جوبا …………. مثل غيري من المتابعين للصراع المسلح في السودان والمشفقين علي الأوضاع المأساوية فيها; طالعت بتدقيق مقالي الدکتور الدرديري محمد أحمد الدخيري المنشوران بعنوان: عربان الشتات وکيف نحبط مشروعهم الإستيطاني. وهذان المقالان بهما کمية کبيرة من المغالطات التاريخية والتأويلات الممعنة في الخديعة و"محاولات التملص" من الأخطاء التاريخية للحرکة الإسلامية السودانية والتبر5 من نتا7ج مشروعها الحضاري الذي أحاق ويحيق الضرر الکبير بالسودان من خلال کتابات جوفاء تلوي عنق الحقيقة لياً حتي يخرج الکيزان من تحمل المس5ولية الإخلاقية لتفكك وإنهيار السودان کخروج الشعرة من العجين أو کما يقول المثل. والدکتور الدرديري کان منذ أيام دراسته الجامعية جزء لا يتجزأ من الحرکة الإسلامية السودانية وهو کان اَخر من تقلد منصب وزارة الخارجية في حکومة عمر البشير وهو مقيم بترکيا حالياً کغيره من قيادات الکيزان المستجيرة بأردوغان وهو دبلوماسي وقانوني إسلامي متشدد درس في التبون والنهود وجامعة الخرطوم وتحصل علي الشهادات العليا في بريطانيا. وقد تم إستدعاه من مقر عمله بالخليج مستشاراً قانونياً بإحدي الشرکات هناك بعد أن کان قد إستقال من عمله القضا7ي بالسودان وتغرَّب في أحد دول الخليج وقد منح وظيفة سفير بوزارة الخارجية ليلتحق بمفاوضات نيفاشا خصوصاً ملف منطقة أبيي لأنه ينتمي للمسيرية الحمر الذين يتصارعون علي ملکية منطقة أبيي مع أهلها دينکا نقوك. ويقع مدينة التبون التي ينحدر منها الدکتور الدرديري في أقصي الغرب لولاية غرب کردفان في الحدود مع ولاية شرق دارفور وعلي مشارف بوادي قبيلة الحمر بشمال کردفان. إن المقالين المنشورين في يوم 26 يونيو عام 2023م علي الکثير من منصات التواصل الإجتماعي يطرحان الکثير من الأس7لة بدلاً من الإجابة عليها بل ويشکل هذين المقالين البرهان الساطع والدليل القاطع علي تورط "الکيزان" فيما يسميه الدرديري "بمشروع التشريقة لعربان الشتات" وقد نحت کلمة التشريقة هذه ليقابل بها "تغريبة" بنو هلال وبنو جشم الذين تم تسرحيهم من صعيد مصر بأمر الخليفة الفاطمي المستنصر عملاً بإستشارة وزيره اليازوري ليجتاح بهم القيروان في عام 1058م. يقول الدرديري محاولاً إستعطاف الرأي العام السوداني ضد قوات الدعم السريع ما يلي: ماذا نحن فاعلون لنحول دون خلخلة مجتمعنا ولنمنع تکرار غزو عربان الشتات لديارنا وتوطنهم فيه. وکان قد قال: إن ه5لاء العربان هم المهدد الخارجي الأول للوحدة الوطنية في السودان". ما هذا الهراء. هل يريد الدرديري أن يقنع السودانيين ومحبي السودان أن قوات الدعم السريع هي قوات أجنبية. وأن الحرب السودانية الحالية هي حرب لقوات تغزو السودان من الإتجاه الغربي. ولمحاولة تثبيت هذه النقطة الخرقاء يقول الدرديري الجملة التالية مستفزاً للعقول ومتحدياً الوعي الجمعي للسودانيين قا7لاً: "إن الذين إتخذوا من عاصمة بلادنا مضماراً للعبة الموت هذه ما هم من بني جلدتها ولم يتشربوا من لبانها; فقد أتي بهم غزاة في تشريقة وفدت إلينا من وراء الحدود ومن دول الشتات". يقفز الدرديري بالقراء قفزاً علي الحقا7ق متجاوزاً تسلسلها التاريخي عن قصد تشويها لها وتنصلاً منها فيقول أن توطين عربان الشتات ه5لاء يعود لعام 2021م بعد تسلم الر7يس محمد بازوم سنام القيادة بالنيجر وهو من عربها الذين يشکلون نسبة أقل من 1% من مجموع سکانها وتسلم محمد صالح النظيف الماهري لوزارة خارجية تشاد متجاوزا ذکر إسم الر7يس محمد کاکا لأنه زغاوي فيقول الدرديري: "ما أن سلس القياد لهذا الثالوث حتي تکثفت الدعاية في تشادوالنيجر ومالي لتوطين عرب الشتات بالسودان وتقبل العربان الفکرة خاصة وأنها جاءت مصحوبة بضمان أن من يجندوا سينتدبون لليمن". ويواصل الدرديري سرد معلوماته المحشوة في مسلسل الخديعة وتشنيع قوات الدعم السريع فيقول; "ما هي إلا أشهر قليلة حتي تم نشر ماکينات إصدار البطاقة القومية السودانية وجواز السفر السوداني شرقي النيجروجنوبي ليبيا; وبالطبع ربطت هذه عبر الأقمار الصناعية بشبكة السجل المدني في الخرطوم; فإذا صدر الرقم الوطني المعين في موقع ما بالنيجر أو الکفرة لا يعاد إصداره مرة أخري بالسودان بل يبدو وکأنه قد صدر من البينية أو مجمع الخدمات بالسجانة أو غير ذلك من المواقع". کل هذه الخزعبلات أراد بها الدرديري تثبيت فکرة واحدة وهو أن الدعَّامة لم يظهروا کأدوات في المسرح السياسي السوداني إلا بعد خروج البشير من الحکم بعدما "تغدي به حميدتي أو حمايتي کما کان البشير يقرظه". نسي هذا الدرديري أو تناسي أنه کان قد أورد مقطعاً في نفس مقاله المضطرب منطقاً عندما قال: " دخل عربان الشتات لأول مرة في معادلات السياسة الدولية عام 2003م حين تم إستخدام قسم منهم لإشعال فتنة دارفور وتوسع الإستعانة بهم في عاصفة حسم الحوثيين عام 2015م" هکذا کتب دون أن يغمض له جفن أو يرتجف له يد ولم يقل أن عام 2003م عام إستيعاب حميدتي في الجيش السوداني برتبة عميد وتعيينه نا7باً للواء البرهان في قوات حرس الحدود إسم الدلع للجنجويد تحت رعاية اللواء إبن عوف کان بمبارکة من الحرکة الإسلامية التي رأت أن "الزرقة" الذين يختلفون شکلا عنهم کما قال غازي صلاح الدين العتباني من قبل يشکلون خطراً علي مشروعهم الحضاري ودولة مثلث حمدي المتخيلة وأن الأحباش وعربان الشتات أقرب إليهم "سحنة" وأفضل لهم علاقة. يقول الدرديري بغير خجل في معرض ختامه لمقالاته المشوهة والتي تحاول تصوير قوات الدعم السريع علي أنها قوات أجنبية جاءت ضد الإسلاميين وبغير رغبتهم: "إن مشروع إعادة توطين عربان الشتات بالسودان جزء من مشروع کبير يهدف لإبدال النخبة السياسية "الإسلامية" بنخبة علمانية المزاج" وأقول له: عييييييب يا راااااجل!!!!! من يتأمل فصول هذه الکتابة الشا7هة سصيدق المثل السوداني القا7ل "التسوي بإيدك يغلب أجاويدك أو التسوي کريت في القرض تلقاها في جلدا". فلو صدقنا جدلاً أن قوات الدعم السريع هي قوات أجنبية جاءت للسودان بهدف إعادة توطينها في أراض غيرها من السکان فهذه ستکون مقولة حق أريد بها باطل. فقد ظل السکان الأصليون في دارفور وکردفان وشمال بحر الغزال ومنطقة أبيي يصرخون أن هناك غزو مرتب لتشريدهم وإقتلاعهم من أراضيهم وتبديلهم بمهاجرين جدد برعاية من حکومة الإنقاذ الإسلامية ومن الحکومات التي سبقتهم وأن ه5لاء القادمين الجدد لا يعرفون غير البطش والتنکيل ويرتکبون کل الموبقات لدرجة وصفت أعمالهم بالإبادة الجماعية وتم إتهام ر7يس الدولة بتحمل مس5ولية تلك الأعمال الخرقاء المنافية لکل القيم الدينية والإرث الإنساني لکن کان نظام المشروع الحضاري ووزارة خارجية الدرديري ظلوا ينفون کل هذه الأقوال ويعتبرونها مجرد عمل مضاد لقيم مشروعهم الحضاري بل وصلوا لقمع کل من يقول بذلك ومنعوا حتي کتابات عبدالعزيز برکة ساکن من أن تدخل السودان خصوصاً رواية مسيح دارفور الذي صوّر فظا7ع الجنجويد. ما هو المستجد حالياً. هل تصريحات الدرديري هذه ترفض فظا7ع الجنجويد عن قناعة أم يرفضها لأن ما يقوم به الجنجويد من "عمل روتيني" لا يقع علي کاهل المغضوب عليهم من شعب دارفور أو النوبة أو الأنقسنا أو الجنوبيين الذين تم شرعنة قتلهم وتم تقنين إغتصاب نسا7هم وسبي أطفالهم. هل نسي الدرديري أن قوات الدعم السريع هي قوات رسمية حسب دستور السودان وأنهم يتبعون للجيش السوداني حسب الدستور الذي أجازه برلمان حکومته السابقة. هل نسي الدرديري أن مشاركة قوات الدعم السريع في عملية عاصفة الحسم في اليمن بدعوة محاربة الشيعة من الحوثيين تم تقنينه والتشريع له من خلال برلمان حرکته الإسلامية وحکومة حزب الم5تمر الوطني. هل نسي الدرديري أن التساهل في إستخراج الرقم الوطني لعربان الشتات والتشدد عليها مع بقية "الأعاجم" کان بتشجيع من حکومة المجاهدين. ما هي القيم السودانية السمحة التي يتشدق بذکرها الدرديري وقد ظل جيشه يمارسها علي شعوب جنوب السودان علي مرّ العقود منذ ما قبل إستقلال السودان وقد ظلت الأنظمة المتعاقبة علي سدة الحکم في الخرطوم تبرر لتلك الأفعال وتدافع عنها.. کان علي الدرديري لو کان صادقاً أن يعترف بأخطاءهم کحرکة إسلامية ويندم علي أفعالهم السابقة ومن بينها تجييش شعوب الهامش في دارفور وکردفان ممن ينتمون للعرب ضد إخوتهم من الأصول الأفريقية ثم بعد ذلك يمکن له أن يدين ما تقوم به قوات الدعم السريع من إنتهاکات في الخرطوم. أما أن يتذاکي علينا ويحاول التبروء من نتا7ج حصاد ثلاثين عاما في حکم تنظيمهم فهذا ما لن نسکت عليه وسنفنده بالمنطق متي ما سمحت له نفسه بالتهريف والتحريف والتضليل. لست هنا في موقف من يشمت لإرتکاب الفظا7ع ضد المواطنين العزَّل وتشريدهم من ديارهم ونهب ممتلکاتهم وإستباحة أعراضهم لکنني هنا لأقول للدرديري ولکل فلول الکيزان ولأردول والمتأردلين ومن شايعهم من رفاقنا السابقين مثل الدکتور محمد جلال أحمد هاشم والدکتور الواثق کمير وبقية أدعياء الزور لمشروع السودان الجديد; أقول لهم "إن تعميم الشر عدالة وأن ما يحصل في الخرطوم هو قمة جبل الجليد الذي ظل مخفياً عن أنظار العالم الخارجي وما ظهوره المتأخر حالياً إلا دليل علي خطل فکر الإسلاميين وتشوهها". فما يفعله الدعَّامة في الخرطوم إن کانوا سودانيين أو ينتمون لعربان الشتات کما يدعِّي الدرديري وبقية أبواق النظام الإسلامي البا7د ما هو إلا نتيجة لما غرسه الإسلاميين فيهم وتم ترسيخها في عقلهم الباطن ولو أن السودان يتعرض للغزو من تشريقة عربان الشتات فعلاً فإن من يتحملون نتيجة هذا الغزو الممنهج هم الکيزان والدرديري ومن تبع ملتهم. نحن لا نفرح بحدوث الشر ودليلنا هو مقالي المنشور عندما تم إستدراج والي غرب دارفور الراحل الجنرال خميس أبکر وتم إغتياله بدم بارد من قبل قوات الدعم السريع في مدينة الجنينة; فقد قمنا بتحميل اللواء عبدالرحمن جمعة بارك الله مس5ولية ذلك احدث وطالبنا بمثوله أمام محکمة العدل الدولية لکننا لم نسارع لنزع سودانيته منه. فما قامت به تلك القوات لم يکن إلا إستمراراً لما ظلوا يقومون به علي مر العقود الماضية من قتل علي إساس إثني دون خوف من أي تبعات لمثل هکذا أفعال وقد قتل الجنرال خميس أبکر بنفس الطريقة التي إغتال بها الجيش السوداني الراحل وليم دينق نيال علي مشارف مدينة التونج عام 1968م ولم يقدم أي جناة لأي محکمة ولو علي سبيل التمثيل دعك مما تم من أبادة لأهلي الدينکا في بابنوسة والمجلد عام 1977م أو لما تم في الضعين من جرا7م يندي لها الجبين عندما أبيد ما يقارب من خمسة ألف مواطن من الدينکا حرقاً في قسم الشرطة وداخل الکنيسة وفي السوارع عام 1987م حسب الروايات الرسمية لحکومة الصادق المهدي أو لما يقارب العشرة ألف نفس حسب روايات الناجين من الدينکا. يجب أن يقبل الدرديري أن يتعايش مع حقيقة أن الدعم السريع وحرس الحدود والجنجويد ومن قبلهم مما سمي بالقوات الصديقة أو بالمليشيات الجنوبية هي صنيعة القوات المسلحة السودانية ذي العقيدة القتالية الموجهة لتقسيم السودانيين علي أسس إثنية تفضيلية وقد قبل الجنوبيين بالتعايش مع القوات الصديقة في شکل cohabitation ويعملون علي دمج هذه المليشيات المتنافرة في جيش قومي واحد کما يفعل الأحباش حالياً بقيادة اادکتور أبي أحمد بدلاً من محاولات التنکر لها علي طريقة "الشينة منکورة" ونسب بني عمومته من المسيرية والرزيقات لعربان الشتات إرضاءاً لرواية مثلث حمدي الذين ي5منون بالمقولة الشا7هة "أن ما يأتي من الغرب لا يسُّر القلب" وهي مقولة تعود لعهد الخليفة عبدالله التعايشي عندما جاءت جيوشه تحت قيادة الأمير يونس ود دکين وإستباحت شندي والمتمة وما زالت تلك الذکريات الم5لمة عالقة في العقل الجمعي لسکان الشمال النيلي وتکراره يولد مذيداً من الغبن التاريخي والرغبة في الإنتقام لذلك ينکرون سودانية ه5لاء البقارة ذوو البأس الشديد القادمون من بوادي وسهول کردفان ودارفور بعمقها القبلي المتواصل داخل دول الجوار; لکن الحقيقة هي أن معظم السودانيين من سکان الحدود لهم عمق قبلي ممتد لدول الجوار والأمر ليس حکراً علي البقارة; ففي جنوب السودان قبل إنفصالها کان المرء يجد النوير والأنيواك في قمبيلا الإثيوبية والأشولي والمادي والکاکوا في يوغندا والأزاندي في کل من الکونغو وأفريقيا الوسطي والمساليت والزغاوة في تشاد بل أن القرعان تمت إعادة إستيطانها بالکامل في دارفور قادمين من تشاد هربا من الجفاف والتصحر في ثمانينات القرن الماضي وکذلك تجد قبا7ل الخاصة والهدندوة وکثير من مجموعات البجا وناس ترك بإمتدادهم القبلي داخل إريتريا و قبا7ل الکنوز الممتدة لداخل مصر; إذن لماذا التنکر علي سودانية عربان دارفور وکردفان من قبل منسوبي الحرکة الإسلامية کما يفعل الدرديري حاليا. هل هو التهرب من الترکة المس7ية أم حشد عاطفة القبا7ل الأخري ضد عرب البقارة وتطبيقاً لخطاب الکراهية التي تدعو "جميع الشباب السودانيين – من الشمال النيلي بالطبع لحمل السلاح" والقتال بجانب القوات المسلحة – النيلية أيضا- ضد عربان البقارة ولم يجدوا من ينشر مثل هکذا فکرة إلا الدکتور الدرديري محمد أحمد الدخيري المسيري من التبون حتي يقولوا "أن قد شهد شاهد من أهلها"!!! ما الثمن الذي قبضه الدرديري ليحرَّض السودانيين الاَخرين ضد أهله – المغرر بهم أصلاً منذ عقود والذين تم إدخالهم في فتنة دارفور الکبري عام 2003م کما يقول الدرديري نفسه في مقاليه المشار إليهما وفي فتن أکبر ضد الجنوبيين والنوبة في عقود خلت. هل يلعب الدرديري دور المتورك بوعي أم أنه ما يذال في خانة "الميم نون". الملاحظ أنه عندما قال الراحل الدکتور جون قرنق دي مبيور مقولته المشهورة أن السودان دولة معطوبة شديدة العطب لدرجة لا يمکن إصلاحها کان يقصد ما يقوم به أمثال الدرديري من الکيل بمکيالين وتبرير الفعل القبيح والتنکر من نتيجة ذلك العمل الشنيع. يکرر الدرديري مقولته الشريرة "أن هناك حرب لا بد من خوضها" في تماه مع الدعوات الحالية للمذيد من تجييش الشباب السوداني وخلق مليشيات جديدة للإستمرار في خوض الخرب بالوکالة عن الإسلاميين کما فعلوا أيام جهادهم في جنوب السودان ناسياً أن هذه ستکون اَخر حروب السودان وأن السودانيين في تشتتهم الحالي سيجتمعون علي کلمة سواء وسينبذون التفرقة والشتات لأن الشنقلابي لم يترك أحداً لم يفتح له عيونه أو کما يقول حميدتي. [email protected]