ضرورة إنزياح المسلّمات والنماذج: Paradigm shift: كل علم يقوم على بارادايم معين، وهو في الغالب مبني على انجازات علمية سابقة سلم بها العلماء أو جماعة من العلماء. لقد كسر كانط النظرة الجامدة للطبيعة في كتابه "التاريخ الطبيعي العام ونظرية السموات" فأحدث ثورة في التصورات الوجودية لدى العلماء مما خلق مناخاً سمح لظهور نظرية مثل نظرية دارون. لو طرق البشر ابواب البعد الغيبي للوجود (كافتراض او احتمال راجح) عبر دراسة جادة وبحث لربما احدثوا ثورة وجودية كبرى بها تتغير نظرتهم للعالم ولكل الكون ويحدثون إزاحة في إطارهم التصوري للوجود حتى يرى العلماء العالم بصورة جديدة، فيحل تصور جديد (ما بعد حداثي) يزيح النماذج والتصورات (الحداثية) القديمة وهذا ما أشرنا إليه بالتحولات النماذجية الفكرية "البارادايم شيفت" (Paradigm Shift). تقع التحولات الجذرية في مسيرة العقل البشري عبر عدد محدود من الناس هم الرواد الغرباء او اللامنتمون، فهم الذين يحدثون فجوة في جدار الوعي نحو وعي اعلى واشمل واوسع واعمق، فتتسع هذه الفجوة شيئا فشيئا حتى تصير هي ما يسلم به جميع الناس وذلك عندما تتغير أنماط ومناهج ومسلمات العقل، أي تغير نماذج وأنماط التفكير بتغير المُسلّمات. وخير مثال لذلك التحول النماذجي في العصر الحديث نجده في معارف فيزياء الكموم "شهدت ثورة الكوانتم (الكموم) والنسبية التي حق لها أن تعتبر أخطر انقلاب في مسار العقل العلمي... بل هي شق لطريق جديد يقوم على أسس ... معرفية ومنهجية مختلفة... وتشهد العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين ثورة الإتصالات والمعلوماتية والكمبيوتر، أو ثورة الجينوم البشري والهندسة الوراثية". هذا نموذج لإنزياح النماذج الفكرية والمسلمات الوجودية (Paradigm shift)، البارادايم شيفت. أخطر ما في هذه التحولات في فيزياء الكموم هي أنها تجسر الهوة بين الروحانية المستمدة من الدين والتصوف، والعلوم القائمة على النظر العقلي البحت والتجربة المادية، لذلك نقول بأننا على أعتاب تحول عظيم يجمع بين العلم والدين. يقول فرنر هايزنبيرج "معظم التطورات المثمرة في تاريخ الفكر البشري تتحقق في النقاط التي يتلاقى فيها خطان فكريان مختلفان". ونحن هنا نحاول أن نوفق وننسق بين افكار ومعطيات متعددة نظن أن هنالك رابط ما بينها. هذه المعطيات فيها المؤكد علمياً وفيها ما هو في طور النظرية وفيها ما هو في طور الفرضية والتصور الفلسفي. لقد بدأ عصر البارادايم السائد اليوم بكل ما فيه من مناهج وأفكار ومفاهيم ومعايير مع بداية عصر النهضة والتنوير والحداثة، وهو الذي شكل العقلية الأوروبية وأثر في كل العالم. هذا البارادايم السائد استنفذ اغراضه ولم يعد يفي بحاجات البحث العلمي الواسع. "هنالك باحثون مرموقون في العلم وحركات اجتماعية مختلفة وشبكات بديلة كثيرة تطور نظرة جديدة عن الواقع ستشكل أساس التكنلوجيا والأنظمة الاقتصادية والمؤسسات الاجتماعية في المستقبل". ما يعانيه الإنسان اليوم من قلق وتشويش وعدم وضوح للرؤيا هو من علامات قرب إنزياح النماذج القائمة. [email protected].com