تستعين وزارة الصناعة والتجارة بخبير في مجال التعاونيات لتصل لمجتمع تعاوني ديمقراطي، ولتحقق شعارات الثورة والتغيير، وينخرط محمد الفاتح العتيبي مستشار وزارة التجارة منذ عام ونيف في ترتيب عمل التعاونيات، ويبدو سعيدا بكون منبر سياسي اقامه القطاع الاقتصادي بالتجمع الاتحادي "الجمعة " بداره بالخرطوم "حول علاقة الدولة بالتعاونيات" قد فتح نافذة لنقاش ما عده أمرا هاما مثل العمل التعاوني، وكونه ايضا ضمن اهتمامات الاحزاب السياسية، ورغم ان العتيبي قدم ندوة علمية حول ما يعتري طريق تكوين الجمعيات التعاونية، الا انه واجه ايضا شغب من الكوادر الاتحادية التي بادلته باسئلة ساخنة بحضور وزير الصناعة مدني عباس يقول العتيبي ان القوانين المتعاقبة لعمل التعاونيات أرهقت هياكلها، ويستدل بكون قانون "1982" يعرف الجمعية بكونها جسم وتشكيل "ديمقراطي" الا ان قانونا جديدا "إتحادي" صدر في العام "1999" أدي لتضارب في سلطات الجمعيات التعاونية بين المركز والقوانين الولائية، كما انه اضاف مفردة "شورية" للمادة المتعلقة بتعريف الجمعية ما أدخل التعاون كمفهوم انساني مجرد في اشكالات الانتماء الديني والسياسي، ولا يستثني عُهد حكم واحزاب سياسية يقول انها تورطت أيضا في تجيير أنظمة التعاون لصالح الاهداف السياسية، ويستدل بقوله "في عهد الرئيس نميري والديمقراطية كانت الجمعيات التعاونية مسرحا للصراع بين الاحزاب السياسية بمحاولة السيطرة علي قيادتها"، ولم ينتهي الامر بتاثيرات منظومات سياسية بل امتد ايضا حسب العتيبي لمواجهة بين التعاونيين والنقابيين حيث تم ايقاف موظفين في الخدمة العامة بسبب مطالباتهم بفصل التعاونيات من النقابات وكان ذلك في العهد المخلوع لم تستعد الدولة تاريخيا ايضا بمؤسسات وقنوات تمويل لصالح الجمعيات التعاونية، كما هو الحال بالنسبة للبنك الزراعي الذي يمول ويدعم "كبار الملاك"، ويكشف مستشار وزارة التجارة ان التمويل المخصص للجمعيات التعاونية الزراعية من البنك "ضعيف جدا"، وهو غير متوفر للجمعيات الانتاجية الا بحدود ضئيلة كما هو الحال بالنسبة لنماذج جمعيات محددة في مدن بالبلاد، مثل الجمعية التعاونية الزراعية في مدينة الفاو بولاية القضارف، وجمعية السامراب بالخرطوم بحري، بيد انه يشير الي ان هنالك جمعيات هزمتها الدولة بعدم الاهتمام ايضا، ويري ان الحل في تبني الحكومة لنماذج من تلك التعاونيات ومن ثم الدخول معها كشريك، وهو ما سيتيح للبلاد اللجوء لحقوقها في الاتحاد العالمي للتعاونيات الذي قال العتيبي انه بادر لمعرفة ما لدينا ليدعمه وأثار حديث المستشار العتيبي عن معيقات تواجه انشاء الجمعيات التعاونية حفيظة الكثيرين، حيث نوه الي ان هنالك جهات لم يسمها تعمل علي اعاقة عمل وتكوين الجمعيات التعاونية، وعزا الاسباب لتضرر مصالحها الاقتصادية، وقال ان تلك الجهات لاتتحدث صراحة عن فشل وعدم جدوي التعاونيات، بل انها توجه اتهامات للوزارة بالفشل، ورأي ان المعيق في تكوين الجمعيات ليس المواطن، وانما الحكومة نفسها من واقع، وقال في كل الفعاليات التي اقمناها لاجل التوعية بأهمية التعاون، والدورات التدريبية، كان راي واتجاه المواطنين معرفة الطريق نحو تشكيل كياناتهم التعاونية، واظهار استجابتهم العالية للتصدي للتجربة، وجاهزيتهم لها في آن، وكشف المستشار عن تكوين وزارة التجارة للشركة السودانية لاستيراد السلع الاستهلاكية، لتوفير البضائع لانشطة وبرامج تتبناها الوزارة كما هو الحال في برنامج "سلعتي" الذي يري انه ملأ فراغ غياب التعاونيات لكن حديث الصحفي علي الدالي وسؤاله حول عدم شرعية وزارة التجارة لانشاء شركة ومنافسة القطاع الخاص وفشل برنامج "سلعتي" لم يعجب الوزير مدني عباس، مما دفعه لاتهام الصحفيين بمحاولة اسقاط الحكومة، وقال مدني في مداخلته بالندوة "ان الصحفيين يسيرون في طريق اعلام الجبهة الاسلامية الذي اسقط الديمقراطية الثالثة"، وهاجم مدني الصحفيين لعدم اطلاعهم علي الاخبار والتزود بالمعلومات، ودافع عن برنامج "سلعتي" وقال انه حقق نجاح كبير وبموجبه تم تسجيل مئات الجمعيات في العاصمة والولايات، ورأي ان البرنامج يقوم بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وليس لمنافسته وضاق صدر الوزير مدني عباس عقب نقاش علي هامش الندوة في دار الاتحاديين كان معظمه حول اداء وزارة الصناعة والتجارة وعدم قدرتها في احتواء التصاعد الحامي للاسعار، وملاحقة جشع التجار، وشملت هوامش الندوة ايضا مشادات حول التوتر الدائم بين الصحافة وحكومة الثورة، فبينما تتهم الحكومة الصحفيين بعدم دقة المعلومات، يتهم الصحفيين الحكومة بأنها تضن عليهم بالمعلومات، ويفسر قول الصحفيين بضعف اداء الوزارة عدم قدرتها التصدي للجهات التي اعلنتها بالوقوف في طريق التعاونيات لو كانت حكومية رسمية او حتي في مجال القطاع الخاص.