قابلت خبر إعادة انتخاب السودان لعضوية مجلس حقوق الإنسان الذي تم أمس الأول الثلاثاء ردود أفعال متباينة، بين من يرى أن السودان استحق المنصب بعد قيادة حملة دبلوماسية مكنت من إعادة انتخابه، قياساً على تعاطيه الجيد مع حالة حقوق الإنسان عقب ثورة ديسمبر. وبين من يرى أن السودان في الفترة التي أعقبت انقلاب 25 أكتوبر مثل أكثر الأقطار انتهاكاً لحقوق الإنسان من واقع الحصيلة الكبيرة للانتهاكات والتي وصلت لقتل 118 متظاهراً، بينهم أكثر من 18 من الأطفال القصر فضلاً عن تسجيل حالات اغتصاب موثقة لعدد من المتظاهرات، بالإضافة للانتهاكات التي تمثلت في العنف الكبير تجاه المتظاهرين الذي خلف آلاف المصابين ومئات المحتجزين قسرياً. ويرى مراقبون أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان ما كان أن تمنح السودان حق الترشح حتى من واقع أن المفوضية كانت قد أعادت السودان لبند المراقبة وعينت أداما دينغ مراقباً لحالة حقوق الإنسان في السودان، وقد قدم الرجل تقريراً كشف خلاله عن حالات انتهاك كبيرة تمت لحقوق الإنسان بعد انقلاب أكتوبر، مبينين أن أداما دينغ قد أعرب حينها عن بالغ القلق إزاء مقتل اثنين من المتظاهرين، أحدهما قاصر، خلال المظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري في العاصمة الخرطوم، ودعا السلطات لضمان إجراء "تحقيقات سريعة ومستقلة ونزيهة في عمليات القتل والإصابات والاحتجاز التعسفي للمتظاهرين وأعضاء لجان المقاومة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة". وكان السفير حسن حامد المندوب الدائم للسودان بجنيف قد أعلن أمس الأول عن إعادة انتخاب السودان لعضوية مجلس حقوق الإنسان لفترة ثانية، تبدأ أول العام 2023م وتنتهي بنهاية العام 2025م بحصوله على 157 صوتاً، فيما أشار محمد سعيد الحلو رئيس الآلية الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن فوز السودان بعضوية مجلس حقوق الإنسان لدورة ثانية، يمثل اعترافاً من المجتمع الدولي بالتطورات الإيجابية التي جرت في أوضاع حقوق الإنسان في الفترة السابقة، وهو نتاج قبول السودان للتعهدات الطوعية التي التزم بها والمضي نحو تحقيقها، وقال إن الفوز يمثل حافزاً مهماً للحكومة الانتقالية، وهي تمضي قدماً نحو إرساء قيم الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة حكم القانون وترقية أوضاع حقوق الإنسان بالسودان، ودافعاً لها لاستكمال الجهود التي بدأتها، لمد جسور التعاون مع آليات حقوق الإنسان الدولية المختلفة". واعتبر الخبير القانوني والمحلل السياسي ياسر إسماعيل أحمد ل(الحراك) أن إعادة انتخاب السودان لابد وأنها جاءت بعد مخاض عسير، رغم أن 157 دولة أدلت بأصواتها لصالحه على اعتبار أن السودان في العام الماضي، شهد انتهاكات كبيرة في حقوق الإنسان. ولفت إلى أن إعادة انتخاب السودان واجهت بحسب بيان وزارة الخارجية معارضة كبيرة وحملة شرسة لعرقلة إعادة انتخابه لعضوية مجلس حقوق الإنسان، خاصة وأنه ترشح ضمن ثلاث دول أخرى هي الجزائر، المغرب وجنوب أفريقيا، وهي دولة بالتأكيد سجلها أنظف بكثير من سجل السودان الذي شهد أسوأ حالات انتهاك حقوثق الإنسان، بتسجيل أكثر من 118 شهيداً وآلاف المصابين خلال التظاهرات المناهضة للانقلاب، مبيناً أن البيانات التي اعتمدت عليها الدول التي رشحت السودان ربما لم تكن حقيقية وصحيحة. وفي المقابل قال المحلل السياسي عمار حسن أحمد في حديث أدلى به ل(الحراك) إن إعادة ترشيح السودان حق طبيعي ناله السودان، بعد أن نجح في إقناع 157 دولة بالتصويت له، مشيراً إلى أن ذلك أمر يحسب للدبلوماسية الوطنية التي استطاعت أن تلعب على بعض القرارات التي اتخذتها السلطات في الخرطوم، مثل إلغاء حالة الطوارئ وإعلان الجيش الانسحاب من معادلة السلطة وسعيه لتحقيق حكومة مدنية، بيد أن الواقع ليس كذلك، مشيراً إلى أن الأمر كان يجب أن يوضحه تقرير الخبير المستقل، سيما وأن مجلس حقوق الإنسان قد أعاد السودان تحت المراقبة بعد الانقلاب. لكن المحلل السياسي محمد أحمد علي عبد الباقي نظر للأمر من منظور مختلف وهو يرى أن انتخاب السودان في الأصل، تم كأحد مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة وأنه بالتأكيد ظل فاعلاً في المجلس حتى بعد الانقلاب، وأن إعادة الانتخاب ستكون لفترة جديدة تبدأ في العام 2023م وتستمر حتى 2025م، ما يعني أنها أيضاً ستكون ضمن حكومة الثورة من واقع أن الانقلاب الذي عطل الانتقال لن يستمر وبعدها ستكون هناك حكومة مدنية، لافتاً إلى أن الدول التي صوتت لصالح السودان غلبت مصلحة السودان والثورة، سيما وأن الأمر الواقع يشير إلى أن السودان وفي ظل الانقلاب كان وسيكون عضواً في المجلس حتى نهاية الدورة بنهاية العام الحالي، وقال في حديث أدلى به ل(الحراك) من مصلحة الانتقال أن يكون السودان عضواً في مجلس حقوق الإنسان.