وضعت الكثير من الدول في العالم ،مواصفات و مقاييس لضبط السلع والخدمات المقدمة للمواطن،إنطلاقا من مبدأ المسئولية تجاه المواطن،أي مواطن في الدولة، مهما كانت صفته، أو حجمه الأجتماعي،تحفه الدولة بالرعاية، و صيانة حقوقه على أكمل وجه، دون تفريط أو تهاون، ولا مبررات غير منطقية،فتلك الدول ،وضعت مقاييس و معايير محمية بالقانون و تسود على الجميع ،وكل من لا يلتزم بها، يعد مخالفا للقانون وجريمة جنائية ،يعاقب عليها عقابا رادعا، يصل لدرجة سحب التراخيص من مزاولة أي نشاط يرتبط بحياة وأمن المواطنين. فالمواصفات تتنزل على كل شئ،سلعة كانت أم خدمة،بل حتى على مستوى الحديث، وما يكتب و يقال في مختلف الوسائل و الوسائط ، فلا يكون الإ وفقا لتلك المقاييس، مضبوط بإحكام،ولا يترك هاكذا سدى ليصب في برك إثارة الفتنة والكراهية الآسنة أوالتمييز بين بني البشر. أما نحن،نعم، لدينا هيئة مواصفات و مقاييس تقوم بادوار إيجابية هنا وهناك ،الا أن المجتمع الذي تعمل فيه هذه الهيئة، يفتقر في بعض جوانبه الى ثقافة المواصفات والمقاييس الى درجة كبيرة، وتكاد تكون مستغربة لدي الكثيرين،فمثلا هناك من يتناول منتجات منتهية الصلاحية وهو يعلم ذلك،ويقول لك " ياخي دوس مافي زول بموت قبل يومه "،نجد أن مثل هذا الشخص، خلط ما بين إيمانه بالقضاء والقدر و الامبالاة ،وحتما، أنهما شيئان لا يلتقيان،فالمؤمن عفيف جميل عاقل لا يضر نفسه، او يقذف بها الي الهلاك عمدا وإن فعل ذلك، يكون قد تجني على نفسه،هناك أشياء كثيرة في بلادنا سواء كانت في مجال السلع و الخدمات، لا تستجيب لمواصفات إطلاقا،فخذ مثلا اكبر عالم يحتك به الملايين يوميا وهو المواصلات العامة،فهذا العالم، مازال بعيد جدا من يد المواصفات و المقاييس،ربما تكون فقط نظريا ،و لكن عمليا، الواقع يؤكد خلاف ذلك . فحينما تصعد الى إحدى حافلات الركاب، عليك الحذر ثم الحذر،حيث المقاعد المهترئة يبرز منها حديد ،و العجب العجاب، عندما يكون من نصيبك معقد النص الذي يسميه البعض تندرا "بيت الايجار"،تجد نفسك او من يجلس امامك محمول على رقبتيك،أو نصف جالس في مقعد غير ثابت "كالمرجيحة" وتضطر الي الاستناد على من بيمينك أو يسارك .خاصة بعد ان تهدر جل طاقتك الصباحية "للدفر" الحافلة التى تعطلت في منتصف الطريق وفي النهاية لم تنقلك الى حيث تريد وتأخرت عن الدراسة أو العمل،وأحيانا يقولون انها قطعت "جاز". فمثل هذه المقاعد خطرة على الصحة خاصة السلسلة الفقرية،وكثيرون من نزلوا من تلك المركبات باصابات دائمة و مزمنة، عطلت مجري حياتهم تماما،فمعظم المركبات العاملة اليوم، كنافخ كير تماما،فهي إما ان تقد ثيابك او تصيبك بانزلاق قضروفي في السلسلة، وإن خرجت سالما من كل هذا، لن تسلم من السنة بعض الكماسرة. فكل هذه المعطيات تستوجب التدخل لحسم هذا العالم المهم، المرتبط بحركة الناس اليومية، فلا بد من رفع جودته بهدف الحفاظ على سلامة المستخدمين. فلماذ لا تضع هيئة المواصفات بالتعاون مع اتحاد غرف النقل العام ضوابط صارمة لمواصفات المركبات العاملة في هذا المجال؟ وربط ذلك باجراءات الترخيص السنوية و التفتيش الدوري المباغت ،وتطبيق عقوبات صارمة في حال عدم الالتزام بها. صحيفة المستقلة - السبت 24 مارس 2017 [email protected]