سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بريطانيا ترسل أحدث سفنها الحربية للخليج.. والأسطول الأميركي يستعد للمواجهة مع إيران.. تضارب المواقف الأوروبية بشأن البدء في تنفيذ العقوبات النفطية على إيران
أرسلت بريطانيا أحدث سفنها الحربية إلى الخليج للقيام بأول مهمة مقررة منذ أكثر من عام، وتم هذا وسط توتر بين الغرب وإيران في شأن مضيق هرمز. وأعلنت وزارة الدفاع، أمس، أن المدمرة «ديرينغ» ستنضم إلى السفن العسكرية البريطانية الأخرى في المنطقة. وقال متحدث باسم الوزارة إن «للبحرية الملكية حضورا متواصلا» في الخليج منذ «سنوات عدة، وخصوصا سفينة الدورية (ارميلا) والسفن التي جاءت بعدها منذ 1980». وأضاف المتحدث أن ديرينغ «تحل محل فرقاطة في المنطقة»، موضحا أنها «عملية تبديل روتينية» و«مقررة منذ فترة طويلة». والمدمرة «ديرينغ» هي الأولى من ست مدمرات جديدة ستحل محل السفن البريطانية من نوع 42 الموجودة في الخدمة منذ 1970. ووصفت صحيفة «ديلي تلغراف»، أمس، السفينة المرسلة «إتش إم إس ديرينغ» بأنها أقوى سفن بريطانيا الحربية. ويأتي إرسال هذه السفينة في حين تتزايد حدة التوتر بين البلدان الغربيةوطهران بعد تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يعبره نحو 35 في المائة من النفط العالمي. وسبق أن هدد مسؤولون عسكريون إيرانيون بإغلاق هذا المضيق إذا ما فرضت عقوبات جديدة على الصادرات النفطية الإيرانية بإيعاز من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لحمل إيران على التخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. وحذرت البحرية الإيرانية أيضا من أنها سترد إذا ما عادت حاملة طائرات أميركية إلى منطقة مضيق هرمز. وقال وزير الدفاع البريطاني، فيليب هاموند، الذي زار واشنطن الخميس، إن بريطانيا والولاياتالمتحدة ستحرصان على أن يكون أي رد محتمل على استفزاز من جانب إيران «مدروسا جدا وعلى ألا يحصل تصعيد جانبي». حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وفي سياق آخر، اعتبرت إيران أمس أن قيام البحرية الأميركية بالإفراج عن 13 بحارا إيرانيا احتجزهم قراصنة صوماليون سفينتهم، يشكل «بادرة إنسانية إيجابية». وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست لشبكة «العالم» التلفزيونية: «نعتبر أن عمل القوات الأميركية التي أنقذت حياة البحارة الإيرانيين بادرة إنسانية إيجابية، ونرحب بهذه البادرة»، وأضاف: «نعتبر أن على جميع الأمم أن تتخذ موقفا كهذا». وكانت وسائل الإعلام الإيرانية تجاهلت عموما إعلان البنتاغون إنقاذ البحرية الأميركية ل13 بحارا إيرانيا، أول من أمس، واعتقال 15 قرصانا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وكان الجنرال عطاء الله صالحي، قائد الجيش الإيراني، حذر، الثلاثاء، البحرية الأميركية من العودة إلى الخليج، وأشار مباشرة إلى حاملة الطائرات «جون سي ستينيس». وقال: «ننصح حاملة الطائرات الأميركية التي عبرت مضيق هرمز والموجودة في بحر عمان بألا تعود إلى الخليج الفارسي. وإيران لا تنوي تكرار تحذيرها». وعلى الرغم من هذه التهديدات، وعدت واشنطن بإبقاء سفنها الحربية في الخليج، معتبرة أن تحذيرات إيران تظهر «ضعفها»، وتؤكد فعالية العقوبات. ومن جهتهم، ربط خبراء أميركيون بين الحشود البحرية الأميركية في الخليج واتصالات أميركية مع دول أوروبية وآسيوية للتضييق على قدرة إيران على بيع نفطها. وأمس، قال متحدث باسم البيت الأبيض إن إدارة أوباما تجري اتصالات مع دول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وفرموزا لتخفيض وارداتها من النفط الإيراني، لكنه رفض الحديث عن أي تفاصيل، على اعتبار أن الاتصالات لا تزال مستمرة «في نطاق الجهود الدولية لمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية». وفي الخارجية الأميركية، كررت فيكتوريا نولاند نفس الرأي. وفي إجابة عن سؤال حول زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى دول في أميركا الوسطي والجنوبية، قالت إن «هذه الدول تعرف سياستنا نحو إيران. وتعرف أننا لن نسمح لإيران بأن تنتج قنابل نووية». وقال خبراء أميركيون إن التصاعد في المواجهة الأميركية مع إيران بدأ في الشهر الماضي، بعد نشرة تقرير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تتقدم نحو إنتاج قنبلة نووية. وقبل أسبوعين، قال ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي، إن إيران يمكن تنتج قنبلة نووية في «نحو سنة.. وربما أقل». وأضاف، في مقابلة مع تلفزيون «سي بي إس»: «ينبغي أن لا تعبر إيران الخط الأحمر. إذا فعلت ذلك، فسوف نتخذ الخطوات الضرورية لوقف ذلك». وقالت مصادر إخبارية أميركية إن التركيز على الحشود العسكرية في الخليج إلى جانب أنه من باب الضغط على إيران هو أيضا، ومن زاوية أخرى، بعد تقارير وصلت إلى البيت الأبيض بأن العقوبات الاقتصادية لا تكفي لمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية. وأيضا، بسبب تقرير صدر مؤخرا من خدمة أبحاث الكونغرس، التابعة للكونغرس، عن عدم تحقيق تأثيرات قوية للعقوبات الدولية المفروضة على إيران. وعن عدم وجود تأثير ملموس على اقتصادها الذي ينمو بمعدل سنوي يبلغ 3.5 في المائة، وهو معدل ليس سيئا بالنسبة للوضع العام، كما قال التقرير. وكان الرئيس باراك أوباما، وقع، في الأسبوع الماضي، على قانون أصدره الكونغرس؛ بأنه في غضون 180 يوما يقدر على فرض عقوبات على أي مؤسسات مالية أجنبية تتعامل مع البنك المركزي الإيراني. وأن الهدف هو أن حظرا واسع النطاق للتعامل مع المصرف المركزي الإيراني سوف يشل التعامل الأجنبي المالي والاقتصادي لإيران. وسوف يخفض كثيرا احتياطي العملة الصعبة من عائدات النفط التي تدر على إيران، رابع أكبر مصدر للنفط في العالم، نحو 75 مليار دولار سنويا. وسبق أن قال متحدث باسم البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، إن الإدارة تعمل مع حلفائها الأوروبيين وغيرهم لتكون «في وضع يسمح لها بالتحرك، بأقصى قدر من الفعالية، لتنفيذ العقوبات، مع تجنب الانعكاسات السلبية لأسواق النفط الدولية». وقالت مصادر إخبارية أميركية إنه، تحسبا لتأثير التوتر على تجارة النفط، ارتفعت الأسعار ارتفاعا حادا في الأسبوع الماضي، وإن العملة الإيرانية، الريال، انخفضت إلى حد أدنى جديد. وقال مايكل ادنر، خبير الشؤون الشرق أوسطية في معهد ودروو ويلسون في واشنطن: «صارت الخطابة ساخنة، وصارت التهديدات تكتسب زخما تلقائيا. هذه الأشياء، إذا تطورت إلى الأمام، سيكون من الصعب إيقافها أو إعادتها إلى وضعها الأول». وقال نصر فالي، خبير أميركي إيراني في معهد بروكنغز في واشنطن: «الخطر هو أن تبادل التهديدات قد يدفع الولاياتالمتحدةوإيران تجاه الصراع، بدلا عن التسوية السلمية. هذا التصعيد للتوتر بين الولاياتالمتحدةوإيران هو بداية لمرحلة أكثر خطورة، بسبب محاولات الغرب للحد من البرنامج النووي الإيراني». تضارب المواقف الأوروبية بشأن البدء في تنفيذ العقوبات النفطية على إيران رغم الاتفاقات المبدئية باريس: ميشال أبو نجم رغم الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه دول الاتحاد الأوروبي على مستوى الخبراء والممثلين في بروكسل بصدد حظر استيراد النفط الإيراني كإجراء عقابي بحق طهران بسبب برنامجها النووي، فإن الكثير من المسائل العالقة ما زالت تحتاج إلى تسوية ومخارج لتحاشي الإضرار بالمصالح الاقتصادية والتجارية الأوروبية. وبالتوازي مع الموضوع النفطي، بات واضحا أنه ليس من المؤكد اليوم أن تنجح الدول ال27 في التوافق حول تجميد الأصول والودائع الإيرانية العائدة للبنك المركزي الإيراني ووقف جميع التعاملات المالية معه في الأيام وربما في الأسابيع المقبلة. ويبدو أن نسبة التشدد في الموضوع النفطي مرهونة بمدى تبعية كل بلد من البلدان الأوروبية للخام الإيراني. ولذا، يمكن تصنيف البلدان الأوروبية في خانتين: فالبلدان التي لا تعتمد بنسبة مرتفعة على النفط الإيراني تبدو الأكثر تشددا مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا.. وبالمقابل فإن البلدان الأوروبية المتوسطية (اليونان، وإيطاليا، وإسبانيا.. ) تبدو أكثر ترددا وهي ترهن سيرها بالعقوبات الجديدة بشرطين اثنين: توفير مصادر نفط بديلة عن النفط الإيراني واعتماد مبدأ التدرج الزمني في تطبيق العقوبات مما سيعطيها الوقت الكافي لإعادة ترتيب أوضاعها النفطية. وبالنظر إلى هذه العوائق، فإن الخارجية الفرنسية تحدثت أمس عن «اتفاق مبدئي» على العقوبات التي تأمل باريس بأن تقر رسميا ونهائيا في نهاية الشهر الجاري بمناسبة اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين. غير أن الاتفاق شيء وبدء تنفيذه شيء آخر. فثمة عقود نفطية والتزامات موقعة ومعمول بها بين طهران والبلدان الأوروبية أو شركاتها. وهذه الأخيرة مضطرة إلى الوفاء بالتزاماتها. ولذا، فهناك حاجة إلى فترة «سماح» للبدء في التنفيذ الفعلي للعقوبات الجديدة. وبالتالي، فإن النقاش بين الأوروبيين يدور اليوم حول تحديد هذه المهلة.. لا بل إن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي طالب في حديث نشر في صحيفة «لو فيغارو» أمس بوضع خاص لشركة النفط الإيطالية «إيني». وقال مونتي: «إيطاليا تستورد 13 في المائة من نفطها من إيران بينما فرنسا تستورد 3 في المائة. (ومع ذلك)، فإن حظرا لاستيراد النفط ممكن شرط أن يكون متدرجا وأن تستثنى منه الكميات النفطية التي تحصل عليها شركة (إيني) من أجل إيفاء الديون المستحقة لها على إيران والبالغة مليار يورو». ومعلوم أن «إيني» تصدر المشتقات النفطية لإيران وتحصل مقابلها على نفط خام. وكما إيطاليا، فإن اليونان تريد فترة سماح تمتد إلى عام أو أكثر بينما التوجه العام، وفق ما تقوله مصادر واسعة الاطلاع في باريس، يقوم على اختصارها لثلاثة أشهر. وستسخر فترة الأسابيع الثلاثة الفاصلة عن تاريخ اجتماع بروكسل للمساومات، خصوصا أن العقبات ليست فقط نفطية. وبحسب هذه المصادر، فإن ألمانيا ليست متحمسة لتجميد أموال وأصول البنك المركزي الإيراني ولا لوقف المعاملات المالية معه باعتبار أن شركات ألمانية كبيرة من هامبورغ لها عقود والتزامات في إيران. وفي أي حال، فإن فرنسا التي تشتري شركتها النفطية «توتال» كميات كبيرة من النفط الإيراني مستمرة في الدفع باتجاهين: فرض العقوبات النفطية مصحوبة بالعقوبات المالية على البنك المركزي الإيراني، والدعوة إلى التشدد في قبول العرض الإيراني بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وتريد باريس من طهران أن تظهر «حسن نية» في موضوع المفاوضات بحيث لا تأتي إليها من أجل كسب الوقت وإطالة المفاوضات إلى ما لا نهاية. والمشكلة اليوم، كما تشرح ذلك مصادر مطلعة عن كثب على ملف المفاوضات، أنه «لا أفكار جديدة مطروحة على الطاولة يكون من شأنها الخروج من الطريق المسدود الذي آلت إليه في السابق». والطرح الجديد جاء فقط من موسكو التي اقترحت، من جهة، وقفا لتصعيد العقوبات على إيران مقابل تجميد إيران زيادة قدراتها التخصيبية لليورانيوم بنسبة 20 في المائة. والحال، أن إيران تخطت هذه المرحلة بعد أن أعلنت أنها بدأت في إدخال قضبان اليورانيوم الصلب التي صنعتها إلى مفاعل طهران للأغراض التجريبية والطب والزراعة.. فضلا عن ذلك، رفضت باريس ومعها واشنطن العرض الروسي الذي عاد وأحياه الرئيس الإيراني في اتصال مع الرئيس ديمتري ميدفيديف أول من أمس. وترجح المصادر الأوروبية أن تكون الدول ال27 تفضل إقرار العقوبات الجديدة أولا قبل العودة إلى طاولة المفاوضات لأنها بذلك ستعود إليها من موقع قوة. والمشكلة مع إيران أن ملفها النووي يتداخل بملف الصواريخ وبملف التهديدات لإغلاق مضيق هرمز، فضلا عن الدور الذي تلعبه في الملف السوري، الأمر الذي يجعل التفاوض معها بالغ التعقيد. وبسبب هذا الوضع، تعتبر هذه المصادر أن المخارج قد لا تكون ممكنة مع إيران إلا في إطار «تسوية شاملة» تأخذ بعين الاعتبار موقع إيران ومصالحها بحيث لا يكون «النووي» سوى عنصر من عناصر التسوية.. والحال أن أمرا كهذا يحتاج إلى دور أميركي فاعل قد يكون العثور عليه صعبا في الوقت الحاضر بسبب الانتخابات الرئاسية الأميركية وما يرافقها من اتخاذ مواقف ومزايدات ليس من شأنها تسهيل الحلول، وبالتالي فإن الأمر الملح هو.. الانتظار.