الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الانتباهة
الأحداث
الأهرام اليوم
الراكوبة
الرأي العام
السودان الإسلامي
السودان اليوم
السوداني
الصحافة
الصدى
الصيحة
المجهر السياسي
المركز السوداني للخدمات الصحفية
المشهد السوداني
النيلين
الوطن
آخر لحظة
باج نيوز
حريات
رماة الحدق
سودان تربيون
سودان سفاري
سودان موشن
سودانيات
سودانيزاونلاين
سودانيل
شبكة الشروق
قوون
كوش نيوز
كورة سودانية
وكالة السودان للأنباء
موضوع
كاتب
منطقة
الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية
ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية
ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة
بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم
ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع
الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية
نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق
كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك
شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين
السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م
محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا
شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!
شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)
وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي
سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟
"سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه
تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين
شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)
شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة
والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة
فيديو يثير الجدل في السودان
إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2
ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية
شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين
الكابلي ووردي.. نفس الزول!!
حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة
احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة
في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر
استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه
مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف
كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟
4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء
اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر
ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو
رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما
قبور مرعبة وخطيرة!
شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)
حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب
عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!
انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض
تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا
ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو
البرهان يصل الرياض
ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية
قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون
مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)
حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين
مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين
محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي
الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا
مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة
الشتاء واكتئاب حواء الموسمي
عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..
"كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!
ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟
حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)
حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
ابراهيم منصور - نجمٌ أفل
الطيب محمود النور
نشر في
الراكوبة
يوم 06 - 05 - 2014
ابْرَاهِيم مَنْصُور – نجمٌ أفل
-1
دَائِمَا مَا يَبْدَأ إبراهيم وَصَلْته الْغِنَائِيَّة الأوْلَى، بِأُغْنِيَةٍ أثِيرَةٍ لَدَيه، مِن شعْر ( محَمَّد بَشِير عَتِيق )، يُجَمِّلُهُا بِصَوْتِه الْشَّجِي الْمُتْرَع بِالْشَّجَن، وَهُو فِي كَامِل أَنَاقَتِه الْمُمَيّزَة، تمَس أَنَامله ( الْرِّق) مَسّاً خَفِيَفاً رَشِيقَا، والكورس (هَاشِم خضْر وَهَاشِم الْحَاج)، مِن خَلْفِه يُصَفِّقَان، وَيَتَبَادَلان مَعَه الْلَّحْن بَتَناغمٍ بَدِيع. وَحَسَنَاء كَمهْر الْسَّبق، ترمح فِي قَلْب الْسَّاحَة، تَتَثَنّى تِيهاً وَغَنجَاً وَدَلالا، عَلَى إيقاع الْصَّفْقَة، وَ(البنقُز وَالطبْلة):
قُوم يَا حَمَام حَي الْغَمَام
انَا ليَّ فِيك شوق وَاهْتِمَام
اسْمعْنِي مِن شَدْوك صَدَى
أَهُو دَه الرَّبِيع نَاضِر بَدَا
وَمن الْرّيَاض يَدَا
وَشّاهَا بِي قَطر الْنّدَا ....
ثُم يَعْقُبُهَا بِرَائِعَة أُخْرَى مِن رَوَائِع شِعْر (عَتِيق ):
الْرّشيم الأخْضَر
فِي الخِديد الأنْضَر
هُم سبب آَلامِي
هُم سَبَب أَلامِي ...
مَاكَان إبراهيم يَعْلَم حِينَذَاك، أَنَّه سيكون يَوْمَاً مَا، سبباً فِي اجْتِيَاح الْحُزْن وَالألَم، قُلُوب مُحِبيه وَأَصْدِقَائِه وَعُشَّاق فَنِّه.
في ذلك الزمن الجميل،اعْتَاد نَاس حِلّتنَا، فَتح قُلُوبهم، وَأَبْوَابَ بيوتهم، بِأَريحِيَّة وَرَحَابَة صَدْرٍ لكل قادم إليها من خارج
المدينة
. يَتَحَدَّد بَعْدَهَا مَوْقِع ذَاك القادم مِن قَلْب مُجْتَمَع حِلّتنَا، بِمدى احْتِرَامِه لِلتقَالْيد وَالْعَادَات وَالأصُول، وَإِلا، فَالرّحيل مآله غَيْر مَأْسُوفٍ عَلَيْه.
فِي أَوَاسِط خَمْسِينَات الْقَرْن الْمَاضِي، وَالْمَدِينَة تَتَلَمَّس طَرِيقهَا نَحْو الْتَّطَور وَالانْعِتَاق مِن قُيُوْد الْبَدَاوَة وَالانْعَزَالِيّة، وما تبع ذَلِك مِن انْشَاء الدواوين، والمصالح الْحُكُومِيَّة الْجَدِيدَة، وَالتَّوَسُّع فِي الْمَصَالِح الْقَائِمَة مِن قَبْل.حينئذٍ، بدأت تصل إليها مجموعات الْمُوَظَّفِين وَالْعُمَّال القادمين مِن حَوَاضِر أُخْرَى. مِن الْخُرْطُوْم، وَالْجَزِيرَة، وَالْغَرْب الأوْسَط وَالْبَعِيد، وَالْشِّمَال وَغَيْرِهَا من مدن البلاد.
الغريب في الأمر، أَن معظم القادمين إلى
المدينة
، فَضَّلواْ الإقامة فِي حِلَّتنَا دُون غَيْرِهَا مِن الأحْيَاء الْقَلِيلة الْمَوْجُوْدَة آَنَذَاك. إِمَّا لبعد تلك الأحياء عن قلب
المدينة
، كَالخَتْمّيّة مثلاً، التي تقبع بعيداً تحت سفح الجبل، مَع شِبْه انْعِدَام لِلْمُوَاصَلات مِنْهَا وَالَيْهَا، وَإِمَّا لِعَدَم تَوَفُّر الْسَّكَن، في أحياء مثل الحلنّقة، وَالبرْنو وَالْبَرْقُو، وَالبِاشَكَاتِب، والْبُوَلَيس الْقَدِيْم. وَمَن الْبَدِيْهِي أَنَّه لا مَجَال لإقامتهم فِي غَرْب الْقَاش، أَو الْسَّوَاقِي، جنوبها وشمالها، لبعد المسافة.
وَكَم مِّن قادمٍ وَجَد فِي حِلَّتنَا إِلْفَة، وَطِيب مَعْشَر، وَأَصْبَح جُزْءً مِن الْنَّسِيْج الاجْتِمَاعِي فِيهَا، فَتَوَّج ذَلِك بِالْمُصَاهَرَة .
في تلك الأيام، جَاء إبراهيم مَنْصُور لَيَعْمَل مُمَرِّضاً بِالُمْسْتَشْفَى، وَلِيُعطِّر لَيَالِي حِلَّتنَا وَالْمَدِينَة عَلَى مَدَى عقدٍ مِن الْزَّمَان، بِأَرِيّج شَدْوِه، وَرَهَافَة حِسه، وَسُمُو أَخْلاقِه. وَلَيُصبح فِي فَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ، رَقْماً مُمَيِّزَاً فِي حِلتنَا بِصِفَة خَاصَّة وَالْمَدِينَة عُمُومَا.
-2
بِالْرَّغْم مِن صَوْتِه الْعَذْب الْشَّجِي، إِلا أَن عَدَم قُدْرَة إبراهيم عَلَى الْخُرُوج مِن عَبَاءَة الْمُطْرِب ( عوَض الْكَرِيم عَبْداللّه )، أَضَرَّ بِه فِي نِهَايَة الأمْر.
لَقَد كَان وَاضِحاً إِعْجَابه بِالْمُطْرِب ( عوَض الْكَرِيم )، فِي كُل شيء، من أسلوب الأدَاء، وَالْصَّوْت، وطريقة إمساك ( الرق)، إلى تَفَصِيْلّة الملابس. نسخة طبق الأصل من ( عوض الكريم ). كل ذلك يعتبر مقبولا في البداية، إلا أن إبراهيم استطاب التقليد، ولم يحاول تطوير مستواه الفني، وتقديم أعمال غنائية خاصة به، مما أدى إلى تدهور شهرته واضمحلالها فيما بعد.
إبراهيم مَنْصُوْر، شَخْصِية بَسِيطَة خَجَوّلَة، حَتَّى ظُهُوْرِه فِي الْحَفَّلات أَخَذ مِنْه وَقْتاً، قَبْل أَن يَتَجَرَّأ عَلَى الْغِنَاء فِي الْمُنَاسَبَات، بِدَفْعٍ مِن زُمَلائِه الْمُقْتَنعُون بَحَلاوة صَوْتَه. وَبِمُسانَدةٍ من (الهاشمين)، اسْتَطَاع أَن يَتَأَلَّق، وَيَسْطع نَجْمه، وَيُصْبح الْرَّقْم الأوَّل فِي الْحَفَّلات وَالْمُنَاسَبَات الْمُخْتَلِفَة.
حِراكٌ نشِط ساد الْوَسَط الْفَنِّي وَالأدَبِي، فِي الْنِّصْف الْثَّانِي مِن سِتِّينَات الْقَرْن الْمُنْصَرِم، حيث كانت َالْمَدِينَة تَعُج بِالأدّبَاء، وَالشُّعَرَاء، وَأَهْل الْطَّرَب وَالْغِنَاء، وَالْفرق الْمُوسِيْقِيَّة والشعبية، كَفرْقَة (مصَنع الْبَصَل)، الْمُتَخَصِّصَة في أداء أغاني الْحَقِيبَة، وَالأغَانِي الْشَّعْبِيَّة، وَفِرْقَة (السِّكَّة حَديد) الْمُوسِيقِيَّة، الَّتِي كَان مِن أَبْرَز عَنَاصِرهَا الّفّنّان ابْرَاهِيم حُسَيْن، وَعَازِف الْكَمَنْجَة نَاصِر عُثْمَان، وَأبنص، وَوَرَّاق وغيرهم. وَفِرْقَة اتِّحَاد الْفَنَّانِين، بِقِيَادَة الأستاذ عبد الرحمن الْسَّيِّد. وذلك المطرب، الَّذِي كَان يَخْطُو أَوْلَى خُطُوَاتِه فِي مَجَال الْغِنَاء الشعبي وغناء الحقيبة، بِأُسْلُوب مُمَيَّز وَأَدَاء حَدِيث فَرِيد، يدل على موهبةٍ كامنة. لَم يَجِد فِي بادئ الأمْر قَبُوْلاً لَدَى الْمُسْتَمِعِين، الَّذِين كَانَت آَذَانهِم ( مُبَرْمَجَة ) عَلَى نَمَط مُعَيَّن مِن الْغنَاء. وَحَتَّى يَصِل صَوْته لِلْنَّاس، كَان يَكْتَفِي بِالْغِنَاء فِي الْحَفَّلات أَثْنَاء اسْتِرَاحَة الّفّنّان الأصْلِي لِلْحَفْل وَكَان غَالِبا مَا يَكُوْن ذَلِك الّفّنّان هُو (إبراهيم مَنْصُوْر ). كان ذلك المطرب يُقَابَل بِالاحْتِجَاج وَالْرَّفْض مِن الْحُضُوْر، إِلا أَنَّه وَبِثِقْتِه فِي مَوْهِبَته، لا يَكْتَرِث كَثِيْرَاً بِذَلِك الْرَّفْض وَالاحْتِجَاج، وكان يُصِر بِكُل جُرْأَة، عَلَى الاستمرار في الْغنَاء، ذَلِك الإصْرَار وَتِلْك الْجُرْأَة الْلَّتَان لازمَّتَاه حَتَّى لَمَع نَجْمُه فِي الْنِّهَايَة، وَأَصْبَح رَمْزاً مِن رُمُوْز الْطَّرَب فِي الْقُطْر كُلِّه.
وَكَان هُنَالِك المطرب عَبْد الْلَّه عَبْد الْقَادِر، الَّذِي أُطْلِق عَلَيْه اسْم ( الِبَعيو )، لِقِصَر قَامَتِه، وَهُو يَشْدُو بِالأغَانِي الْتُّرَاثِيَّة، وَأَغْنَيتَه الْمَشْهُوْرَة الْمَطْلُوبَة فِي الْحَفَّلات دَائِمَا ( سِت الْوَدِع )، يجمّلها بحَرَكَاتِه الْمُصَاحَبَة لِلإيْقَاع الَّتِي تُثِير إِعْجَاب الْنَّاس.
و( الْتَّاج مَكّي )، بِعَزْفِه الْمُتَفَرِّد عَلَى الْعُوُد، وَتَأَثُّرِه الْوَاضِح فِي بِدَايَاتِه، بأسلوب الّفّنّان ( مُحَمَّد الأمين )، فِي الْعَزْف وَالأدَاء، حَتَّى كُوْن ثنَائِيَّتِه وَالْشَّاعِر ( اسْحَق الْحَلَنْقِي )، وَتَحلِيقِه مِن بَعْد فِي سَمَاء الْفَن وَالشُّهْرَة بِأَغَانِيه الْخَاصَّة.
والْفَاتِح عوَض كَسلاوِي، ابْن خَالَة الْشَّاعِر عوَض أَحْمَد خَلِيفَة، وَالَّذِي أَصْبَح فِيمَا بَعْد ملحناً مَشْهُورَاً و قَائِدَا لاورْكِسترا فِرْقَة سِلاح الْمُوسِيقَى.
وكَان هُنَالِك أَيْضا، عُمَر عَبْد الْلَّه الْشَّاعِر، الَّذِي بَدَأ مَادِحاً، فِي مَعِيَّة وَالِدِه الصُّوْفِي الْمُتَشَدِّد، وَمَن ثُم تَعَلَّم الْعَزْف عَلَى آَلة الْعود سرَّاً، وَبَدَأ يُغْنِي فِي الْحَفّلات، ثم بِانْتِقَالِه إلى الْخُرْطُوْم، تسلق سلم الشهرة بألحانه البديعة.
مِن بَيْن كُل هَؤُلاء، كَان (إبراهيم مَنْصُوْر) هُو سَيِّد الْسَّاحَة الْغِنَائِيَّة بِالْمَدِيْنَة دُون مُنَازِع .
-3
كَان بِإِمْكَان ابْرَاهِيم أَن يتواصل مع عمالقة شعراء الأغنية من أبناء
المدينة
،كالأستاذ ( كَجَرَاي )، والأستاذ( إسحاق الْحَلَنْقِي )، الَّذِين ضمخوا بأريج رَوَائِعَ أشعارهم، الْسَّاحَة الْغِنَائِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى المحلي والْقَوْمِي، وتغنى الْعَدِيْد مِن الْمُطْرِبِين بِأَشْعَارِهِم، الَّتِي فتحَت لَهُم أَبْوَاب الْنُّجُومِيَّة عَلى مِصْرَاعَيْهَا. وَرْدِي، الْتَّاج مَكّي، ابْرَاهِيم حسين، .. وَغَيْرِهِم.
وَ من المؤكد أنهم لن يبخلوا علي إبراهيم بأشعارهم، ليَقْتَفِي أَثَر الآخِرِين، وَيُبْرِز مَوْهِبَته بِأَعْمَالِه الْخَاصَّة، لَكِن، يَبْدُو أَنَّ إبراهيم اكْتَفَى بِمَا وَصَل الَيْه مِن شُهْرَة مَحَلِّيَّة، إلى جَانِب قُصُور مَدَارِكَه وَالّذِين مِن حَوْلِه، فلم يحاول الاستفادة من وجود هؤلاء المبدعين. لِتُصِيْبَه الْحَسْرَة فِيْمَا بَعْد، وَهُو يَرَى مجايليه مِن المطربين، قد شقُّوا طَرِيقهِم، بطموحهم واجتهادهم، إلى قِمّة الْشُّهْرَة وَالْمَجْد، فِيمَا هُو ( مَحَلَّك سِر).
وَبَدَأ الْعَد الْتَّنَازُلِي لأيَّام الْشُّهْرَة وَالنُجُومِيّة، وَحِزْمَةٌ مِن الأزَمَات النَّفَسْية تُصِيب إبراهيم. زَادَهَا عُمْقَاً مَا أَصَابَه مِن مَرَضٍ غَيْر مَعْرُوْفَة أَسْبَابه، ظَهَر فِي هَيْئَة تَعَرُّقٍ دَائِم بِكَفَّيِّه، حَتَّى أَنَّه يُضْطر فِي بَعْض الأحْيَان لإيقاف الغناء، حِيْن يَتَشَبَّع سَطْحَ الرِّق بِالْعَرَق، وَيُصَدِّر أَصْوَاتَا تُخَالِف الإيقَاع، ( يْتَخْتِخ )، فَيهْرع أَحَد الْهَاشمْين إليه لِتَجْفِيف كَفَّيِّه، وَتَغْيِير الْرّق بِآَخَر.
سَافَر إبراهيم عِدَّة مَرَّات إلى الْعَاصِمَة لِعِلاج هَذِه الْحَالَة، وَمَع الْعِلاج الْمُكَثَّف، خَفَّت حِدَّة الْتَعَرُّق، وَإِن لَم يَخِفّ أَثَرُهَا الْنَّفْسِي، الذي بات واضحاً في ضعف حباله الصوتية، والحشرجة التي أصبحت تلازمه بين فترة وأخرى وهو يغني.
وَمِمَّا زَاد فِي أَزمّتَه النَّفَسية، حكاية مؤسفة رَوَاها لِي أَحَد أصدقاء إبراهيم الْمُقَرَّبِين، والتي حدثت عندما زَارَ ذلك الْمُطْرِبِ الَّذِي كَانُ يَتَصَيَّد اسْتِرَاحَة إبراهيم بَيْن فَوَاصِل الْغِنَاء أَيَّام شُهْرَتِه وَتَأَلُّقه، لِيُقَدِّمُ نفسه لِلْجُمْهُور. ذَلِك الْمُطْرِب والذي حَاز شُهْرَة وَاسِعَة بَعْد هِجْرَتِه إلى الْعَاصِمَة، َوفِي إحدى زَياراتِه لِلْمَدِينَة، عرج عَلى إبراهيم فِي مَنْزِلِه، واستهلَّ زيارته تلك بعبارةٍ تهكميةٍ أدمت قَلْب إبراهيم:
- يَا ابْرَاهِيم انْت لِسَّه سَاكِن فِي بَيت الْطِين المكَسَّر دَه ؟ وَلِسَّه بِتْغسِّل هُدُوُمك فِي الْطَّشْت ؟ الخلا عليك
فِي هَذِه الْفَتْرَة الْعَصِيبَة الَّتِي أَلْقَت بِثقلهَا عَلَى إبراهيم، وَمَع بِدَايَة انْحِسَار الأَضْوَاء عَنْه، قَيَّض الْلَّه لَه أَحَد أَبْنَاء الْمَدِيَنَة، والَّذِي كَان يَتَبَوَّأ مِنْصباً رَفِيعَاً بِمَصْنَع نَسِيج (الحصَاحِيْصا). َكَان الرجل مِن الْمُعْجَبِين بغناء إبراهيم. أشفق عليه حين ألمّ بحالته، فَعَرَض عَلَيْه الْذَّهَاب مَعَه، وَالْعَمَل بِالْقَسَم الْطَّبِّي التابع للمصْنع. وَبِمَا أَن ابنه الَّذِي أَنْجَبَه مِن صديقته الأثْيُوْبِيَّة، أَخَذَتْه أُسْرَتِه، لِيَعِيش مَعَهَا فِي مَسْقَط رَأْسِه ( شَنْدي )، بَعْد سَفَر صديقته لدولة أوربية ما، وَتخَلِّيَها عَن ابْنَهَا. لذا أَصْبَح لاشيء يَرْبِطه بِالْمَدِينَة، فقَبل الْعَرض الْمُقَدّم لَه، وَغَادَر الْمَدِينَة مودَّعاً بدموع أصدقائه ومحبيه.
فِي الحصَاحِيصا، اعْتَاد أَن يَذْهَب إلى الْنَّهْر صَبِيّحَة كُل جُمعَة، يُمَارَس هوَايَته المحببة والتي يجيدها، الْسِّبَاحَة وَالغَطس. وَيُغْنِي لِبَعْض رِفَاقِه الَّذِيْن يَغْتَنِمُون الْفُرْصَة، لِلْتَرْوِيح عَن أَنْفُسِهِم بِالسَّبَّاحَة وَالْغِنَاء وَالْطَّرَب.
فِي يَوْم جُمعَة مَا، أواخر سبْعِينَات القرن الماضي، نَزَل إبراهيم إلى الْنَّهر، سَبح قَلِيلا، ثُم غَطَس كَعَادَتِه، وَكَانَت تِلْك هِي الغَطْسة الأخِيرَة. (رحمه الله)
انتهى
بعد سنوات عديدة وهو يواجه فرقة لاطلاق النار كان000 يتذكر بعد ظهيرة احد الايام عندما اصطحبه والده لاكتشاف الثلوج
وخلال السنوات اللاحقة
[email protected]
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
مصطفى ود المأمور :الغناء الهابط ليس مسؤولية ( الجيل الحالي )
في ذكرى إبراهيم عوض
سعادة المستهدي بسيرة بقعة المهدي ... بقلم: حسن احمد الحسن/ واشنطن
إضاءات علي زمان الفنان الذري في ذكري رحيله الرابعة .. بقلم: صلاح الباشا
من رواد المدرسة الفنية الأولى
أبلغ عن إشهار غير لائق