نعم .. قتلتها وزبانيتك حين مهدتم لذلك بإعلان ثورة التعليم العالى ضمن مشروعكم الحضارى الذى أطاح بكل ملامح الحضارة، لتفرخوا مئات الأدعياء حملة شهادات الطب من جامعات تبعثرت بين الأزقة والحوارى وفى كل جحر عبر البوادى والحضر، خاوين سوى من جيوب أهاليهم المنتفخة بخمشات من الدولارات، يزهقون أرواح المواطنين عندما تشخص آلام الرأس الحادة المصحوبة بغثيان ونوبات إغماء بالذبحة الصدرية!! .. قتلتموها حين قررت ووزير صحتك تفكيك أكبر صرح صحى تعليمى مثل تراكما لخبرات عبر عشرات السنين بدعوى نقل الخدمات الطبية الى جانب المواطنين بأهداف لا تخفى على فطنة المواطن، وحين ذهبت بأن (مستشفى الخرطوم ليس منزلا وسيتم تفكيكه) .. نعم مستشفى الخرطوم ليس منزلا ولا مقدسا سيدى الرئيس ولكن الارواح الآدمية مقدسة ومكرمة عند الله ولا يجوز قتلها إلا بالحق.. قتلتموها حين اطحتم بقسم المخ والأعصاب العريق الذى نقل الى (مشفى) (ابراهيم مالك) إسما دون روح يتبختر فيه (الدكاترة ولادة الهنا) وهم بين إنشغال بهواتف وقفشات وضحكات خلف لافتة كتب عليها (الحالات شبه الحرجة) واعدين عند أسئلتنا القلقة عن الطبيب الأخصائى لحالة يفترض أنها حرجة (اننا (سنتصل)) وظلت نفس الإجابة لساعتين... قتلتم فاطمة باكرا وفاضت روحها جهلا وإهمالا فى خامس مشفى ظلت تتنقل بينها خلال 24 ساعة طلبا للإنقاذ، علما بأن حالتها كانت نزفا دماغى يتطلب سرعة التدخل وعدم الحركة، ولو تعلمون بأن التدخل تمت ملافاته بإجتهاد ما لا يستحق جهد لأعراضها من طبيبتى إمتياز ونائبة أخصائى بحوادث مستشفى امدرمان بحبات (انتيبلات Antiplatt) المسيلة مدعومة بحبة مانعة التجلط تحت اللسان!! فكانت كل خطوة للإنقاذ طريقا نحو الهلاك.. قتلتموها والعشرات جشعا فى زمان بات فيه العلاج والإستشفاء سلعة تباع وتشترى ولا عزاء للفقراء وفاقدى الدعم والسند، عندما ظلت فى إنتظار بالمشفى الخاص حتى تكتمل الملايين رسوم تأمين دخولها العناية المكثفة، وخلال هذا وذاك بين مستشفيات أربع كان النزف الثانى الذى زاد من تعقيد الحالة بفضل تأخر التدخل المطلوب والحركة و(الانتبلات)، قبل نقلها الى مشفا خامس. قتلتم سيدى الرئيس فاطمة خالد المطبعجى التشكيلية مرآة الجمال فى قمة عطائها تنبض أملا ووعدا وتمنى لم يكتمل .. ماتت فاطمة السمحة فى زمان النصر والغلبة فيه للغيلان حيث لا وجود لأمير منقذ ... قتلتها وزبانيتك بفضل سياساتكم الرعناء، أقولها بملئ فاهى لعلى اثلج جزءا يسيرا من لظى نار تحرق جوفى وبعد خمسة أشهر من الرحيل عز على قلمى ونفسى أن نقول: فاطمة قد رحلت دون عودة. عذرا سادتى الشرفاء والعارفين من الأطباء فقد طغى الغث على الطيب .. عذرا واسفا ثم اسفا فاطمة وانت من خطت أناملها جمالا ظل حاضرا فى وجدان الكثيرين بفن رسالى نبيل مدافعة عن حقوق الضعفاء لتنتهى مسيرة حياتك القصيرة بملهاة للوحة تراجيدية بدمك رسمها هواة مستهترين... لك الله فاطمة يوم لا عدل إلا عدله. وفى مأتم فاطمة تداعت عشرات الحكايا والقصص لذات الأبطال فيما إختلف الضحايا.. فى حال حق لنا أن نعلن فيه (نعى أليم لقطاعات الطب والصحة والتعليم فى بلادى). وحسبنا الله ونعم الوكيل.