فان كان خبر خروجه من السودان ومغادرته دون مساءلة فهذا يعني أن السودان أصبح على مفترق طرق كدولة ذات سيادة... طريقة خروج (الفريق) طه الحسين من السلطة بل ومن مغادرة مطار الخرطوم متوجها لدولة خليجية تدل على تراخي قبضة البشير للسلطة في السودان وأظهرت على أن ظهر السلطة أصبح مكشوفا. فسلطة تراهن في بقائها على علاقتها الخارجية وتهرب من مشاكلها الداخلية الى الأمام حتما ستخسر في النهاية بسبب هذه المراهنات لأن عملية المداهنة والنفاق في العلاقات الدولية لا تدوم... فكيف لمدير مكتب مهمته تنظيم العمل اليومي للرئيس وتقديم الشاي والقهوة له مع نقل بعض أخبار القصر له ما يسمى ب: (الشمارات)، أن يتمدد بهذا الشكل وفي فترة وجيزة ليكون حديث الناس والمنتديات السياسية في السودان؟ فإذا لم يكن مذنبا فلماذا أُقيل من منصبه بهذه الطريقة؟ وإن كان مذنبا فلماذا سُمح له بمغادرة السودان قبل أن يحاكم؟ فهل خشي الرئيس إذا حوكم أن يُفشي أسراره، فلذا سمح له بمغادرة البلاد بهدوء؟ فمن يدري وهو الآن خارج السودان أن يفشي بكل أسرار الدولة وقد أصبح حراً طليقا؟ معالجة الأمور بهذا الاسلوب خطأ جسيم وسوف تظهر تبعاتها فيما بعد وما الفريق طه الحسين إلا ترس في دولاب السلطة التي تغوص في وحل الفساد... فالرئيس الآن في وضع لا يحسد عليه، فاذا كنت في مكانه لأغلقت ما يسمى بمكتب مدير الرئيس في القصر لأنه أصبح بمثابة (التعدين العشوائي) أو مكان لتسمين العجول، فالذي يأتي اليه يأتيه وهو يتكئ على عصاه من شدة الهزال والضعف وما أن يطأ بقدميه المكتب لا يقول بسم الله وإنما يقول يا الله (هُبّر هبر) ويدخل في طور اليرقة ليقضي على أخضر القصر ويابسه قبل أن يكتشف امره ... فقد أصبحت مكاتب رئاسة الجمهورية بمثابة البقرة الحلوب يفدون اليها ليغرفوا منها ما شاء أن يغرفوا... كان بإمكان الرئيس أن يعتقل مدير مكتبه ليسجل نقطة في صالحه وهو في أخريات خريفه ومثل هذا الإخراج السيئ لمن يسيئون الى سمعة السودان سيكون خصما عليهم... ولكني أشك في أن الرئيس يستطيع أن يحاكم من يفسدون من أهل السلطة في السودان لأنه غارق معهم لا محالة وسبب إعفاء مدير مكتبه ليس لفساده الشخصي واغتنائه من السمسرة في القصر، وإنما لحسابات خاصة به، تتعلق بالأزمة القائمة بمنطقة الخليج الآن. [email protected]