(1) عندما أُدخلت شبكة الهاتف السيار أو الموبايل الي السودان في نهاية التسعينات، كان إمتلاك أو حمل ذلك الجهاز مظهراً إجتماعياً يعبر عن "الثراء". على ذلك كثيراً ما كتب أصحاب الأعمدة الصحفية عن من يحمل الموبايل وهو يسكن في بيت الطين أو يستغل المواصلات العامة ،كناية عن فوضى الأولويات عند البعض في معرض السعي الكريم لصحافيي بلادي في اصلاح حال أمتنا. ومن النوادر التي أذكرها تمثيل بعض كوادر الجبهة الإسلامية من الذين لي بهم الصلة عندما يخرج أحدهم هاتفه ليرد على مكالمة مصتنعة و مزعومة من قبل الشيخ حسن الترابي (عليه رحمة ومغفرته).
(2) ذات مرة زرت رجل الأعمال السابق والقيادي الحالي بحركة العدل والمساواة الأستاذ بشارة سليمان نور عبدالرحمن في مكتبه. كغيرنا من (العائلات السودانية والتي جميعها كريمة) لدينا نظام وتراتبية عمرية في الاحترام أشبه بالنظام العسكري؛ سألني بشارة نور عبدالرحمن لماذا لم اتصل به منذ وقت طويل. ونور عبدالرحمن هو الشقيق الأصغر لكل من برقو عبدالرحمن، ودوسة عبدالرحمن (جد كل من وزير العدل السابق مولانا محمد بشارة، البروفيسور عبدالرحمن، الباشمهندس عبدالجبار وآخرين من أحفاد دوسة) ، فاشر عبدالرحمن (جد كل من البروفيسور حسن فاشر والبروفيسور بارودي فاشر) ، لبس عبدالرحمن (جد الباشمهندس الراحل يوسف لبس والذي سجنه البشير ل15 عاما بتهمة قيادة إنقلاب عسكري) . هذا بجانب 49 إبن وإبنة للسلطان عبدالرحمن، عوضاً عن ابناء اخوته: عبدالشافع (جد البروفيسور محمود الطيناوي)، ابراهيم ( جد الأستاذ محجوب حسين) ، فضيل (جد الدكتور عبدالعزيز عشر) والذين من أصلابهم جاء الكثير مِن مٓن ترونهم في الساحة الوطنية – حكومة و معارضة (و من اقصى اليمين الي اقصى اليسار السياسي) ولا تسعفنا المساحة لذكرهم. على طريقة وجدتها أجبت على سؤال بشارة سليمان : "لا أملك الموبايل" !! . فرتب لي الأمر لأتصل بعدها به وبالآخرين بغرض وبلا غرض وأظهر الرقم . ولإظهار الرقم معناً لدينا نحن تربية الأحياء الشعبية.
(3) تألمت كالآخرين بالنزاع القبلي المميت بين أهلنا المسيرية وأهلنا حمر. بإستثناء أهلنا من قبائل الأقليم الأوسط والأقليم الشمالي والذين منّ الله عليهم بنعمة الخلاص من العصبية القبلية (على الأقل في ظاهرها) ؛ فلا توجد أناس تربطهم وشائج الدم والنسب والمصاهرة مثلما بين المسيرية وحمر . فلماذا الاقتتال ولماذا نزيف الدم الذي في غير موضعه ؟؟ . نظام الإنقاذ الذي إقتات على القبلية لأكثر من ثلاث عقود لم يجد مناصاً للعودة إلا عبر إشعال الوطن بأكمله وذلك بتهييج الإنتماء القبلي والتناحر الجهوي الي حد الإقتتال بين المجموعات القبلية المتعايشة والمتسامحة فيما بينها. رحم الله القتلى من الجانبين وأخمد الفتن في بلادنا. تلك الأرواح الطيبة نحتاجها في إعادة بناء بلدنا والدفاع عنه. مهما فعل الانقاذيون المجرمون فإن عاقبتهم الهزيمة النكراء – لأننا وبعد الله تعالى نراهن على شباب الثورة السودانية والذين قبيلتهم السودان ومعيارهم الإنسان .
(4) بالأمس الأول جاء في الأخبار ان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وأثناء لقائه بوفد أهلنا المسيرية أظهر غضباً شديداً على غياب الدولة والقانون. كما قلت في أكثر من مناسبة وموضع ؛ ما مر على الدولة السودانية من رجل في خداع ومراوغة الاخ برهان. ألم يكن قائد الجيش وبأمر من فلول نظام الإنقاذ وموافقه نائبه قائد قوات الدعم السريع وبتواطؤ من قبل قادة حركات الكفاح المسلح؛ هو من أوجد المأساة التي نحن فيها بتهوره في 25 أكتوبر المشؤوم ؟؟. من غيره تسبب في غياب الدولة والقانون ؟! من غيره اعادنا الي صدر عهد الإنقاذ حيث المقاطعة الدولية ، ضيق العيش ، إنهيار العملة الوطنية و الخدمات والإقتتال القبلي؟؟.
(5) من الجميل ان يظهر الممثل البارع غضبه وامتعاضه على وصول محمد الطاهر أيلا رئيس وزراء نظام المجرمين الكذابين القتلة ويعلله بغياب الدولة أو القانون. إلا أننا نذكره بإنه لا يقف على مسرح من مسارح التي تتبع لقصر الإتحادية حيث أستاذه الإنقلابي عبدالفتاح السيسي والذي يحج إليه من حين الي آخر ، انما هو في الخرطوم حيث شباب الثورة مازالوا يفترشون الأرض من أجل غد أفضل للسودان والسودانيين. لذا من المستحسن ان يترك الغضب ويظهر الرقم !!.