كثيرا ما تنتابه لحظة شرود،يهرب بعيدنا عن نفسه ،يغيب عن عوالم الانسان والحيوان والجماد يسبح في فضاآت ماضيه مع اطياف يحلق ليعانق اشباح ويهرب من اشباح.كثيرا ما كان يتمني ان تستمر تلك اللحظة الي ايام بل يتمني ان يعود الزمن مجرورا ليتفادي حاضره الاليم. وصل محطة القطار عند الساعة الرابعة ظهرا ،كان الجو حارا والزحام شديد،حدق بعينين فاترتين الي شاشة استعلامات وصول ومغادرت القطارات، تبقي ثلاث دقائق لوصول الاروار دي ،هرول مسرعا الي المسار الثاني حيث وقوف الاروار،توقف القطار واستفرغ كم هائل من البشر بجنسيات والوان واشكال واديان مختلفة لم تجمع بينهم الا الانسانية. لم تمضي سوي لحظة حتي امتلاء جوف القطار،تلفت كودي باحثا عن كرسي شاغر،القطار معبأ حتي الممرات بين المقاعد تضج بالواقفين،صعد الي الطابق العلوي للقطار لمح امراة في عقدها الثالث تجلس علي كرسي وتضع شنطتها اليدوية علي المقعد المقابل لها، انسحب بين الواقفين يستميحهم عزرا ليعبر،حتي وصل الي موقع السيدة.لقد كان في امس الحاجة للجلوس فانه منذ ليلة الامس يشعر بإعيا شديد.فسالها بلطف هل يمكنني ان اجلس هنا من فضلك مدام؟ فردت نعم بكل تاكيد،حملت حقيبتها ووضعتها علي ساقيها،سحبت سحاب الشنطة واخرجت مروحة نشرتها واصبحت تحرك الهواء امام وجهها،جو باريس في ايام الصيف يكون حارا وخانقا. تحرك الاروار من محطة ميثان الفوخت،وكان يلزمه30دقيقة ليصل كودي الي وجهته،مع تحرك القطارتدفقت موجات هواء باردة من النوافذ الصغيرة اعلي القطار،لامست النسمات جبين كودي فاحس براحة ونعاس في آن واحد،اسند ظهره علي الكرسي،تسمر نظره علي حلقة دائرية معقودة بطرف الشنطة اليدوية للسيدة التي امامه،وكانت السيدة تلعب عليها دون ان تدري تدخل اصبعها الاوسط وتخرجه من خلال الحلقة بطريقة شهوانية .عند وصول القطار محطة غار دي ليون وسط باريس كان كودي في كامل وعيه، احس بتوقف القطار وانذلاق الابواب ونزول وصعود الركاب الي ان تحرك القطار مرة اخري. لاكن بعدها داهمته لحظت الشرود والتوهان. عارية لاترتدي سوا تنورة صغيرة تمضغ احدي نعليها،لما راته القت الحذاء وجاءته راكضة،فتح زراعيه والتقطها،باسهاعلي خديها وقذفها في الهواء كانت ضحكاتها تملاء الارجاء،اجلسها علي كتفيه ودخل المنزل. مسيو مسيو صباه!!!. انتزعه صوت السيدة من شروده،احس بسخونةعلي خديه تلمسهم،فكان الدمع يسيل حارا،مسحه وتصنع ابتسامة لا لون لها. ورد علي السيدة وي صباه،هزت السيدة راسها وانشغلت عنه بجوالها. فعاد الي شروده. كان في الحقل وكانت عائلته في القرية وكانت كجنة ابنته في عامها الخامس وكان الله موجود حين اعلنت الحكومة قرية كجور الوادعة متمردة!. امطرتهم بوابل من براميل حارقة. منذ لحظتهاتنتابه لحظات الشرود تنقله بعيدا عن واقعنا اعلن القطار بواسطة مكبر الصوت ان محطة يارس اخر محطة تبقي لها ثلاث دقائق ،حينها انتبه الي حقيقة في عالمه الحالي ان محطة لشابيل قد مرت. فقطاره الخاص دائما يحمله بعيدا واخيرا حمله من قرية كجور بالسودان الي ملون ضواحي باريس بفرنسا،وفي كل محطة يساله الناس صباه فيجيب وي صباه ولاكن الان بعد ان شارف قطاره الخاص النهايه بداء يسال نفسه هل حقا انا تمام؟ كجنة طفلة شقية متمردة ترفض ارتداء الثياب تابئ الاستحمام وحين تجبرها والدتها علي شئ تدافع عن موقفها تقذف بالحجارة تعض تخربش تبكي. كنت دائما اتدخل لصالحها لذلك تحبني كثيرا تنتظر عودته من العمل لتحظي بشغلبات في الهواء وحلوي .ثم تضحك تملاء الدنيا عبير،!. اقتالوها لانها متمردة!!!.