بمجرد أن طالعت الخبر المثير للدهشة للحد البعيد الذي نشر في موقع اليوم التالي بتاريخ يوم الجمعة 22/ ديسمبر الجاري تحت عنوان "لبحث الأزمة السودانية".. الأمين العام للمؤتمر الشعبي "على الحاج" يلتقي سلفا كير بالقصر الرئاسي بجوبا ، كان المفروض أن تعتريني الدهشة من هذا اللقاء الذي اصلا ما كان من المفروض أن يتم علي اعتبار أن علي الحاج من المطلوبين القبض عليه بعد هروبه من سجن كوبر في يوم السبت 15/ أبريل الماضي بتهمة التخطيط والاشتراك في تنفيذ انقلاب الجبهة الاسلامية عام 1989م ، لم اندهش لان ما حدث ويحدث في سودان اليوم من غرائب وعجائب يندر أن نجدها في اي بلد أخر قتل عند كل السودانيين الشعور بالاندهاش ، واصبحنا نتقبل كل شيء غير معقول وفوق تصور الخيال يقع في البلاد بعدم المبالاة والاكتراث. وهنا كان لابد أن اتوجه بسؤال للسلطات الأمنية الثلاثة – الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الوطني والشرطة- الي جانب النيابة العامة ، كيف خرج علي الحاج من المطار الي جوبا بكل سهولة وبلا معوقات او احتجاز ، وهو من المطلوبين القبض عليه بناء علي القرار الذي اصدره البرهان في يوم السبت 2/ ديسمبر الجاري ، ونص القرار القبض على منسوبي النظام البائد الفارين من السجون ، والضالعين في إشعال حرب الخامس عشر من أبريل؟!! . سؤال الي وزير الداخلية ، حصل علي الحاج علي تأشيرة خروج في جوازه من ادارة الجوازات والهجرة ، فهل نفهم أن ادارة الجوازات تجاهلت عن عمد قرار البرهان الخاص بالقبض على منسوبي النظام البائد الفارين من السجون ، ومنحت السجين الهارب تأشيرة تسمح له الخروج من البلاد رغم أنف البرهان وقراره؟!! . هل حصل علي الحاج تاشيرة الخروج بتوجيهات عليا من مجلس السيادة ، ام من البرهان نفسه؟!!، ألا يعتبر سفر علي الحاج فضيحة كبيرة أكدت أن قرار البرهان الخاص بالقبض على منسوبي النظام البائد الفارين من السجون مجرد قرار غير ملزم بالتنفيذ ، ولا يتمتع باي قدر من الاحترام من وجهة نظر السجناء الهاربين!! . أعود الي خبر نشر في صحيفة "الراكوبة" يوم الاثنين 25/ ديسمبر الجاري ، تحت عنوان : "استخبارات القوات المسلحة تنفذ حملة اعتقال لمتطوعين وأعضاء لجان مقاومة وناشطين سياسيين" ، جاء فيه ، أن مجموعة محامو الطوارئ كشفوا عن أن الاستخبارات العسكرية للقوات المسلحة نفذت حملات اعتقال في مناطق سيطرتها موجهة ضد القوى السياسية والمدنية من المناهضين للحرب وينشطون في غرف الطوارئ بتحريض من عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول في إطار تصفية حسابات الخصومات السياسية مع كل قوى ثورة ديسمبر المجيدة ، التي وصفتها بالحملة المسعورة ، ونوهت إلى ان العديد من اسر المعتقلين السابقين لدى الفرقة الاولى مشاة بود مدني قبل سيطرة قوات الدعم السريع عليها ، لا يعلمون شيئا عن مصير ابناءهم ، وتخوفت من ان يؤدي اعتقال مدنيين في مثل هذه الظروف وتداعيات الحرب التي أصبحت تطرق أبواب المدن والأقاليم السودانية بدون استثناء لتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر ، وطالبت قيادة القوات المسلحة بالافراج الفوري عنهم ، وحملتهم كامل المسؤولية على ضمان سلامتهم."- انتهى- وهنا اسأل المسؤولين في الاستخبارات العسكرية : ايهما أحق بالقبض عليه علي الحاج وبقية الفارين من السجون والقتلة الذين صدر في حقهم قرار بالاعتقال .. ام المتطوعين وأعضاء لجان مقاومة وناشطين سياسيين؟!! . وحتي إن افترضنا جدلا أن أعضاء لجان المقاومة والناشطين السياسيين ارتكبوا جرم يحاسبون عليه وعليه تم اعتقالهم ، فهل جريمتهم أقوي من ما ارتكبه علي الحاج ، النافع ، علي عثمان ، أحمد هارون ، علي كرتي الفاتح عزالدين ، والطيب محمد خير "سيخة"؟!! … لماذا تجاهلت الاستخبارات العسكرية عن عمد اعتقال الفارين وازدرت بقرار البرهان وتجاهلته كان الأمر لا يعنيها؟!! . هل الضباط الاسلاميين المنتمين في جهاز الاستخبارات العسكرية هم من يقومون بحملات اعتقالات المواطنين وتعذبهم في مقراتها العسكرية وتداهم المنازل ليل نهار وفي نفس الوقت يقومون هؤلاء بحماية الضباط الاسلاميين السجناء السياسيين الفارين من السجون لأنهم فصيل من "الحركة الاسلامية؟!!"… والا كيف نفهم تصرفات هؤلاء الضباط الاسلاميين في انحيازهم للسجناء السياسيين والقتلة علي حساب لجان المقاومة والناشطين السياسيين؟!! . مما يزيد من الدهشة في اللقاء الذي تم بين سلفاكير وعلى الحاج ، أن إدارة مراسم رئاسة الجمهورية في جوبا كان الواجب عليها أن تبطل هذا اللقاء مع سلفاكير علي اعتبار أنه ليس من المعقول ولا من اصول الدبلوماسية، أن يقابل رئيس الجمهورية مجرم هارب من العدالة ومطلوب القبض عليه بقرار رسمي صدر من البرهان!!، تصرف غريب صدر من سلفاكير الذي يعرف علي الحاج حق المعرفة وان علي الحاج كان واحدا من الذين شاركوا البشير في حكمه وله ضلع كبير في حرب الجنوب!! . شيء لا يصدقه العقل!!، الرئيس سلفاكير كير قابل من قبل البرهان في جوبا ، وقابل اخيرا علي الحاج ، فكيف علي "المستوى الدبلوماسي" تساوي عنده البرهان وعلي الحاج؟!! . واخيرا ، عاد علي الحاج من جوبا بعد أن كسب لنفسه نجاح يجعل الأجهزة الأمنية تتحاشى اعتقاله مجددا وهي مقابلة احرجت البرهان اشد الاحراج بعد أن ثبت انه لا يقوي علي اعتقال أحد!! ، علي الحاج قالها بطريقة عملية : "يا برهان ، قراراك بله واشرب مويته"!! .