ضربت منظمة أوبك عرض الحائط جميع التكهنات والنداءات لمعالجة الانهيار الكبير في أسعار النفط العالمية. ويقول محللون إن القرار يأتي ربما بسبب قلة الاستجابة لبعض التسريبات التي أشارت إلى أن كبار منتجي أوبك مستعدون لخفض الإنتاج في إطار اتفاق واسع مع كبار المنتجين من خارج المنظمة. العرب فيينا - قرر وزراء الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) أمس زيادة سقف إنتاجها الذي لم يتغير منذ سنوات، بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا ليصبح عند 31.5 مليون. ويأتي القرار بمثابة إقرار عملي بواقع الإنتاج الفعلي، الذي يعادل تقريبا مستوى السقف الجديد، رغم أن الدول الأعضاء لم تلتزم بأي سقف للإنتاج منذ سنوات سنوات طويلة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان السقف الجديد يشمل إندونيسيا العائدة إلى عضوية المنظمة. ويبدو أن كبار منتجي أوبك نفضوا أيديهم من أي احتمال لاتخاذ إجراءات لإعادة التوازن إلى الأسواق ودعم الأسعار بعد أن أطلقوا تسريبات بأنهم مستعدون لخفض الإنتاج إذا ساهم كبار المنتجين من خارج المنظمة في إجراء مماثل. وقد أكد ذلك وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي أمس أن أوبك مستعدة للتعاون مع الدول غير الأعضاء وأنها ترحب بمثل تلك المناقشات، لكنه أضاف أن سوق النفط هي التي ستحدد متى تتوازن. وأضاف الوزير قبيل اجتماع المنظمة في فيينا أن استدامة المعروض النفطي مبعث قلق أكبر من المخاوف بشأن الأسعار. سهيل المزروعي: أوبك مستعدة للتعاون والتنسيق مع الدول غير الأعضاء في المنظمة وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي إن الطلب العالمي المتنامي قادر على استيعاب القفزة المتوقعة في الإنتاج الإيراني العام القادم. وأكد وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي إن بلاده سترفع الإنتاج بدرجة أكبر في العام القادم بعد أن زادته بقوة في العام الحالي. وأضاف أن من حق إيران زيادة الإنتاج بعد رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها. وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه إن طهران لن تكون مستعدة لمناقشة حصص أوبك أو أي إجراء آخر إلا بعد أن ترفع إنتاجها إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات. وتبددت محاولات فنزويلا الأكثر حماسا لخفض الإنتاج، كما كان متوقعا، بعد أن تقدم وزير النفط إيولوخيو ديل بينو باقتراح يدعو إلى خفض إنتاج نفط أوبك بنسبة 5 بالمئة. ويرى الخبراء أن دول الخليج حريصة اليوم أكثر من أي وقت مضى على الاحتفاظ بحصصها في السوق، ولن تقبل بخفض إنتاجها ما لم يتعهد المنتجون خارج أوبك بالسير في هذا الطريق أيضا. لكن لا موسكو ولا إيران تبدو مستعدة لتسوية من هذا النوع لأنهما تعتبران أن تراجع الأسواق سببه بشكل رئيسي فائض إنتاج أوبك، التي لا تحترم السقف الذي حددته. وقال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك "قلنا مرات عدة إننا لا نعتبر أنه من المناسب خفض حجم إنتاجنا لأن الظروف لم تعد نفسها بالنسبة لنا، الظروف المناخية وظروف الإنتاج". وقال فاجيت الكبيروف الرئيس التنفيذي لشركة لوك أويل النفطية الروسية، إنه يوجد احتمال ضئيل للغاية بأن تخفض روسيا إنتاجها من النفط. لكنه أضاف أن عوامل جيولوجية وتكنولوجية تجعل من المتعذر على روسيا أن تخفض الانتاج على الرغم من دعوات متكررة من منظمة اوبك للانضمام اليها في تحرك منسق لرفع اسعار النفط. وقال الكبيروف في فيينا حيث يجتمع مع مسؤولين نفطيين عراقيين في محادثات بشان مشاريع مشتركة "حاولنا مرارا دراسة خفض الإنتاج. لكن ببساطة لا يمكننا تنفيذه". ونفى وجود حرب أسعار بين روسيا والسعودية في أسواق الخام في أوروبا. وقال فؤاد رزاق زاده المحلل في مجموعة غين كابيتال تريدينغ، إنه من الصعب التفكير في سبب لتخلي السعودية وأعضاء مهمين آخرين عن حصص في السوق بذلوا جهودا شاقة للإبقاء عليها العام الماضي". ويبدو من المرجح أن تستمر سياسة أوبك الحالية بعدم تقييد الإنتاج لفترة طويلة، إلا إذا أعلن كبار المنتجين من خارج المنظمة استعداهم لخفض إنتاجهم، وهو ما لا يزال بعيدا حتى الآن في ظل المواقف المعلنة. وقد يساعد رفع سقف الإنتاج الرسمي ليكون قريبا من الإنتاج الفعلي على سد الفجوة في وجهات النظر بين أوبك والمنتجين من خارجها، لبدء نقاش جاد لتنسيق المواقف. وكان آخر تعاون بين الطرفين قبل حوالي 15 عاما من أجل خفض الإنتاج ورفع الأسعار إثر الأزمة المالية لعام 1998.