1- ما ان طالعت خبر صحيفة "الراكوبة" الذي جاء بتاريخ يوم الخميس 26/ يناير 2023م تحت عنوان "القُوّات البحرية تضبط (20) صيّاداً مصريّاً يُمارسون الصيد الجائر داخل المياه السُّودانيّة قبالة "أبو عمامة""، حتي اعترتني دهشة عارمة بسبب علمي التام ان القوات المسلحة السودانية منذ زمن طويل في اجازة اجبارية مفتوحة حتي اشعاراخر ، وان القوات المسلحة بكامل وحداتها وفروعها المتعددة لا تقوم حاليآ باي نشاط عسكري من اي نوع كان مثل التدريبات العسكرية وتمارين ضرب نار ، او حماية البلاد والشعب من الانفلات الامني او القيام بعمل جاد وقوة من اجل ضرورة إستتباب الأمن المفقود في اغلب ربوع البلاد !! . 2- استغربت من الخبر شديد الاستغراب لما جاء فيه ان القوات البحرية مازالت تمارس عملها العسكري كالمعتاد في حماية البلاد وكانها لم تسمع بعد بحالة الاجازة الاجبارية الموجودة في باقي كل القطاعات والوحدات العسكرية !!، وانه سلاح بحري لم يعرف بعد ان الجيش في حالة استرخاء تام غيرعابئ او مهتم بالوضع المزري الذي ضرب كل مربع في البلاد . 3- كان من البديهي عندي التفكير باهتمام شديد في الاسباب التي ادت بضباط وجنود سلاح البحرية دون غيرهم القيام بعملهم الوطني كالمعتاد علي خلاف بقية القطاعات العسكرية الاخري التي هي في اجازة ، وهل يعد قيام الضباط والجنود فيه بعملهم دون الالتفات لموضوع الاجازة هو نوع من العصيان العسكري بسبب رفضهم الاجازة المفتوحة؟!!… ام ان هذا السلاح البحري لم يسمع بعد بالاجازة الجبرية ولم يصله الخبر بسبب وجوده في العمق البحري البعيد؟!!، بالطبع استبعدت تمامآ ان ضباط وجنود سلاح البحرية ربما لم يسمعوا بالاجازة بسبب انقطاع الكهرباء!! . 4- اعرف سلفآ بان بعض القراء الكرام قد يعتبرون هذا المقال فيه نوع من التحقير والتقليل من شان القوات المسلحة ، وانه ما كان يجب الكتابة عن الجيش بهذا الاسلوب الملئ بالهجوم الساخر ، ولكن بدوري اسالهم اين هو اصلآ هذا الجيش الذي اختفي تمامآ من الساحة العسكرية وما عدنا نراه في مناطق الازمات والحروب المشتعلة في اكثر من مكان بالبلاد -(كردفان ، دارفور ، جبال النوبة- مثالآ) ، ولا رايناه قد تدخل ولو مرة واحدة وسعي فض النزاعات التي نشبت بين القبائل في ولاية دارفور وكردفان وكسلا وخشم القربة!! . 5- كم هو ومحزن ، هذا الجيش الذي اشتهر في السابق بانه عرمرم اختفي فجأة بلا مقدمات ، ومعه ايضآ اختفوا كل من وصفوا انفسهم خريجين "مصنع الرجال"!!، كم هو غريب للغاية اننا ما عدنا نقرأ في الصحف عن اخبار (نحن جندالله جند الوطن) ، وحلت محل اخبارهم تصريحات متنوعة من قياديين عسكريين لا جديد فيها وتشبه الي حد بعيد نفس البيانات التي كانت في زمن الرئيس المخلوع !!، بل حتي الرئيس البرهان نفسه نجده قد ترك العمل العسكري واكتفي بلقاءات دورية متقطعة مع رؤساء الوحدات والقطاعات العسكرية يعيد لهم فيها كل مرة نفس الخطب (الفشنك) ، ويكرر ويعيد بلا ملل "ان القوات المسلحة قد ابتعدت عن السياسة وتركت امرها للسياسيين المدنيين"!! . 6- اين هو الجيش السوداني؟!! هو سؤال مطروح منذ مدة طويلة في وجه البرهان وجنرالات مجلس السيادة وكبار القادة العسكريين ، سؤال طرح مئات المرات في الصحف السودانية وعن سبب تخلي الجيش في اداء مهامه الوطنية في الوقت الذي تعاني فيها البلاد من ازمات عصيبة تزداد كل يوم اكثر عدد وحدة وضراوة؟!!…اين كان هذا الجيش وخرجين "مصنع الرجال" عنما شهدت البلاد في العام الماضي 2022م مقتل (900) مواطن في احداث ما كان لها ان تقع ان كان هناك بالفعل علي ارض الواقع "جيشنا جيش الهنا..الحارس مالنا ودمنا"!! . 7- سؤال مطروح بشدة في وجه البرهان وجنرالات مجلس السيادة : اين هو الجيش السوداني الان؟!!، وهل كل الضباط والجنود في اجازة مفتوحة الي حين اشعار اخر؟!!، ولماذا نجد ان المسؤولين الكبار في القوات المسلحة قد تركوا كل زمام الامور العسكرية للجنرال/ "حميدتي" الذي لمع نجمه اخيرآ بصورة فاقت كل "رفقاء السلاح" الاخرين؟!!، قرأنا عن ! "حميدتي" الكثير المثير وعن تحركاته داخل مناطق النزاعات في دارفور وكردفان لحل القضايا المعلقة بين القبائل والعشائر المتحاربة ، وانه سافر الي جوبا علي حساب الجيش المختفي ، وليت "حميدتي" اكتفي فقط بهذا النشاط الدافق ، بل ابدي رايه بكل صراحة في تورط شخصيات سودانية سعت لإحداث تغيير في أفريقيا الوسطى ، وقال في مؤتمر صحفي بمطار الخرطوم إن هناك "غرفا تعمل على تأجيج العنف"، مشيرا إلى وجود "مخطط يحاك من عام "2008م" لإشعال الصراع بين المكونات القبلية العربية بدارفور ، مشددا على عدم السماح بانهيار السودان من خلال ذلك المخطط ، على حد وصفه. 8- (أ)- كلنا في السودان بلا استثناء ، شعب وحكومة واحزاب ومنظمات ومعارضة وجب علينا ان نعترف بكل صراحة وبلا دس او مواربة ، ان السودان حاليآ هو البلد الوحيد في العالم الذي ينعم فيه الجيش باجازة طويلة ، وان لا نخفي هذه الحقيقة المرة. (ب)- ان نعترف بانه حالة الجيش في هذه الايام هي حالة نادرة -(Made in Sudan)- ولم تحدث من قبل في اي مكان اخر بالعالم !! . (ج)- ان نعترف بانها حالة فريدة في نوعها لم نسمع او قرأنا لها مثيل في كتب التاريخ العسكري العالمي ، ان هناك جيش ما قد خلد للراحة والهدوء !! . (د)- هذه الاجازة هي بالفعل وبكل المقاييس حالة انفرد بها جيش السودان الذي ادار ظهره للجميع ، وحال لسانه يردد "خربانة ام بناية قش"!! . 9- لو كان عندنا قوات مسلحة بحق وحقيق لما وصلت حالة الفوضي في البلاد الي حد وجود نحو (88) من حركات مسلحة مدججة بالسلاح الثقيل ، وعصابات نشطت في تجار البشر ، ومافيا تهريب الذهب والاسلحة والسلع التموينية والادوية ، وجماعات "النيقرز" الذين مازالوا يعيثون فسادآ منذ اكثر من تسعة اعوام ، و"تسعة طويلة" التي غلبت بشرورها السلطات الامنية ، وعادت فرق الجنجويد لممارسة ارهابها … واخيرآ هناك "تنظيم فاغنر" الروسي الذي كثرت حوله الاقاويل انه وجد له مكان في دارفور ، ونشط في سرقة الذهب جهارآ نهارآ ، وانه منذ استيلاء الجيش السوداني على السلطة إثر انقلاب أكتوبر ؛ عمّقت "فاغنر" شراكتها مع الفريق "المتعطش للسلطة"، محمد حمدان دقلو. 10- نصيحة اهديها للفريق أول/ البرهان ، مازال هناك امل في ان يعود الجيش لسابق عهده الجميل وبنفس الشكل الذي عرفناه عنه في السابق ، فقط يحتاج منك يا لبرهان قليل من الجراءة والحزم الصارم من اجل اعادة الامور القديمة الي نصابها ، وتمامآ كما قمت بانقلاب في 25/ اكتوبر ليتك تقوم مرة اخري بانقلاب اخر ولكن داخل المؤسسة العسكرية المنهارة ، وتعيد الانضباط المفقود وتنهي حالة الاسترخاء التي تضررنا منها كثيرآ ، وتنهي حالة الازدواجية في القوات المسلحة ويصبح عندنا جيش قومي واحد.