الناطق الرسمي للحكومة: قضية الأمة السودانية ضد دولة الإمارات لن تتوقف عند محطة المحكمة الدولية    ما هي "الخطة المستحيلة" لإيقاف لامين يامال؟ مدرب إنتر يوضح    ((منتظرين شنو أقطعوا العلاقات واطردوا سفيرهم؟؟))    تركيا تعلن استنكارها استهداف المرافق الحيوية ببورتسودان وكسلا بمسيرات المليشيا المتمردة    كيف سيواجه السودان حرب الصواريخ والمسيّرات؟!    494357480_1428280008483700_2041321410375323382_n    شاهد بالفيديو.. عريس سوداني يغمر المطربة مروة الدولية بأموال النقطة بالعملة المصرية وساخرون: (الفنانة ما بتغني بمزاج إلا تشوف النقطة)    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية الجمهور.. خبيرة تجميل سودانية تكرم صاحبة المركز الأول في امتحانات الشهادة بجلسة "مكياج"    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: معلومات خطيرة    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ((آسيا تتكلم سعودي))    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعمات مالك : مايحدث الآن لا يمكن أن نسميه انقطاع، وهبة سبتمبر إحدى أوجه هذا الرفض..
نشر في الراكوبة يوم 08 - 04 - 2015

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي والمكتب السياسي الأستاذة نعمات مالك على شرف انتفاضة ابريل:
* الأحزاب لم تكن غائبة بل كانت ضعيفة.. وهذه أخطاء أرتكبتها الأحزاب والنقابات..
* الإنتفاضة أُجهضت.. لتتم سرقتها بعد ذلك.. وهؤلاء سرقوا الإنتفاضة..
* النضال مستمر.. والمراهنة على الشعب السوداني قائمة..
* موضوع الدين والدولة لو ما حسم ستظل البلاد في مشكلة كبيرة جدًا..
* مايحدث الآن لا يمكن أن نسميه انقطاع، وهبة سبتمبر إحدى أوجه هذا الرفض..
حوار: ماجد القوني – نضال عثمان
من أوائل اللذين احتضنتهم سجون النظام المايوي، وجودها في الحزب الشيوعي السوداني، ونقابة المهن الصحية، والإتحاد النسائي السوداني، جعلها تحت أضواء جهاز أمن الدولة في ذلك الوقت.. شاركت وأخريات في تشكيل ما حدث..
الأستاذة نعمات أحمد مالك من مواليد 1939م.. وحينما كانت التحضيرات تجري لإنطلاقة ثورة أكتوبر إنضمت للحزب في العام1964م.. هي الآن عضوة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، وعضوة بالمكتب السياسي ومسؤولة مكتب العمل النسوي. والدتها فاطمة بابكر بدري، درست في الكُتاب ومدارس حكومية والراهبات، درست الوسطى والثانوي في الأحفاد، وكانت ضمن أخريات أول دفعة في مدرسة رائد تعليم البنات بابكر بدري، اختارت دراسة التمريض بسبب وفاة أختها الكبرى نتيجة لخطأ تمريض، تعرضت للفصل بسبب نشاطها السياسي عدة مرات من القطاعين العام والخاص.. تعرضت في فترة النميري ل(13) اعتقالاً، وسجنت (4) مرات.. تثق في الشعب السوداني وقدرته على التغيير، وتؤمن بأن الوطن سيكون بخير بشبابه المتوثب الناضج.. وأن المرأة السودانية لن تعود مرة أخرى لعصر الحريم..
* ماذا حدث في العام 1985م..؟
- من المهم جداً الحديث عن انتفاضة مارس ابريل للشعب السوداني وخاصة الأجيال التي تم تغييبها في ظل الإنقاذ والمؤتمر الوطني.. عقب انقلاب 30 يونيو، حيث تم تغييب الناس تمامًا عما حدث في مارس أبريل، وكأنما أرادت الإنقاذ أن يبدأ التاريخ في 30 يونيو 1989م، لذلك من المهم جداً الحديث عنها.. وكل سنة والشعب السوداني بخير.. "وأبريل بجي بالتأكيد". .
* كيف يمكن وصف الجو العام في ذلك الوقت..؟
- الجو العام كان معبئاً خاصًة بعد قوانين سبتمبر ( التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير) . واستطاعت النقابات بنضالها المستمر والمستميت أن تسترد قانونيتها وشرعيتها والتي تتيح لها الفرصة لعمل نقابات حقيقية تستند الي جماهير الوزارة أو المؤسسة أوالإتحادات الطلابية. الأحزاب السياسية كانت مواكبة وكانت النقابات تضم جزء من الأحزاب السياسية والمستقلين، ويجب القول أن النقابات والإتحادات الطلابية لعبت دورًا مهمًا ،أهمها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وبعض الإتحادات الأخرى كإتحاد جامعة امدرمان الأهلية أما اتحاد جامعة امدرمان الإسلامية جاء متأخرًا لكنه أيضًا شارك، الطلاب كانوا وقود الإنتفاضة. الظروف الاقتصادية مهدت لخروج الانتفاضة، ومن الشعب لأنه يحس بالألم والجوع والفقر أكثر من الفئات الأخرى لأنه (ممغوس). لذلك بدأت الإضرابات والإحتجاجات الشعبية في منطقة السوق العربي وعندها اطلق على هذه الحركة الإحتجاجية (الشماسة ) وهذا المسمى ظهر في تلك الفترة، وبدأ القاء القبض عليهم ولم تكن الجهات الأمنية حينها على دراية أن هناك تنسيق سري بين الحركات الإحتجاجية والنقابات والإتحادات الطلابية والأحزاب السياسية .
* سلاح الإضراب السياسي العام والعصيان المدني، معاول هدمت أنظمة دكتاتورية.. هل يمكن استخدام ذات الوسائل لإحداث تغيير ما؟
- سلاح الإضراب يمكن استخدامه، والنقابات يمكن أن تُسترد، والنضال مستمر والمراهنة على الشعب السوداني قائمة.. لو عدنا لأكتوبر الناس ابتدعو الإضراب السياسي والقضاة كانو مشاركين فيه ومنهم - رحمه الله - عبد المجيد إمام كان قائداً للموكب وتقدم للضابط الذي كان ينوي اطلاق الرصاص قائلاً "أنا قاضي وآمرك أن لاتطلق الرصاص" . و في أكتوبر أُجبر الجيش للإنحياز للشعب. في مارس أبريل، سقط النظام وبقي الشعب السوداني. والعصيان المدني له اشكاله المختلفة والمتعددة أبسطها؛الناس تقفل بيوتها عليها والحياة تقيف،ويمكن نستخدم العصيان المدني ويمكن ابتداع وخلق آليات وأساليب مختلفة وجديدة.. الشعب السوداني خلاق..
* مقاطعة.. الشعب السوداني أصبح مهموماً برزقه.. وتهزمه الإجابة على تساؤل: ماذا ستأكل إذا أضعت يومك في الثورة؟
- هو حتى لو طلع حياكل شنو أو يشربو شنو؟ مع الغلاء الحاصل حاليًا.. غير التعب والزهج.الأوضاع حاليًا فيها الكثير من المتغيرات (الغلاء النهب والسرقة كثيرة والفساد)، والإنقاذ ابتدعت أشياء جديدة والأمور توسعت وأخذت طابع التستر بالدين واستخدم ( الإسلامويين) الدين كدروع لهم. لكن بمقارنة الأوضاع سابقًا والآن،نعم يمكن استخدام الأسلحة والأدوات التي استخدمت وابتداع أخرى بديلة.
ووصل الناس لقصة الإضراب السياسي خاصة بعد استرداد النقابات لشرعيتها وعضويتها.. ووجهت النقابات والأحزاب لتحشد جماهيرها.. وتستمر الإنتفاضة الشعبية بأشكالها المختلفة (شعارات ملصقات كتابة في الحيط).. نعم يمكن إستخدام الأسلحة التي استخدمت مع ابتداع اسلحة أخرى وارد استعمالها..
* تمكن الشعب السوداني من الإطاحة بنظامين دكتاتوريين في أكتوبر 1964 ثم في مارس/ أبريل 1985، أي بعد 21 سنة.. لماذا الإنقطاع الذي يحدث الآن؟
- ما يحدث الآن لا يمكن أن نسميه انقطاع، لأن هنالك بوادر رفض تبدو هنا وهناك، وهبة سبتمبر إحدى أوجه هذا الرفض وقبلها من الأحداث في الخرطوم وفي الولايات، وهذا الرفض نجده حتى على مستوى المعسكرات في أطراف الخرطوم، نعم هم لا يحملون السلاح، لكن تحمل دواخلهم كثيراً من السخط الناتج عن احساسهم بالظلم.. لذا تقوم بعض الهبات هنا وهناك، وفي هذه الأيام احتجاجات بشأن الأراضي وانعدام الخدمات في الأحياء السكنية والغلاء. في السابق لم يكن هنالك من يتحدث عن الغلاء وتجاوزات الحكومة، الآن لا قضية يتحدث عنها الناس في الطرقات أو في المركبات العامة سوى تجاوزات النظام. لم يحدث انقطاع لكن تخبو الإحتجاجات لتعود من جديد، بأشكال متعددة جميعها تصب في اتجاه إسقاط النظام.. والشعب السوداني لديه عزة وكرامة ويرفض الظلم.. والتغيير سيأتي حتى وإن طال الوقت.
* من الذي سرق الإنتفاضة؟
- فعلاً الانتفاضة أُجهضت وسُرقت.. المجلس العسكري والإسلامويون هم من سرق الإنتفاضة، من خلال تآمرهم مع آخرين من النقابات وأحزاب سياسية، والخطأ الذي ارتكبناه كقوى إنتفاضة هو قبولنا بوجود مجلس عسكري من الأساس، لأنه ليس من المنطقي أن نثور على نظام عسكري لنأتي بعسكري آخر. سيظل العسكري هو ذاته ولن يتغيّر، الخطأ الثاني قبولنا بقرار المجلس العسكري برفع الإضراب، كان يجب أن يصّر الشعب على الإضراب السياسي والمظاهرات في الشوارع، حتى يتم تنفيذ ما جاء في الميثاق الذي تم التوقيع عليه.. ليكتمل إجهاض الانتفاضة لتتم سرقتها فيما بعد.
وأتذكر الإجتماع بدار المهندس الذي كان من المفترض أن يتم فيه تقديم مجلس الوزراء، وتم الاتفاق بأن كل من يكون في لجنة نقابة لن يدخل الوزارة، حتى لا يقول الناس أن النقابات قامت بهذه الأحداث لمصلحتها للحصول على المقاعد، وأن يتم اجتماع للتجمع الوطني الديمقراطي الذي يجمع الأحزاب والنقابات لأختيار ممثليها في الحكومة، وأتفق الجميع على أن تأتي حكومة (تكنوقراط) –كفاءات- وأستمر الاجتماع لساعات طويلة حيث كان يتم استعراض الأسماء والحضور يؤيدون أو يرفضون، وكان الاختيار يتم بصورة ديمقراطية، أثناء الاجتماع وصلتنا رسالة من المجلس العسكري، مفادها أننا إذا لم نحسم أمر الحكومة قبل الفجر، سيقوم بتشكيلها المجلس العسكري، ومن هنا بدأت سرقة الإنتفاضة، وبناءاً على الرسالة تمت (كلفتت) الموضوع، مما أدى لخروج نقابيين من الإجتماع، وهو خطأ كبير وقعت فيه النقابات، وأعتقد أن من ينادي بالتغيير يجب أن لا (يحّرد) وأن يستمر حتى يكتمل التغيير.. خروجهم مثلّ ضربة كبيرة لنا لتتم (الكلفتة) بعد ذلك.. وكل ما حدث بعد ذلك كان مؤشراً لما سيحدث من سرقة.
* الفترة الإنتقالية هل كانت كافية للخروج من تجربة الحكم المايوي؟
- الفترة الإنتقالية كانت صغيرة جداً، ولو كانت أطول قليلاً كنا استفدنا من الجذوة التي كانت مشتعلة في النقابات ، ثم أتت الانتخابات وتعلمنا منها، ليدب الخلاف بعد ذلك بين حزبي الأمة والإتحادي، وتكونت مجموعة من الحكومات، ولم نستفد من المكاسب التي جاء بها الشعب السوداني، وانتهينا بإنقلاب 30 يونيو..
* كيف استطاع السودانيون تجاوز خلافاتهم الفكرية والأيديولوجية في ذلك الوقت؟
- كان الناس يداً واحدة رغم اختلافهم السياسي.. وكانو في النهاية يصلون لنتائج موحدة ورأي موحد بعد النقاشات المطولة رغم هذا الإختلاف. اعتقد أنها كانت فرصة سعيدة وكنت محظوظة جدًا أن الظروف أتت بي في التجمع الوطني الديمقراطي،لأنك تشعر بأنك تعلمت كثيرًا من القيم ( الإنتماء للوطن ، الوطنية،الإستماع للرأي الآخر واحترامه والإقتناع به إذا كان صوابًا حتى لو اختلفت معه). وكل الأحزاب السياسية كانت رؤيتها واضحة حول قوانين سبتمبر، وأنها لا تساوي الحبر الذ كُتبت به..
- بعد أن قررالناس الإضراب السياسي وكتب الخطاب الذي سيقرأ في الموكب، بدأ النقاش لتحديد من الذي سيقرأه وأخذ هذا(وقتًا طويلاً) وذلك لتعدد الجهات واختلاف توجهاتها في اليمين وفي اليسار وفي الوسط.. ولذلك كان يجب أن تتفق كلها على الحد الأدنى لشخصية متفق عليها وأخيرًا وقع الإختيار على المحامي عمر عبد العاطي (وكنت أنا في السجن حينها لكن سردت لنا لاحقًا في تقرير تفاصيل ما حدث).
* يرى البعض أن غياب القوى السياسية، كان له علاقة بالبطش الذي مارسه النميري خاصة اليسارية منها؟
- هو ليس غياباً بل ضعفاً في المعارضة، ولم تكن بمستوى تطلعات الشعب السوداني، العمل السياسي يحتاج لوقت وجهد ومال، النميري بدأ بالفصل وتشريد العمال لكن بشكل أقل سوءًا مما يحدث الآن، وجود الناس داخل البلد في ذلك الوقت منحهم الفرصة للعمل في النقابات وتقويتها، النقابيون والشباب المفترض أن يقوموا بهذه المهمة أكثرهم خارج البلد مقاطعًا الأحزاب لم تكن غائبة، ولم تأت بعد أن تحركت النقابات، هذا الحديث غير صحيح.. طبعًا أن الدور الأكبر والأعظم كان للنقابات، لكن الإجتماعات كانت مشتركة بين الأحزاب والنقابات والشخصيات المستقلة الوطنية ..
* كيف يمكن وصف مشاركة المرأة وتفاعلها مع ما حدث..؟
- دائماً موازين النجاح والفشل نقطة الإرتكاز فيها هي المرأة، حتى الانتخابات الفوز فيها يرتبط بالمرأة، لذلك يركز المؤتمر الوطني على النساء، مشاركة المرأة السودانية في أكتوبر وانتفاضة مارس كانت كبيرة جداً وبعضوية متميزة وشجاعة.. المرأة السودانية خطت خطوات متقدمة ولا يمكن أن ترجع للوراء مهما حدث ولن ترجع لعصر الحريم.. المرأة السودانية امتلكت وعياً متقدمًا على مستوى الحقوق والمواطنة والمشاركة الفعالة على مستوى حل القضايا.. مشاركة المرأة في الإنتفاضة كانت من خلال وجودها في الأحزاب والاتحاد النسائي..
* تجربة السجن كيف يمكن وصفها..؟
- القي القبض علينا ونحن في طريقنا لإجتماع في جامعة الخرطوم.. وكنا من اوائل الذين تم اعتقالهم ( اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وأنا، نقابة المهن الصحية (منهم عبد الله موسى من الأشعة وصلاح من المعامل) وكان الأمن يردد بأنهم القو القبض على خلية شيوعية خطيرة.. وبعد فترة من اعتقالنا بدأنا نسمع أصوات المعتقلين الآخرين عوض الكريم محمد أحمد، د. الجزولي وغيرهم ، حيث كنت بحكم عملنا سويًا واحتكاكنا أستطيع التعرف عليهم من أصواتهم.. وبعد أيام من أعتقالنا تم ترحيلنا للسجن.. وأيام نميري كان الإعتقال السياسي للنساء غير وارد لذلك كان يرحلون لسجن النساء أمدرمان.. وتم وضعنا مع السجينات الأخريات بمختلف جرائمهم وخلقنا علاقة جيدة مع المسجونات.. وكنت في السجن ومعي الشابة سكرتيرة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وقتها ناهد جبر الله وأختها آمال ( جابوها من مدني ) وكانت تجربة السجن جديدة بالنسبة لهما. من داخل السجن أكتشفت أن الهادئات والمهذبات هن القاتلات وخاصة قاتلات أزواجهن دفاعًا عن النفس.. ونحن في السجن كنا بنسمع المظاهرات داوية والهتافات حول قوانين سبتمبر باعتبارها من أسخن القضايا حينها ومنعطفاً سيئاً مرت به البلاد. لأنه لا يمكن أن يوضع نظام حكم أو دستور على أساس ديني أي كان نوع هذا الدين، في بلد متعدد الأديان والعادات والممارسات مثل السودان، لذلك موضوع الدين والدولة إذا لم يحسم ستظل البلاد في مشكلة كبيرة جدًا. "الدين لله والوطن للجميع "ربينا على هذا العبارة وليس هناك من هو مفوض نيابة عن الله في الأرض.. والحساب عند الله.
* ما الذي عجّل برحيل نظام النميري؟
- عجّل برحيله الظلم والقهر الذي مارسه على الشعب السوداني، والدكتاتورية وقوانين سبتمبر.
* هل نجحت القوى السياسية في تحقيق شعارات ما بعد الانتفاضة وتصفية آثار مايو.. وعلى رأسها قوانين سبتمبر والمؤسسات المايوية..
- لم تنجح.. وبالرغم من أن إلغاء قوانين سبتمبر كانت قضية أساسية إلا أنه لم يتم الغاؤها، آثار مايو من شدة مايو ما صفوها حتى الآن قاعدين في السلطة وأبو القاسم محمد إبراهيم قاعد في البرلمان، مؤسسات مايو لم يتم تصفيتها حتى الآن.. لم نكن جادين في تنفيذ مواثيق الانتفاضة..
* ماهو تقييمك لإنتفاضة مارس/ أبريل..؟
- هناك كثير من الحديث حول أبريل.. هل هي ثورة أم انتفاضة؟. هي انتفاضة للشعب على نواة صغيرة تمثل الحكومة وفي شخص نميري، تقييمي لها أنها كانت تفكير جميل وضربة معلم لإسقاط نظام فاشي ودكتاتوري، استطاعت فئآت الشعب السوداني بكل أشكالها أن تبتدع أدوات نضال أدهشت بها العالم.. وحتى الآن أنا مؤمنة بأن الشعب السوداني يمتلك القدرة على التغيير.. لكن يجب الإستفادة من الأخطاء التي حدثت إذا كانت في أكتوبر أو الإنتفاضة. ينقصنا تقييم التجربة ومناقشتها. وهذا لم يحدث ليؤسس بعد ذلك لقيام انقلاب الإنقاذ، لكن الوقت لم يفت بعد يجب الجلوس لتقييم الانتفاضة على كافة مستوياتها.
* ماهي الهموم التي تحملها الأستاذة نعمات؟
- أحمل هم هذا الشباب ومهتمة لأمره كثيراً. تدريب الشباب الآن مفقود و(الجيل الحالي) حين أتى لم يجد الديمقراطية بأشكالها المختلفة؛ في السابق أي حي نجد فيه النادي الإجتماعي الثقافي يحتوي على الأدب، الكورة ، السياسة ، المجلات، أو حتى الملاقاة الإجتماعية.ورغم ذلك أنا مبسوطة جداً وسعيدة ومطمئنة لأن البلد في أيدي أمينة بشبابها الشايفاهو ده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.