوصيف المشهد السياسي ومكوناته في جوباوالخرطوم . فساد البيع "المخفض" رغم ان الالية الاقتصادية التي جاءت كاخر عبقريات ولاية الخرطوم لامتصاص اثار الصدمة الاقتصادية التي خلفتها ظاهرة انفلات الاسواق وجنون الاسعار ولكن هذه الالية تحولت بقدرة قادر الي الية ظالمة تعبث بادبيات الخدمة المدنية وضوابطها فاشاعت فيها اساليب المحسوبية واختلالات العدالة وغياب المسوؤلية وظهر هذا الظلم عبر اسواق البيع المخفض بمحلية جبل اولياء وبالتحديد في سوق اللفة . شكاوي عديدة تحدث عنها اؤليك الذين يبحثون عن معادلات اقتصادية توازن ما بين الدخل والمنصرف لميزانيات اسرهم ولكن ما قاله المواطن حسب الرسول عبد القادر في شكواه التي اوصلها الي "الصحيفة" يكشف حقيقة هذا التلاعب بمحليات الولاية وضباطها الاداريين في اجراءات منح وتصديقات المحال التجارية بهذه الاسواق ولم تتوقف القضية عند هذا الحد حسب ماقالته شكوي المواطن حسب الرسول وانما القضية في ان المحلية منحت هذا المواطن محلا تجاريا وبطريقة سليمة ولكن قبل ان يكمل تجهيزاته فوجئ بشخص اخر يستولي علي هذا المحل وتختفي بضائع الشخص الاول وذلك بامر من ذات الضابط الذي منح التصديق الاول فهذه صرخة مواطن مظلوم يبحث عن حقوقه ونصيبه من حق الحكومة عليه علها تجد استجابة من والي الخرطوم رغم ان هذا المواطن حفيت اقدامه وطال انتظاره بحثا عن دكانه وبضاعته فمن ينصفه ؟؟! . افة السلطة بالجزيرة ..! لا حاجة لاهل الجزيرة الي تطمينات او بشريات جديدة ما لم تسبقها خطوات عملية جادة ولا ينبغي كذلك لحكومة الجزيرة ان ترهق نفسها كثيرا حتي تاتي بعبقريات جديدة تبعث الروح مجددا في مشروع الجزيرة الذي مات وشبع موتا ..كيف لحكومة "البروف" ان تحاول تجديد الولاء لهذا المشروع وتطلق الوعود بان العام الجديد سيكون عاما لمشروع الجزيرة دون الحديث عن اي برنامج او خطة عمل مرحلية لاقتلاع جزور ازمة المشروع فقد زهد المزارعين واهل الجزيرة جميعا من اطلاق مثل هذه التصريحات والشعارات المفرغة من اي تبريرات عملية والتي لا تخرج من كونها تسويق جديد لانقاض واشلاء ..وحتي لا تكون هذه البشارة غير قابلة للتحقيق والنفاذ علي حكومة الولاية ان تعكف منذ الان في صياغة برنامجها الذي يبعث الروح في جسد المشروع وتضع له كل حوافز وفرص النجاح . ولكن النزيف في الولاية المازومة لم يتوقف عند حدود مشروع الجزيرة فالانباء المقلقة المتواترة من هناك ان جبهة العمال بدأت تتصدع وتتداعي ويلتف العمال حول حقوقهم ومكاسبهم المهدرة وبالاخص المرتبات والتي يتهمون فيها خزينة الولاية بالتسويف والمماطلة وهكذا تفرض حكومة الولاية وماليتها علي شريحة العمال باتخاذ الخيار الصعب وفي الوقت الصعب فمن ينصف اهل الجزيرة عمالها ومزارعيها من افة السلطة وتقاطعاتها ؟؟ وحتي الحكومة المركزية مارست اقصي درجات الصمت المريب ازاء ما يحدث هناك فالجزيرة يا اهل المركز تدار بفقه "الشلة" الانتقال "المستحيل" ..! عبثا تحاول السلطة الاقليمية لدارفور لتحقيق الانتقال المستحيل للحركات المسلحة من مرحلة الثورية الموشحة بالسلاح الي حزب سياسي كبير يستوعب قضية دارفور بكل عزاباتها وقد لا يتحقق ذلك دون ان تحدث عملية تفكيك شامل للمشروع العسكري لهذه الحركات اوتحدث كذلك عملية تزويب لمكوناتها الاخري داخل مجتمعات دارفور القبلية والاثنية والاجتماعية وترتضي كل هذه الحركات بنصيبها من "الكيكة" وفاء لهذا الجرح النازف في دارفور ..وكثيرون يعتقدون ان حركات دارفور من دون خياراتها العسكرية لا تاثير لها في واقع السياسة السودانية ولهذا هي تتمنع للدخول في عملية التحول الي حزب وكثير من قادة هذه الحركات يؤمنون بحقيقة ان بقائهم علي الدارفوري رهين ببقاء مشروعهم العسكري علي قيد الحياة وهذا ربما تفسره حالة الرفض الواسع لمنسوبي الحركات المسلحة للاستجابة لفكرة الاندماج في مؤسسات الخدمة المدنية وهو ذات المشروع الذي طرحه الدكتور التجاني السيسي رئيس السلطة الاقليمية امس لتحقيقيق هذا الانتقال ولكن مالم يتحدث عن السيسي هو ما الذي جري لفكرة التسريح واعادة الدمج للحركات الموقعة علي السلام ؟ والي اي مدي تم التنفيذ ؟ ثم ما هو شكل العلاقة بين السلطة الانتقالية والحكومة ؟ وكيف تمت معالجة مشكلة مرتبات واستحقاقات العاملين بالسلطة الاقليمية ؟ وهل يدري السيسي ان الاخطر لمجتمعات دارفور من الحركات المسلحة هو حالة الاستقطاب الاثني الحاد واختلاط اوراق هذه الحركات باستراتيجيات خارجية ؟ بين امريكا وعد بابكر ..! ما لم تحققه الدبلوماسية السودانية منذ اكثر من عشرينا عاما لاصلاح اعطاب ملف العلاقات وترطيب الاجواء بين الخرطوم وواشنطون عبر هرولة احادية الاتجاه قد يتحقق علي يد احد شيوخ الطرق الصوفية ورموزها تماما كما حدث الايام الماضية حينما احتضنت منطقة عد بابكر بشرق النيل بولاية الخرطوم دعوة احتفائية اقامها الشيخ عصام الشيخ احد رموز قبيلة البطاحين علي شرف السفير الامريكي بالخرطوم استافورد الذي يقود الان نشاطا كثيفا علي مستوي الطرق الصوفية وقد افلح هذا اللقاء في ان يحدث اختراقا نسبيا في الحواجز النفسية والسياسية والدبلوماسية نجح خلالها الشيخ عصام في تمرير نداءات ومطالب السودانيين وقناعاتهم بان الدولة السودانية ليست ارهابيا وان السودانيين هم اكثر شعوب العالم اعتدالا وتسامحا وتواصلا وان المجموعات الصوفية بنت رصيدها الفكري والديني والاجتماعي علي هذه القيم وقد ابدت كثير من الجهات الرسمية استحسانها بما حققه لقاء عد بابكر غير ان الاختراق الاكبر في الحالة السودانية الامريكية ربما تتوجه مخرجات الزيارة المرتقبة لرموز الطرق الصوفية السودانية للكونجرس الامريكي وهي دعوة اطلقها السفير استافورد في فضاءات عد بابكر موجهة لشيخ قبيلة البطاحين لزيارة امريكا خلال الايام المقبلة . [email protected]