وزير الخارجية يكتب: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان ..تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟    العطا يتفقد القوات المرابطة بالمواقع الأمامية في الفاو والمناقل – شاهد الصور والفيديو    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    حفظ ماء وجه غير مكتمل    خبراء: الهجوم الإيراني نتاج ل«تفاهمات أمريكية».. وجاء مغايرًا لاستراتيجية «طهران»    الجمارك السعودية: دخول الأدوية مرهون بوصفة طبية مختومة    حزب المؤتمر الوطني المحلول: ندعو الشعب السوداني لمزيد من التماسك والوحدة والاصطفاف خلف القوات المسلحة    ضمن معايدة عيد الفطر المبارك مدير شرطة ولاية كسلا يلتقي الوالي    محمد وداعة يكتب: الاخ حسبو ..!    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد فتح الله يلهب حفل في القاهرة بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) وساخرون: (يا جماعة كفاية لحدي هنا لأنو براؤون دي بتحمي القحاتة النوم)    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    تجاوز مع أحد السياح.. إنهاء خدمة أمين شرطة لارتكابه تجاوزات في عمله    تركيا تنقذ ركاب «تلفريك» علقوا 23 ساعة    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    بايدن بعد الهجوم الإيراني: أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل.. وساعدنا في إسقاط جميع الطائرات المسيرة    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    «العازفون الأربعة» في «سيمفونية ليفركوزن»    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    سان جيرمان يخسر على أرضه من برشلونة في دوري الأبطال    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    "طفرة مواليد".. نساء يبلغن عن "حمل غير متوقع" بعد تناول دواء شهير لإنقاص الوزن    حمادة هلال : مكنتش عارف تفاصيل مقلب رامز جلال    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالكريم الكابلي : عملي الجديد (جراح المسيح) ستثير ضجة؛ ولكني مطمئن لأنها من أجل التعايش الديني
نشر في الراكوبة يوم 15 - 07 - 2016

* * في مكتبة الكونغرس الأمريكية ، قلت (شاكر للخالق العظيم أن جعلني فناناً ولم يجعلني سياسياً) صفقوا جميعاً وانبسطوا.
لا أحب السياسة.. وعبرت عنها في أغنية ( ليس في الأمر عجب)
(قلية بن) عمل جديد كلماتي وألحاني ويغنيها أدروب.. هذا دين عليّ للشرق وقضيته.
كل من يريد أن يغني للكابلي له مطلق الحرية .. وأنا مبسوط من أداء الشباب لأغنياتي.
شعر المرامي والأهداف مرتبط بالحرية والتطور
في ليلة فن غنائية للجالية السودانية بواشنطن الكبرى في (فرجينيا) يطل على الحضور السوداني الأنيق بكامل صحته ووقاره الفنان الكبير، الأستاذ المثقف صاحب الفكر والرؤية عبد الكريم الكابلي، محاوراً الفنان الشاب البجاوي محمد أدروب؛ في تجربته الفنية .. الفنان أدروب حظي بتقديم عمل جديد من أعمال الكابلي أغنية(قلية بن).. الكابلي الإنسان والفنان قطعاً فرض على الجميع احترام فنه وفكره .. حتى الساسة في أقوى وأعظم دولة، أمريكا، ينظرون إليه نظرة المفتون بثقافته وأفكاره التي تدعو للسلام والتسامح والتعايش الديني وهو يطرح كتاباته وأغنياته في مكتبة الكنغريس .. ساقته الأقدار للعيش في بلاد العم سام .. قدم بأتقان نموذجاً إنسانياً تتشرف به كل الإنسانية، أراد لفنه في الكتابة أن ينظر إلى الأفق و(يرتاد الثريا) فألف كتابه باللغة الانجليزية (أنغام لا ألغام)، متحدثاً عن صورة العالم قبل القرن العشرين، وأحداث الألفية الثالثة.. حلق بفنه في كل العوالم والأديان، ورسم بعمله الجديد (جراح المسيح) للشاعر عزيز التوم منصور، لوحة للتعايش بين المسجد والكنيسة في(كورال) تلاقى فيه المسلمون والمسحيون.. الكابلي كما قال لي: إنه يتوقع أن تثير(جراح المسيح) ضجة، ولكنه مطمئن لأنه يدعو للتعايش الديني.. الكابلي تشكيلة نادرة لإنسان عميق الفكر، مرهف بشاعريته، عز عليه انقسام وطنه وهو الذي تغنى ووثق للجنوب الجريح بحروبه.. وانشطار الوطن من دوافع هجرته، لم يحتمل الجروح النازفة من الحروب، فاختار الهجرة التي زادته قدرة على العطاء وصنع التلاقي مع الفنان الشاب أدروب. على هامش هذه الليلة التي نظمها الفنان التشكيلي الشافعي دفع الله .. التقيت بالكابلي دقائق معدودة فماذا قال من واشنطن الكبرى:
أجرته بواشنطن: فاطمة غزالي
الأستاذ الكبير عبد الكريم الكابلي طوال فترة وجودك في أمريكا هل نجحت في إخراج أعمال فنية جديدة لتسعد جمهورك ؟
سألتني هل في جديد؟
"نعم .. القديم جديد والجديد قديم ويلتقوا الاثنين .
عندما جئت إلى هنا ربنا وفقني وعملت عملين واحد أعتقد أنه سيثير ضجة كبيرة وبالفعل بدأت؛ ولكن أنا مطمئن وهو (جراح المسيح).
كنت في الخرطوم، وفي عيادة إحدى بناتنا الطبيبات الممتازات طبيبة العيون أعطتني ورقة مطبوعة فيها عنوان (جراح المسيح) وتحت مكتوب(شعر) عزيز التوم منصور ..قلت لها انتي عندك صلة بعزيز التوم، وهي عرفت الصلة بيني وعزيز التوم، قالت لي: نعم عزير التوم خالي، وهذا الشعر مفروض يكون عندك، أخدت الشعر، وعندما جئت هنا وضعت اللحن، وهي قصيدة استغفارية كتبها وهو على فراش الموت مع واحد من أبنائه في دولة لإمارات، وبعدها انتقل إلى الدار الآخرة، وصلتي بعزيز منصور؛ هو شاعر فذ بكل المقاييس ومفخرة، غنيت له (فلسطين)
بدمي سأكتب فوق أرضك يافسطين اسمي
وأموت يا يافا شهد الوعد واسمك في فمي
إلى آخره
قال لي أحد المناضلين الفلسطينين هذا أعظم ما قدم للقضية الفلسطينية، ما في نشيد مثله.
وضعت اللحن ل(جراح المسيحي) التي يقول فيها
يا جراح المسيح هل عرف الناس جراحاً كما عرفت الجراحا؟
ياجراح المسيح هل عرف الناس سماحا كما عرفت السماحا؟
واستمر إلى
يا دماء المسيح سلتي دموعاً حانيات
تخاطب الأرواحا
قطرات الدم الزكية إن كنت قليلا
قد خضبن البطاحا
وخضبن المساء حتى اذا ما جازه ليله خضبن الصباحا
يا يسوع المسيح أثقلني الذنب وصارت بي الخطايا وشاحا
فأعني على الخلاص فإني لا أرى لي غير رضاك سلاحا
هو كاتبها سلاح وأنا غيرتها وإلى صلاح؛ لأنه في حضرة السيد المسيح عليه السلام .
واتصلت هنا بمجموعة من إخواننا الأقباط وبينهم اختصاصي له صلة بمجموعة الكورس في الكنيسة، وقال لي نعم ممكن نجي رجال ونساء، وأنا فكرت وقلت طيب: أنا ما أطعمها بأبيات وبالفعل في الأربعة أبيات الأخيرة قلت أدخل جزء من المولد التي غنيتها للمجذوب وفيها:
ربي أرسلت يتيماً قام بالحق رحيما
قد ذكرناه فهل نذكر من أمسى عديما
الله .. الله.. الله
ويأتي صوت الأذان.. وهنا في الموسيقى التي نطلق عليها ( كانون) تتداخل الأصوات
يا يسوع (المسيح وياجراح) يأتي صوت (الله أكبر) وتأتي (أجراس المعبد) تتداخل الأصوات مع بعضها البعض وتنتهي على كدا، ويشارك فيها (كورال) يجمع مسيحيين ومسلمين. وأنا متأكد أن هذه ستثير ضجة وهذا الفضل لا يرجع لي أنا بقدر ما يرجع لمجموعة (wwf) وهي مجموعة رهيبة، وجمعية ضخمة بكل المقايس تلقيت منهم دعوة كريمة في 1978 للمشاركة في مهرجان منطقة اسيس شمال إيطاليا، دعوني بوصفي موسيقي ومغني وهذه المجموعة تهتم بثلاثة أشياء: التعايش بين الأديان، الحفاظ على البيئة والحياة البرية، والموسيقى. وأنا دعوني كما قلت كموسيقي، ذهبنا إلى منطقة اسيس سان فرانسيس، مشينا لتابوت تحت الأرض للكنسية القديمة في القرن التاسع عشر، وكتبت هذه القصة في كتابي بالإنجليزي، وقلت ( ونحن خارجون بعد منتصف الليل كل واحد في يده شمعة لا يطفئها الهواء، ومعي أربعة قساوسة وكل شخص ماشي وراء التاني وتتداخل ألوان الطيف الهنود الحمر من كندا وامريكا ومن لاتين أمريكا، هناك فرق موسيقية والراقصات وكل أنواع الموسيقى ووصلنا الاحتفال تقريباً بعد ساعة، وفي كنيسة ضخمة جداً بدأ الاحتفال مع مواعيد صلاة الصبح عند المسلمين، ودعوا مؤذناً من الأزهر الشريف .. ومن رأس الكنيسة المبنية من القرن الرابع عشر بدأ مع مواعيد صلاة الصبح صوت المؤذن ( الله أكبر بالميكروفون) وعندما ترجل ونزل بدأت أجراس الكنيسة .. حينها اقشعر بدني؛ كما ذكرت في الكتاب.. وقضينا ثلاثة أيام في الاحتفالات هذه الصورة الرائعة للتعايش الديني وأوحت لي فكرة تلحين جراح المسيح، وأدرك أنها ستثير ضجة؛ ولكن في سبيل التعايش بين الأديان خاصة هذه الأيام. وكتبت في كتابي "نحن باسم الأديان نتقاتل وكل الأديان تدعو للسلم والمحبة والتسامح". هذا هو العمل. الأول الذي أنجزته.
جراح المسيح العمل الأول لكابلي وهو في أرض المهجر حدثنا عن العمل الثاني؟
العمل الثاني يتحدث عنه ابننا الفنان أدروب، وأنا سعيد غاية السعادة أن يؤدي أدروب هذا العمل؛ لأنه دَيْن علىّ وقد قضيته، انا بحمد الله غنيت لمروي وكسلا وغنيت جبل مرة والقضارف، غنيت لكل السودان؛ ثم ذهبت إلى مصر وآسيا وأفريقيا. بالنسبة لشرق السودان أنا مولود في بورتسودان، وتمكنت من تأليف الكلمات والألحان، والتقيت بادروب، وهذه الحكاية شجعتني، وهو دور كبير، عندما التقيته سألته قلت له إنت من وين في الشرق قال لي من سنكات فبدأت الأغنية من سنكات، وسميتها (قَلْيَة بُن) لأن أهلنا هناك مافي شيء أهم من(قلية البن)
قلية بن تسافر في الحنين والشوق بجناح الأثير
عبر الجبال بي فوق تغشى أهلنا في سنكات جوار السوق
مشتاقين كتير بعد السلام يا شوق
مشتاقين كتير
شرح الكابلي .. طبعاً الواحد بيسلم بالأول بعدين بقول مشتاقين.
مشتاقين كتير بعد السلام يا شوق مشتاقين كتير
ومن السوق دون ما تاخدي من الميّ جرعة
يتحدث الكابلي عن تشابه استخدام المفردة السودانية بين الشرق والغرب ويقول : هناك في الشرق ما بنقول موية بنقول(ميْ) ومن الأشياء الغريبة في أقصى غرب السودان الناس برضو بقول للماء( ألمي) يعني زيادة ألف ولام.
يواصل الكابلي كلمات الأغنية ويقول:
ومن السوق دون ما تاخدي من المَيْ جرعة
سابقي الشوق وخلي الشوق يزيد في السرعة
أقريهو السلام بيت بالأدب كان مرعى
الفيهو اتولد شاعرنا بازرعة
ومشتاقين كتير
منه على الديار بالعلوم مزدانة
تزخر بالشباب بالمرأة فيها مكانة
اسألي عن هدية وقولي لها أمانة
والدك ود بدر بدرين بضوي سمانا
مشتاقين كتير
وهنا يعود الكابلي للشرح ويوضح من هي الهدية ويقول: هدية هنا اسم بنت ابوها محمد البدري وهو شهير ب(ابوي هدية) وهو وراء نهضة المرأة البجاوية وفتح المدارس، وبعدها نستمر من هنا لسواكن
من سنكات زوري العزيزة سواكن
واسألي عن بنات الحوار تاجها الماكن
وعن غضبة سليمان نحو جنده الماجن
وهدية النجاشي وكيف بقيتي سواجن
يقول الكابلي هذه القصيدة طويلة ويستمر في الشرح ويقول :
نحنا زمان في بورتسودان) أيام الدراسة نقول سواكن (ام تاجاً ماكن).
والأسطورة في غضبة سليمان بتقول إن النجاشي بعث هدية لسيدنا سليمان وهي عبارة عن سبع فتيات عذراوات وسلمهم لقسيس لكي يوصلهن للقدس وفي الطريق تعبن وكن قصاد سواكن فنزلن.
واستقبلوا القسيس في القيف، وأخدوا البنات إلى الجزيرة أخدوا مدة خمسة أسابيع تحسنت صحتهن وأخدهن لسيدنا سليمان، ورجع وبعدها اكتشف سيدنا سليمان أن الفتيات حوامل .. من الذي قام بهذه العملية؟ بعض الحضور يقولون: (القسيس) ضحك كابلي والحضور ثم قال الكابلي العمل الحكاية ديل هو الجان وطبعاً هذه من الأساطير . فغضب سيدنا سليمان من الجن وسجنه في سواكن لذا أقول لسواكن سواجن،
وكيف بقيتي سواجن.
روجي على الجزيرة وبين حطامها البالية
أسالي عن مغانيها وقصورها العالية
وعن زهرات خدودها
وعن كنوزها الغالية
و ضحكات العذارى
في الليالي الخالية
مشتاقين كتير بعد السلام ياشوق
ثم استحضري جمع الشيوخ في المدخل
وليالي الخميس من كل أسبوع محفل.
يشرح الكابلي كلمات الأغنية ويقول: كان أعمامي يقولون لي: قبل قيام بورتسودان المدخل عريض وتجتمع كل الشخصيات الكبيرة في سواكن، يأتي المأمور والطبيب والأساتذة وكان في سواكن مدرسة كتاب، ومدرسة وسطى، ويأتي الأساتذة من الأزهر الشريف ويدرسوا فيها، ولذا أقول:
استحضري جمع الشيوخ في المدخل
وليالي الخميس من كل أسبوع محفل
من أعلى الثريات بالضياء ما بتبخل
ضمنة وطاولة والضحكات مناسك منخل
في القيف تلقي ما مدأ مع الأرض متساوي
اقرى الفاتحة جَهْرًا فيها رحمة تدواي
كان سألوك عنه قولي بتتداوي
قُشي الدمعة شوف وكالة الشناوي
غرفها الكان تزيد في كل ليالي العام
تجمع من بعيد تجار هنود وشوام
والسلع التغازل يقظة الأحلام
صندل والحرير
سن فيل ورش نعام
ويقول الكابلي: ومنها نمشي بورتسودان
في بورتسودان وتزوير شيخ برقوت
أهديه البخور ال بالمسك مفتول
جيبي معاك زوارة للصغير البور
وسبحة لعمي عاصم من عضام الحوت
واللنش القديم ما تخافي منه أمان
سواقه الزعيم أوشيك قدير فنان
والأرضية عمداً بالقزاز تزدان
شان العين تشوف حدائق المرجان
أشجار من حجارة بديعة الألوان
اسماك تحاكي طيور على الأغصان
والأمواج زغاريد حفلة في بستان
تشاهد عظمة الرحمن
ويشرح الكابلي ويقول: من اللنش تحت تشوف أشجار المرجان
الأستاذ الكابلي، الجديد قليل في ساحة فن الغناء.. هل هناك أزمة شعر وشعراء.. أم نضب الشعر؟
ربما أزمة، ما يستدعي ما تتمنيه أنت.. انت تتمنين أن يكون هناك شعر له مرام وأهداف؛ لكن الشعر هو فن للتعبير عن الواقع وهذا يرتبط بالتطور .
الكابلي قدم الجديد ويقول: فن الغناء مرتبط بالحياة الاجتماعية، هل تأثرت بالواقع السياسي للإنقاذ ومحو الغناء السوداني من ذاكرة الإذاعة السودانية ؟
أنا لا أحب السياسة، عندما استضافوني في مكتبة الكنغريس الأمريكية، قلت لهم (شاكر للخالق العظيم أن جعلني فناناً ولم يجعلني سياسياً) صفقوا جميعاً وانبسطوا جداً بكلامي.. حقيقة أنا لا أحب السياسة .
ولكن قطعاً لك رأي في النظم السياسية وعلاقتها بتطور الفن؟
ما بالصورة السياسية.. أنا أميل للمخاطبة للواقع عن طريق الفن أغنيتي (ليس في الامر عجب) تجيب على سؤالك، حينما أقول:
ليس فى الأمر عجب
دوارة شمس الضحى على مهل.. فى خطوها المرصود يندس الأجل
لولاك يا محبوب ما كان الأمل .. حسن و حزن و اشتهاء لا يمل
من غاب عنها وهو راض فبطل .. من غاب عنها راضياً فهو البطل
عندما تسمع فى جنبيك صوتاً ..ينكر الظلم و عيش المستكين
عندما تأنس فى عينيك ومضاً.. يهتك الظلمة كالفجر المبين
عندما تحمل كل الناس حسناً .. يزحم الخافق بالحب اليقين
عندما تفلوه ليل القهر حزناً .. أخرس الدمعة موصول الأنين
لا تقل للصبر مهلاً .. إن طعم الصبر مر.. و انهل العزة نهلاً ..أنت إنسانٌ و حر
موطنى كم فى مناداتك يا معطاء من حلم النداء
موطنى يا خضرة الإخصاب للباذل و الخير الرداء
و النقوش الحمر أغراسٌ لأعراسٍ دماها الشهداء
و الجباه السمر للأحرار فى الدرب رموزٌ و اقتناء
ليس فى الأمر عجب.. إنه ما قد وجب فى جمادى أو رجب
كلما القهر سلب حق شعبى و اغتصب لهبٌ إثر لهب
غضبٌ تلو غضب فتوارى و انتحب ثم ولى و احتجب
و اذا الناس صحاب عائد بعد غياب
بينهم قد صفق البشْرُ شهياً مستطاب
طفلة تمسك، من خوف، أباها و الثياب
تنظر الصورة فى البرواز خطفاً ثم وجه أبيها فى ارتياب
ما رأت منه سوى الصورة وجها كان محظور الإياب
فاعذريني يا رباب .. إن تغنيت لغير المقلة السوداء و الحور الكعاب
سأغني للشباب .. ملهم التاريخ و التكريب من سفر الصعاب
سأغني للشباب .. للوعود المشرئبات إلى قلب السحاب
لزمان الحسن للسلم نضالاً للصحاب .. لدعاة الحق أفعالاً و أقوالاً عِذاب
فلنقلها .. فلنقلها بقلوب مؤمنات لا تهاب
لا لمن يوصد فى الظلماء للأحرار باب
لا لمن يُشهِر للحرية عذراء ناب
لا لمن ينثر بين الناس حقداً و احتراب
لا لا لا .. للتحسب لا لإذلال الرقاب
إن كان من بدٍ سوى شرقٍ و غربٍ و انتساب
عندنا الشرق منارٌ و بحارٌ و سهولٌ و هضاب
عندنا الغرب رجالٌ فى إهاب الأُسْد و الأُسْد غضاب
و الجنوب الصهر جياشٌ على ودِ و صدٍ و اصطخاب
عندنا ماليس بالميسور عند الناس وديانٌ و غاب
عندنا النيل جميلٌ فى وفاء الشمس والعهد رضاب
عندنا العرف كثيرٌ طيٍع النجدة موفور الإهاب
عندنا فى الجفنة تستبق الترحاب بالوافد تجتاز الصعاب
أولا يكفيك يا سودان فخراً و انتساب
للعمل إلى العمل لم يعد غير العمل
قد سئمناه صراخا و هتافاً ليس يجدي
قد مللنا كل من غير الذي يبطل و يفدي
قد كرهنا صولة الغافل إن الجهل يُردي
ليست الثورة تهليلاً و تطبيلاً لفرد
ليست الثورة تدعيماً وتكريساً لقلد
أو هتافاً أرزقياً وصلة السيف لكيد
إنما الثورة جهدٌ بعد جهدِ بعد جهد
إنما الثورة حبٌ وعطاءٌ و تحد
لقلاع الجهل للفقر وللداء الألد
لشرور النفس للحقد وجور المستبد
نحو تحقيق الأمل لم يعد غير العمل
حسنك الدافق يا أختاه فى الظلماء نور
قلبك الخافق بالتحنان عطرٌ و زهور
علمك النافع للأوطان بعثٌ و نشور
عرسك اليانع من سقياك ظل و جذور
علميه كيف يا أختاه للحق يثور
وانثرى فى دربهم حسن شعاراً و شعور
إنما فينا البطل لم يعد غير العمل ,, للعمل الى العمل
قسماً بما فى تربك الكريم من رفاة آباء كرام
قسماً بصرخة الشهيد تستخف بالرد تؤجج الضرام
قسما ببسمة الوليد تسترف كالندى تحاول الفطام
سنشرد الظلماء من عيوننا مشاعلاً تبدد الظلام
نبنيك يا سودان بالعطاء بالإخاء بالفنون بالسلام
عيوننا سلام ..قلوبنا سلام .. أرواحنا سلام .
الفن بين الديمقراطية والديكتاتورية ؟
من الأمور البديهية منذ بدأ الخليقة أن الناس يسعون للحرية .. جربوا الأنظمة المختلفة في الأنظمة الأحادية الديكتاتورية ووصلوا إلى أن الديمقراطية الحديثة هي أحسن شيء في الحكم بانتخاب الجماهير الكبيرة؛ ولكن لابد من توفر الوعي مع الديمقراطية ..لأن غياب الوعي يجعل الأغلبية تنتخب حزباً أحادياً ويرجعوا للدائرة المفرغة، هذه هي القضية.
هل هناك غياب تواصل بين جيلكم والجيل الحالي ؟
هنا التواصل ليس مجدي بالصورة التي تتخيلينها الآن، لأن الفن متصل بالمتغيرات التي تؤثر فيه لو افترضنا الآن وجود فن يدعو للحرية والجوانب الجميلة هذه، وهذا الفن اذا استمرت الحرية سينمو للتعبير عن الحرية واذا توقف يعني أن هناك خللاً.
اذاً لماذا نحاكم هذا الجيل مادام ليس هناك حرية لتقديم الجديد؟
لأنهم ضحية، وللأسف بعض الفنانين الكبار يتعلمون مع هذا بأنه عاجز
الفنانون الكبار قدموا والنتيجة كانت شنو؟.. النتيجة قدموا فناً جميلاً، ولكن أنت تتحدث عن ظروف ضد الفن، وكيف تحاكم جيلاً بظروف ما من صنعه؟
كلامك يقودني إلى نقطة، وهي أن نبدأ من مدرس الكتاب عشان الأغلبية من الجمهور يدركوا المهم والأهم ويُسقطوا ما يستحق السقوط. القضية ما بالبساطة وهذه قضية تتصل بالتعليم والوعي من المدرسة الأولية .
ماهو دور الفنانين الكبار والمصنفات الأدبية واتحاد الفنانين بالارتقاء بالجيل بالفن؟
ما قدمناه صالح لكل الأجيال ونرجع ل (ليس في الأمر عجب) نجدها صالحها لكل الأجيال وأنا أدعو فيها للعمل وأقول:
للعمل إلى العمل لم يعد غير العمل
قد سئمناه صراخا و هتافاً ليس يجدي
قد مللنا كل من غير الذى يبطل ويفدي
قد كرهنا صولة الغافل إن الجهل يُردي
ليست الثورة تهليلاً و تطبيلاً لفرد
ليست الثورة تدعيماً و تكريساً لقلد
أو هتافاً أرزقياً و صلة السيف لكيد
إنما الثورة جهدٌ بعد جهدِ بعد جهد
إنما الثورة حبٌ و عطاءٌ و تحد
لقلاع الجهل للفقر و للداء الألد
يواصل الكابلي حديثه ويقول: (ليس في الامر عجب ) خاطبت قضية المرأة:
حسنك الدافق يا أختاه فى الظلماء نور
قلبك الخافق بالتحنان عطرٌ و زهور
علمك النافع للأوطان بعثٌ و نشور
عرسك اليانع من سقياك ظل و جذور
علميه كيف يا أختاه للحق يثور
وانثرى فى دربهم حسن شعاراً و شعور
ويقول الكابلي: في هذه الأغنية خاطبت الجنوب
والجنوب الصهر جياشٌ على ودِ و صدٍ و اصطخاب
وللاسف انفصل الجنوب الذي بدأت به برنامجي (تراثيات) قدمته عنه (16) حلقة مع أهلنا في الجنوب.
أستاذ الكابلي .. هذا الجيل ليس لديه الجديد ماهو شعورك عندما يغني الشباب أغنيات الكابلي ؟
بكون مبسوط جداً جداً.
هل بتشعر أنهم خربوا أغانيك ؟
لا.. غنوا الأغاني بطريقة كويسة. هذا الجيل له طريقة أداء جيدة وأصوات جميلة؛ خاصة البنات .
يعني ماعندك مشكلة في أن يغني الشباب أغنياتك؟
أي شاب أو شابة ممكن تغني أغاني الكابلي؟
ماعندي مشكلة وكلهم بقول لهم غنوا .. لأن الفن رسالة والرسالة لازم تصل. وفي نفس سياق أسئلتك ما قدمناه صالح لليوم لأنه يحكي عن قيم ومبادئ وصالحة للأجيال القادمة.
من من الأصوات الجديدة التي لفتت انتباهك في برنامج "أغاني وأغاني"؟
لا أذكر الاسماء لكن بناتنا الجد؛د يبشرن بمستقبل واعد إن وجدن أعمالاً لها أهداف ومرام، وتؤثر على أخلاقيات الإنسان ودواخله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.