تأثرت كثيرا عند مشاهدة رجل كبير في السن في مقابلة على برنامج يوتيوب للمسابقات. واظن ان مقدم البرنامج الشاب قصد تقديم أسئلة بسيطة وسهلة يستطيع كثيرون الإجابة عليها. كان السؤال عمن رفع علم الاستقلال. الإجابة من عمنا المسن هو اسماعيل الازهري طبعا إجابة صحيحة نال على اثرها الرجل جائزة مالية اخرجها الشاب من حقيبة معه وقدمها باحترام للمسن. لم بتمالك الرجل نفسه وعبر عما بداخله بعبرة نزلت غصبا عنه وكلمات تفتت الصخر ان كان للصخر قلب يشعر. قال الرجل وهو يغالب دموعه : والله يا ابني السودان بقى صعب. والحالة واقفة. غلبتنا تمام ولكن نحن مع دا كله مع الحكومة. كلمات صادقة من هذا الرجل الذي يعبر عن غالبية أهلنا الطيبين. فالسوداني بطبعه حمال اسية. ويجوع ولا يمد يده. مستعد ان يضحي بضروريات حياته ويحفظ كرامته. قدر السوداني ان يعيش طويلا في المعاناة التي أصبحت جزءا من حياته. حصوله على الخبز معجزة.. وصوله لمكان عمله معركة هو الخاسر فيها ماديا وجسديا. تعليم أولاده هاجس يؤرقه صباح مساء.. كل دروب الحياة تكتنفها المعاناة. حتى ان صديقا لي قال بس حقنا في الآخرة ان شاء الله محفوظ اما الدنيا دي فخلاص ختينا ليها القدرها. مخطئ من يظن ان هذه المعاناة تخص اقليما او ولاية دون غيرها. ومخطئ من يظن ان هذه الحكومة وحدها هي المسؤولة عن هذه الحالة. كتب من كتب وهو يقول يموت ساستنا في الخارج وهم يبحثون عن العلاج الذي فشلوا في توفيره في الداخل. بلدنا بخيراتها التي لا تعد ولا تحصى وكانت مرشحة يوما لتكون سلة غذاء العالم بسبب رعونة ساستها ومشاكساتهم وتضارب مصالحهم ادخلوا البلد في هذه المتاهة. اقل ما يجب أن تفعله الحكومة الجديدة لهذا الشعب النبيل ان تقدم له الأمن وتحسن مستوى معيشته بتوفير ضروريات حياته. كل ما يقال من كلام السياسة ووثائق الاتفاقيات والحديث المرتب والمنمق تنسفه دمعة تنزل من شيخ كبير أو أم مستضعفة او طفل صغير يلهث خلف ضروريات الحياة. أجمل ما يمكن أن يهدى لهذا الشعب الصبور ان يجد سبيلا للحياة الكريمة وهو يستحقها بكل تأكيد. لن يحس احد بطعم الثورة ولن يتلذذ بالسلام الا اذا انعكس ذلك على حياته.