نظرة ثاقبة بحيرة من النفايات مشهد(1) (الخرطوم-امدرمان-بحري) مشهد(2) شيخ كبير في السن في وسط الشارع يعمل بجد وإخلاص ، جعلت اراقبه عله يدع ما بيده ، قلت سيمل لا محالة ، كان يكنس وينظف وكأنه لا يفعل شيئاً ، كان وسط بحيرة من النفايات . لا أعلم كيف لهؤلاء الناس أن يفعلوا ذلك وهم مرتاحون ، يرمون بكل شئ ولا يكترثون ، كل شئ تحت قدميك ، عند ذهابك وايابك ، عند ركوبك ونزولك ، كل الناس ترمي فقط لا غير ، لا ترمي بالاً لعواقب ذلك ، من مضار صحية واقتصادية وسياسية وجمالية. كل ذلك يعود على المجتمع في الهم الوحيد وهو المعيشة ، لولم تكن بحالة صحية جيدة فانت ستخسر ، ستتوقف مسيرتك وستصرف من مدخراتك (لو كانت اصلاً موجودة) او ديناً لحين السداد . ومن ناحية الدولة حدث ولا حرج ، كل محليات ولاية الخرطوم غير صالحة للعيش ، كأنهم لا يريدون أن يعملوا ، او أنهم يريدون بيئة كهذه ويحبون ذلك ، إن ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺮاكمة ﺗﺘﺴﺒّﺐ ﺑﺎﻧﺨﻔﺎﺽ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ وﺗﻠﻮﺙ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ . وﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒّﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻬﻀﻤﻲ، ﺁﻻﻡ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ، ﺍﻟﺘﻘﻴﺆ، ﺍﻹﺳﻬﺎﻝ، ﺍﻟﻜﻮﻟﻴﺮﺍ، ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ الجلدية ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻨﻔﺴﻲ . ﻋﻼﻭﺓً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ تتسبب ﺃﻳﻀﺎً بامرض ﺍﻟﺘﻴﻔﻮﺋﻴﺪ وﺍﻟﻤﻼﺭﻳﺎ ﻭﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤُﻌﺪﻳﺔ . وينتشر ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﻜﺪّﺱ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻓﻴﻨﺸﺮ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ، وكل شوارعنا مليئة بالنفايات. كل ذلك لا يمثل لنا شئ ولا يجعلنا نكف عن أن نسكن ونعيش ونشتري ونأكل ونشرب في بحيرات من النفايات. الى متى ذلك..؟ متى نعي دورنا..؟ والكل يريد أن يتخلص مما في يده بأي طريقة ، وهو يعلم بأنه ليس الصواب ، لو أن كل انسان عرف ما يقوم به ما كان ليحدث ذلك ، ماذا لو جعلت كل شئ في مكانه المخصص . من منكم يرضى أن يرمي أحدهم نفايات في بيتك ، او بالقرب من بيتك فقط ، ستغضب وتنفعل ولن يرضيك ذلك ، السؤال هنا : لماذا تغضب وطنك وتهينه..؟ متى نكن مجتمعاً يعي ما يقوم به..؟ الى أين نتجه..؟ والعالم يتقدم ، ونحن لا نتقدم ولا نرجع الى الوراء ، إنما ننزل الى القاع لا غير. أين الإعلاميين..؟ هذا هو دوركم ، توعية هذا المجتمع والأخذ بيدهم الى بر الأمان ، فليكن للجيل القادم حياة بمعنى حياة ، لن تتقدم أمة الا بالتعليم والثقافة. مشهد(3) حكى لي صديقي قال :(عندما هممت على شراء السكر كالمعتاد ، اخرجت 65 جنيهاً لسعة 10 كيلو ، اذا بصاحب البقالة يقول لي إن السعر 90 جنيهاً ، لم اصدق وقتها وصدمت) وقس على ذلك كل السلع يقولون أن الدولار زاد ، ولكن في كل مكان يقولون ، بأن الاقتصاد بخير ، وأن البلاد بها من الخيرات الكثير ، وأن الاستثمارات في إزدياد ، وأن العجز في الموازنة هو 1 في المئة لا غير مع بعض الكسور ، ويقولون إن الذهب واليورانيوم تئن منهم ارض السودان ، ومع كل ذلك الدولار في إرتفاع جنوني . ما الحل....؟ مشهد(2) هو لم يشتري سعة 10 كيلو ، بل اكتفى بواحد كيلو لا غير. مشهد(1) سيادة الجنيه السوداني دعني ارافقك فالإرتفاع عندك سهل. خالد كرنكي [email protected]