السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفقا لمفاهيمهم الغبية, يبخسون ما خطه (أوباما) كحدث أستثنائي في ناصية التاريخ
نشر في الراكوبة يوم 21 - 01 - 2017

غداة فوز الرئيس الامريكي ( باراك اوباما) بزعامة اعظم دولة في العالم, ذهبت بعض الأصوات حينها في مجتمعات دول العالم الثالث الي (تمسيخ) الأنجاز التاريخي مستبعدين نجاحه الذي رهنوه بتحقيقه لأحلامهم.....! لا انجازات الشعب الامريكي الذي انتخبه ...! مثل تحقيق السلام في السودان ....! ووقف الحرب في الشرق الاوسط وافغانستان , والأن بعد أن ودع الرئيس الامريكي كابينة القيادة تكررت ذات الأصوات بفشله بدعوي انه لم يحقق لهم ما كانوا يتطلعون اليه في بلدانهم ....! وتكمن المشكلة ان شعوب الدول الفاشلة تعلق امالها علي غيرها ليحل مشاكلها ...! ولكن بالمنطق من هو الذي انتخب اوباما....؟ الشعب الامريكي .....! ام الذين يريدون أن منه ان يحقق احلامهم بالوكالة من خلال رؤيتهم الضيقة , التي تنظر تنظر للأمور بمقاييس مقلوبة...! . فأذا كان معيار حكمنا علي (اوباما) رهين بفشله في انهاء النزاع السوداني ,ووقف الحرب في الصومال ,او في حل القضية الفلسطينية، أو عدم شنه حربا بالوكالة لإسقاط النظام السوري، أو عدم جديته في حربه على تنظيم (داعش) فنكون إذن تجنينا على الحقائق, فالموضوعية تقتضي أن يتجه هذا النقد الي حكوماتهم العاجزة عن النهوض بشعوبها, فليس مشكلة ( اوباما) ان يسعد الانسان في السودان او سوريا أو فلسطين , بقدر ما همه الاول ان يسعد الناخب الامريكي الذي جاء به لكرسي السلطان ....! فرئيس أي بلد في العالم نجاحه مرهون بحسب ما أنجزه لشعبه الذي انتخبه, وفقا لبرنامجه الانتخابي , الذي يتوقف عليه معيارنا لتقييم تجربه نجاحه من فشله, وبهذه الفرضية الغبية اذا كنا سننتظر من الاخرين تحقيق رغباتنا ,أونرهن نجاحهم بذلك فلن نرتقي مالم تتطور هذه المفاهيم البالية.
فوز (اوباما) برئاسة اعظم دولة في العالم كان حدثا تاريخيا لا ينبغي اغفاله, مهما ذهب أعداء النجاح برهن نجاحه بأشياء واهية, وما يردده الحاقدون ( اذ ان الكفر ملة واحدة...!) فقد كان فوزا أستثنائيا, عبر انتخابات استثنائية في دولة استثنائية , لا بثقل تأثيرها علي العالم فحسب....! وانما لخلفية نشأتها وتطورها القيمي في لحظة تاريخية , في منتصف ليل يوم الثلاثاء الرابع من نوفمبر وحتي صباح يوم الخامس من نوفمبر, اذ ظلت الانفاس محبوسة في جميع انحاء العالم بحكم الرمزية التي مثلتها المنافسة علي الموقع الاول بين اسود و ابيض, حتي لحظات التأكيد القاطع لفوز (اوباما) التاريخي , وهو بالضرورة حافل بالدلالات والعبر التي نستلهمها ,و اولي هذه القيم الرسالة الداوية التي وجهتها الولايات المتحدة للعالم بتخطيها للفوارق العرقية,لهو أمر أن يقف عنده التاريخ أعجابا , ولكن لا يجعلنا هذا ان نتخيل ان بفوز( اوباما) ستنتهي العنصرية في تلك البلاد , كوننا لا نحيا علي اتون مجتمع فاضل يعيش فيه خيار الناس, فنحن نعيش علي دنيا تحكمها صراع الثنائيات (الخير/الشر) فمن الطبيعي ان تظل هذه الافة فينا الي ان يرث الله الارض, فالشعوب مهما ارتقت من درجات القيم النبيلة, فسيظل من بين صفوفها من من يجافي تلك القيم , من امثال الطيب مصطفي في السودان , وليبرمان في أسرائيل....!
عظمة الانجاز لا يستطيع انكارها الا مكابر, خاصة اذا قرأنا الامر في ضوء حقائق الحاضر وارث التاريخ, ومن حقائق الحاضر ذات الصلة ان البيض يشكلون نحو ثلثي سكان الولايات المتحدة فيما يشكل السود الذين ينتمي اليهم اوباما عرقيا نحو 10% ومن هذه الحقائق البيض يسيطرون بشكل حاسم علي مقدرات البلاد المالية , ومؤسسات الدولة والاعلام بما تنتفي معه المقارنة مع ما للسود الذين هم في قاع السلم الاجتماعي ,و تجلت قيمة العزيمة التي رأيناها في تلك الانتخابات التاريخية في تجسير فجوة الامكانيات المادية, فقد اعتمد (اوباما) بشكل اساسي علي المساهامات الشعبية الصغيرة , في مواجهة المعسكر الجمهوري الذي يحظي تقليديا بدعم المراكز المالية العملاقة , وقد تخوفت المراكز المالية الكبري من برنامج( اوباما )الاقتصادي, ومن مفرداته باعادة توزيع الثروة وتخفيض الضرائب علي الطبقة الوسطي, ولكن هذا لا ينفي ان الحزب الديمقراطي لم ينل دعما من المؤسسات المالية الكبري, وانما كان حظه اقل مما حصل عليه نظيره الجمهوري , ومع ذلك فقد حصلت حملة (اوباما) علي اكبر دعم مالي في تاريخ الانتخابات الامريكية ,ساهم فيه الجهد الشعبي بقدر كبير.
اما عن ارث التاريخ ومأسييه الفاحشة, فحدث ولا حرج, فالولايات المتحدة قد تأسست علي ابشع علاقة بين الاعراق سيما العرقين السود والبيض, فالدولة الامريكية انشأها المغامرون البيض الانجلوساكسونيين علي انقاض مجتمعات الهنود الحمر بعد ابادتها بقوة الحديد والنار, وبنيت بالتسخير الاستعبادي للنوج الافارقة بفظاعة لا نظير لها في التاريخ المعروف ...!اذ تتجلي بعضها صورها التراجيدية في رواية الجذور لكاتبها اليسكس هيلي فبين ذاك العهد المظلم الي عهد غداة انتخاب اوباما رئيسا مسيرة مضيئة وصفحات مشرقة سجلها التاريخ ابهرها اضاءة مأثرة الرئيس الاسبق (ابراهام لنكولن) الذي عرف بمحرر العبيد بالانهاء الرسمي للعبودية, غير ان العلاقات الاجتماعية بين الاعراق ان كانت تتاثر حتما بالقوانيين, الا انها لا تتعافي وتستقيم الا بصحوة الضمير واندياح الوعي في المجتمع, وهكذا كان من الطبيعي ان تستمر امراض الكراهية والتمييزضد السود, ويستمر نضالهم من اجل نيل كامل حقوقهم المدنية التي تصاعدت بقيادة داعيتها الاشهر( مارتن لوثر كنق) في ستينات القرن الماضي, وموقف السيدة( روز) التي رفضت اخلاء مقعدها في البص متحدية قانون التمييز لتدخل التاريخ من اوسع ابوابه كرمز لنضال المرأة الي ان صدر قانون منع التمييز في عهد الرئيس( نيدون جونسون)
ان المغزي الحقيقي لانتخاب( اوباما) ليس في ماذا سيفعل او لا يفعل ....! وانما كان في الرسالة البليغة التي وجهتها الامة الامريكية للانسانية , قيمة الرسالة لا يمكن استبانتها الا بحق قرائتها مع ماضي العلاقة بين البيض والسود وعلي كثرة ما سمعنا عن هذا التحول التاريخي فقد استوقفنا خطاب المرشح (ماكين) في تلك اللحظات معترفا بالنتيجة لخصمه قائلا ( انه وقبل مائة عام من الان عندما دعا الرئيس" ثيدور روزفلت" اسودا لمأدبة عشاء في البيت الابيض فأن ذلك أثار ضده انتقادات واسعة , وهاهو الشعب الامريكي ينتخب اليوم اسودا كرئيس للجمهورية وهذا ما يجب ان نفتخر به جميعا , وقال الرئيس (بوش) في خطابه ان الامة الامريكية تصنع التاريخ وتؤكد للعالم بهذا الانتخاب عظمة القيم الامريكية , وقد احسن العالم رسالة الامة الامريكية بحفاوة غير مسبوقة, فالاحتفالات والابتهاجات التي عمت كل دول العالم غداة تنصب (أوباما) لا يمكن تفسيرها اطلاقا برفض سياسات (بوش), لقد كان الاحتفاء بالرمزية التي يمثلها فوز اوباما للانسانية , للاثنيات في كل انحاء العالم فقد جسدت الرمزية قيم العدالة والمساواة وتجاوز الحواجز العرقية بقدر كبير.
ذهبت بعض التحليلات حينها , معللة أن من الأسباب الرئيسية لأنتخاب (اوباما) سببها الرئيسي اخفاق سياسات (بوش) او الازمة المالية كما يزعم الكثيرون, ولكن تنفيها حقائق جوهرية منها أن فوز (اوباما) جاء عن جدارة وأستحقاق بترشيح الحزب الديمقراطي أبتداء بفوزه علي (هيلاري كلينتون) بقوة شخصيتها ,وميراث زوجها الحافل في الرئاسة , وهو الذي غادر البيت الابيض وشعبيته تفوق ال70% اذ يعتبر من اكثر الرؤساء شعبية, وكان الفوز في الانتخابات التمهيدية داخل معسكر الديموقراطيين في حد ذاته دليلا قاطعا علي ان تحولا كبيرا في العقلية الامريكية قد حدث ...! وجاءت انتخابات الرئاسة لتأكد قول كل خطيب ....! بشكل مذهل اذ كانت استطلاعات الرأي العام تشير في الساعات الاخيرة بتقدم اوباما بسبعة نقاط , فقد اظهرت الارقام الفعلية تقدمه بعشرة نقاط اذ حصل علي 55% مقابل 45% (لماكين) . وتقول الاحصائيات ان( اوباما )حصل من اصوات البيض اكثر مما حصل عليه (بيل كلينتون) في ولايته الثانية, وفي حين حبست الانفاس في انتظار ولاية فلوريدا في انتخابات2000 ونتيجة ولاية اوهايو في انتخابات 2004 لترجيح كفة اي من المرشحين , فأن( اوباما ) تخطي العدد المطلوب منه في المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة , وصناديق الأقتراع لم تقفل بعد في ولايات الغرب الامريكي.
اما عن البرنامج الأنتخابي, فهذا هو مربط الفرس لمعيار نجاحه الذي ينبغي أن نقيمه عليه....! ,و بالرغم عن ما يتردد عن ثبات السياسية الامريكية وعدم تأثرها بالاشخاص خاصة في بعدها الخارجي, بأعتبار ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات من الصعب علي اي فرد ان يتجاوزها , ولكن الصحيح بنفس القدر ان الرئاسة مؤسسة بل اهم المؤسسات , وان شخص الرئيس يلعب فيها الدور المحوري بحسب قدراته , وهنا اذ تتجلي قدرة الرئيس (أوباما) , ولكن بالمفهوم النسبي فعنصر الثبات في هذه السياسة تمثله الغايات النهائية ,وهي مصالح الولايات المتحدة , اما وسائل تلك تحقيق تلك الغايات فليست ثابتة بل متحركة حسب التقديرات, وهذا ما يراه المتابع لتاريخ السياسة الامريكية المعاصرة بتمعن..... ! تختلف بقدر معتبر في توجهات الديمقراطيين و الجمهوريين الكل بحسب وسائله....! فمثلا اعتمد الديمقراطيين تجاه الانقاذ في عهد الانقاذ في عهد كلينتون سياسة الاحتواء عن طريق المحاصرة السياسية والاقتصادية والضغط العسكري , عن طريق الجيش الشعبي انطلاقا من دول الجوار , بينما سياسة الجمهوريين في عهد (بوش) كانت مختلفة اذ اعتمد علي سياسة العصا والجذرة بغية تحقيق السلام في الجنوب علي هدي دراسة معهد وتشنطون للدراسات السياسية والاستراتيجية الصادر عام 2000, وهذا الاختلاف اعترف به ( البشير) رئيس الجمهورية في مقابلة مع قناة الجزيرة ان الجمهوريين افضل لهم من الديمقراطيين , اذا فمع التسليم بثبات السياسة الامريكية بالمفهوم النسبي فأن مفرداتها خاصة في جانب الوسائل تجري وفق تدبير لا تبديل فيه.
برنامج اوباما الانتخابي في السياسة الخارجية , من اهدافه كانت تحسين صورة الولايات المتحدة التي شوهتها مغامرات الجمهوريين في فترة (بوش) الابن , بأخراج البلاد من ورطتها في العراق وأفغانستان, وتفعيل الدبلوماسية والحوار اكثر من الخيار العسكري, وكذلك المزيد من الاهتمام والالتزام ازاء القضايا ذات الطبيعة العامة التي باتت تؤرق العالم, وعلي رأسها قضايا البيئة والاحتباس الحراري, وتلك القضايا في عهد بوش لم تعير الولايات المتحدة اهتماما يناسب خطورتها, كما ورد في برنامج (اوباما) الانسحاب من العراق في اسرع وقت ممكن وفق جدول محدد وقد وفي بوعده,و حققت إدارة (أوباما) إنجازا بالاتفاق مع إيران حول البرنامج النووي, وأصبحت إيران غير قادرة للاستمرار في برنامجها النووي ,حيث تقوم إيران حاليا بشحن كميات اليورانيوم لديها إلى روسيا كما تقوم بدفن منشآتها النووية بالاسمنت. ويضاف لأنجازاته إعادة العلاقات مع كوبا كحدث تاريخي ,بعد فشل 50 سنة من محاولة عزل الجزيرة الصامدة ، وفي خضم هذه الأنجازات لا ننسي أخفاقه في موضوع حل القضية الفلسطينية الذي وعد به بتاريخ 5 حزيران/يونيو 2009 في خطابه بجامعة القاهرة وكرره في خطابه أمام الجمعية العامة في عام 2010 عندما أكد أن الدولة الفلسطينية ستكون هنا في هذه القاعة في السنة المقبلة.....! وهنا تكمن براعة اللوبي الصهيوني المسيطر علي اقتصاد في أكبر دولة في العالم , يستغلون نفوذهم الاقتصادي للضغط علي مراكز القرار في امريكا وابتزاز المجتمع الدولي , ولولا ذلك لما كان لليهود نفوذ يذكر,أما من يذهبون بفشله في سوريا فلا أعتقد ذلك . فهناك سببان لتبرير مواقف الأدارة الأمريكية ، الهدف منها إطالة أمد الحرب بهدف تدمير سوريا خدمة لإسرائيل, والرأي الآخر , حتي لا تورط أمريكا جنودها في صراعات حرب برية تتحول إلى مستنقع آخر كالعراق وأفغانستان.
اما داخليا ,فالأوضاع الاقتصادية الآن في كامل عافيتها حيث انخفضت نسبة البطالة إلى 5. 3 في المئة الأقل منذ سبع سنوات، وأضيفت 14. 1 مليون وظيفة. أما العجز في الميزانية فقد خفضه بنسبة ثلاثة أرباع عما كان عليه عام 2009. فقد كان شعار اوباما الاساسي اعادة توزيع الثرو ة, والوسائل لذلك هي تركيز الانفاق الحكومي للتوسع في فرص العمل , والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي للشرائح الفقيرة , وزيادة الضرائب علي الشركات الكبري , وتخفيضها علي الشرائح محدودة الدخل , وسيسطر التاريخ لأوباما أنه أول رئيس استطاع أن يجعل بمقدور كل أمريكي أن يحصل على تأمين صحي باعتماد برنامج سمي باسمه «أوباماكير» استفاد منه إلى اللحظة أكثر من 18 مليون أمريكي، رغم العراقيل التي وضعها الجمهوريون في وجهه.
طرح البرنامج كذلك تقليل الاعتماد علي البترول المستورد بالتوسع في الاستثمار الداخلي في هذا المجال وتطوير مصادر الطاقة البديلة,حيث إنخفضت نسبة البترول المستورد نحو 60 % وانخفض سعر برميل النفط لنحو 30 دولارا وسعر الغالون للمستهلك إلى أقل من دولارين الأقل منذ 1988, بل توسع أوباما في إستعمال الطاقة المتجددة الشمسية والمولدة من الرياح وهي أقل تكلفة من المحروقات وقد بدأ التحول تدريجيا إلى الأنواع الجديدة من الطاقة وبالتالي أصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة تخفض نسبة التلوث الناتج عن أكسيد الكربون.وقد افادني احد اصدقائي في الولايات المتحدة, وهو يعمل ضمن احدي مشاريع الطاقة البديلة من مصادر داخلية وصديقة للبيئة بتكلفة أقل بكثير ,و حاليا قد قطعت شوطا بعيدا في هذا المجال,فقد يصبح البترول قريبا من حكايات الزمن الغابر, وبالتالي ستستغني تدريجيا في اعمادها علي البترول المستورد,وتضمين ميزانيته في منافع اخري للمواطن الأمريكي, ويمكن القول ان جوهر بنامج اوباما الاقتصادي يتلخص في العدالة الاجتماعية.
ما حدث في الولايات المتحدة , في عهد (اوباما) أنجازا بالمعايير العلمية , اذ حفر أسمه بمداد من نور في سجل العظماء ,و في ناصية التاريخ, اذ كان مطلوبا من الرئيس الشاب عديم الخبرة أن يعمل على مسارين، إنقاذ الاقتصاد فورا وإخراج البلاد من حروب تورطت فيها. ومن ثم الالتفات إلى الوعود الأخرى التي قطعها على نفسه أثناء الحملية الانتخابية وهكذا كان, واذ نستلهم الدروس من مشاهد تلك الانتخابات التاريخية في دولة الحرية والشفافية ,اذ تكاد تتلاشي فيها الممارسات الفاسدة والحقيرة, مما تولد احتراما ذاتيا للقانون والمؤسسية واحترام ارادة الناخب ويصبح ذلك جزءا من الثقافة العامة, وقد تجلي في الانتخابات الامريكية ,الكثير من المدهش من معاني التزام المؤسسية واحترام ارادة الناخب في تجرد ونكران, يعز مثيله في الدول الاسلامية ودول العالم الثالث عموما ,فتلك (هيلاري كلينتون ) بعد خسارتها من (اوباما) لمعركتها الشرسة علي ترشيح الحزب الديمقراطي ضد (اوباما) والتي تبادلت معه اقسي الاتهامات, تمشي فوق جراحها وتنضم للحملة الانتخابية لغريمها السابق ومضت( هيلاري) تحذر انصارها من التصويت الاحتجاجي ضد (اوباما) او التقاعس عن التصويت له, مؤكدة ان الحزب الديمقراطي كمؤسسة فوق الانتصار للذات , وذلك (جون مكين) حين تأكدت خسارته يلقي خطابا معبرا حافلا بالمعاني رغم مرارة الهزيمة في حلقه , في ذلك الخطاب اعلن ماكين اهلية غريمه واستحقاقه للمنصب عن جدارة واعلن احترامه لارادة الشعب الامريكي بل افتخاره للانجاز التاريخي لهذا الشعب بانتخابه اسودا رئيسا داعيا انصاره لدعم الرئيس المنتخب, لانه اصبح رئيسا لكل الامريكيين ,اذ هذه المعاني في تقديري لم ترد رياءا وانما عن قناعة كجزء من تقاليد وثقافة رسختها الممارسة الديمقراطية بالمقارنه مع ما يفعله ساستنا في هذا الوطن المنكوب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.