نور الدين بريمة نتساءل عن مدى صحة ما ورد في الخبر، الذي طالعناه بصحيفة السوداني، الصادرة يوم الجمعة الرابعة عشر من هذا الشهر، بخصوص والي جنوب دارفور، موسى مهدي إسحق، وتعرّضه للصفع والضرب والطرد، من جموع الغاضبين، من أسر ضحايا مجزرة شرطة مكافحة المخدرات، أمام مشرحة نيالا، بعد وقوفه على المشرحة، وتعرّفه على سير أحوال الجرحى، الذين تعرضوا إلى كمين مسلح، من عصابات المخدرات، في سنقو بمحلية الردوم، إحدى محليات الولاية، والذي راح ضحيته (26) شرطيًا (12) منهم شهيدًا، رحم الله، من مضى منهم في أداء واجبه، وعاجل الشفاء للجرحى، والويل والثبور للجُناة. *وبالطبع* ليس من الغرابة أن يعترض الأهالي وأسر الضحايا، أفعال وسلوك المسؤولين بالدولة، والوالي أحدهم، ويحاصروه بالأسئلة، ويحمّلوه التقصير في المسؤولية، لأنّه حقّهم لا مِراء فيه، إلا أننا نُدرك تمامًا كذلك أنهم مضوا وجُرحوا في سبيل واجبهم، وليس من حق الأهالي والأسر، تجاوز القانون والشرع، والتعبير عنها بشريعة الغاب، وأخذ الحقّ بالصفع والضرب، أو الطرد كما ورد في الخبر. *ولم يكن الوالي* موفقًا في إشارته إلى عدم علمه بمتحرك الشرطة، المتجه إلى مناطق سنقو، لأنها أكثر إستفزازًا لمشاعر الأهالي والأسر، وما كان ينبغي للوالي الإشارة إلي ذلك، لأنه ليس من الحصافة والكياسة، الإشارة إليها في مثل هكذا ظروف، والوالي أحد الذين تتلمذوا على يد مؤسسة الشرطة، ويُدرك- وهو سيد العارفين- ما يمكن أن تفعله مثل هذه التصريحات، وسط الغاضبين المتزمجرين، الأمر الذي لا يقبله أي صاحب مسؤولية، ناهيك عن الأهالي الذين فُجعت قلوبهم وأفئدتهم بفقد فلذات الأكباد. *فالهتافات* المناوئة، والإستنكار، وتحميل المسؤولية، كلها أمور طبيعية، لدرجة أن قالت إحداهنّ- وهي غاضبة- في وجه الوالي، كما جاء في الخبر: (هاك ألبس تُوبي ده.. وأدّونا السلاح.. عشان نحفظ ليكم الأمن)، كذلك رفض الأهالي، أخذ الفاتحة على أرواح أبنائهم، من مدير شرطة الولاية، اللواء، علي حسب الرسول، هي رسالة مهمة في بريد المسؤولين، وتقديرنا أنها طبيعية وعادية كمان، ولا تتنافى مع الشرائع الإنسانية، مثلما تتماشى مع الأحوال النفسية لأسر الضحايا، لأنها تعبّر عن الرأي، وترفض ما جرى، وتبحث عن الحق. *ولكن أن* يصل الحال بالأهالي والأسر إلى الصفع والضرب والطرد للوالي، أو لأي مسؤول كان، *وربّ العزّة* إنه ليس من العدل في شيئ، بل ترفضه أيضًا كل الضمائر والشرائع، وإنّها إنتهاكٌ للقانون والدستور، ولا نقبلها في وجه أي إنسانٍ، ناهيك عن الوالي الذي يعبر عن سيادة الدولة وسلطانها. *مما يدفعنا* إلى المطالبة بإنفاذ القانون على كل من خرج عليه، إن كان ذلك صحيحًا، ولكن فإن لم يصح ما جاء في الخبر، فإنه لابد من إنفاذ القانون، على الصحفي والصحيفة، لتجنّيهما على سيادة الوطن، مثل ما يلزم كبح جماح المعتدين والمتجنّين على الغير، فما أكثر المسيئين لإستخدام الحرية، التي لم يجدوها في ظل حكامهم، ويا ويلهم إن كتبوه في ذلك العهد، وفي كل الأحوال نقول: إمّا أن تأخذوا الحرية بحقها، وإمّا سنجعل القانون جُنّة بيننا. *ومنذ متى* كنّا يا أصحاب الأقلام الصفراء، والأجندة العرجاء، نكتب الأخبار بمجرد سماعنا لها؟، دون التروي والتحقق منها، وأليس من العيب يا من تدّعون علم الصحافة، إعتماد الصحفي، على كلمة (قالوا لي)؟!!، دون التأكد من صحة القول، وصدق القائل، لأنه حسب إطلاعنا على الخبر، إستيقنّا أن به معلومات تحفها التضليل والكذب، أي إنها شائعة، يستبطن من كتبها، تمرير أجندته، وأهداف ساداته وكبرائه ضد الثورة، ولم يكن موسى مهدي إلا أحد ضحاياها. *والمعنيّ بها* ليس الوالي وحده، بل أراد المخططون، ومن كتب الخبر، أن يضعوا الثورة برمّتها في وجه الزبانية والمتاجرين بقضايا الناس، ولو تتبعتم الخبر تجدون في ذيليته كلمة (أنشر)، حيث لا يوجد صحفي محترم يكتبها في الذيلية، إلا مَن كان له غرض، بل المتلقين هم من يساهمون في النشر، مما تنذر وتعزز زعمنا بوجود أهداف مستبطنة بداخله، ولكنّا نقول: إن ثورة بلادي الممهورة بدماء الشهداء، ماضية في سبيلها، ومحققة لأهدافها، ولو كره الكذّابون المنافقون وأبواقهم!!!.